• DOLAR 34.944
  • EURO 36.745
  • ALTIN 2979.98
  • ...
الكاتب حسن ساباز: الموت بعز أم العيش في ذل؟
Google News'te Doğruhaber'e abone olun. 

كتب الكاتب "حسن ساباز" في زاويته الأسبوعية:
"إنّ القدس بالنسبة للمسلمين بلدة مباركة ومقدسة؛ بسبب ﴿ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَى ٱلَّذِي بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ﴾.

والقدس بالنسبة لليهود كانت عاصمة مملكة داود ومدينة هيكل سليمان.
والقدس وما حولها بالنسبة للنصارى ذات قيمة مهمّة لما فيها من أهم الرموز الدينية والتاريخية، فهذه البلدة هي مولد وموطن سيدنا عيسى وأمه وفيها شهدا النعم الإلهية، وفي القدس مزار السيدة مريم، وحسب المعتقد النصراني فيها حدث الصلب.

وبعدما قويت النصرانية، لم تمنح اليهود حق الحياة في القدس، فمنذ بداية القرن الرابع حتى القرن السابع مُنع اليهود من الدخول إلى القدس التي كانت تحت حكم الإمبراطورية الرومانية.

وفي خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه حاصرت جيوش الإسلام بقيادة أبي عبيدة بن الجراح المدينة، ووافق حاكم المدينة البطريرق "صفرونيوس" على الاستسلام، لكنّه طلب أن يُسلّم مفتاح المدينة إلى سيدنا عمر رضي الله عنه بذاته، فقدِم سيدنا عمر من المدينة المنورة إلى القدس، وفتح المسلمون القدس سنة 636 ميلادية، فكان الفتح الأول للقدس صلحاً بلا حرب وبدون سفك دم، وغيّر سيدنا عمر اسم المدينة من إيليا إلى القدس.
وكتب للنصارى ميثاق أمان "العهدة العمرية"، وحسب العهدة العمرية تمّ تأمين حياة النصارى وأموالهم، ولن تُمس كنائسهم وصلبانهم، وقد طلب النصارى من المسلمين خصوصاً ألا يسمحوا لليهود بدخول القدس، وتمّ تطبيق هذه المادة لبعض الوقت، ثمّ سُمح لليهود بدخول القدس، فكان وجود اليهود في القدس تحت الحكم الإسلامي.

واستمرّ ذلك 450 سنة حتى جاء الصليبيون واستولوا على القدس بجيوشهم الكبيرة، ولم يسمحوا لأحد مسلماً أو يهودياً أن يبقى حياً في القدس، حيث ذكر ابن الأثير أنّهم قتلوا سبعين ألفاً من المسلمين، وحتى المؤرخين الغربيين نقلوا ذلك متباهين بفظاعة هذه المذبحة وكيف أنّها لم تدع أحداً على قيد الحياة.

ودام هذا الظلم لثمان وثمانين سنة، إلى أن منّ الله تعالى على الأمة بصلاح الدين الأيوبي، ونال صلاح الدين جزاء إخلاصه وتضحيته وجسارته وتوكله على الله، ففُتحت القدس، وسلك صلاح الدين سبيل سيدنا عمر، فلم يمس المعابد، ولم ينتقم أو يقوم بمذابح ومجازر.

وعادت القدس تحت الحكم الإسلامي، وتعايش المسلمون والنصارى واليهود في نفس المدينة، فالإسلام هو العدالة بذاتها، وهذا ما شهده الجميع لمئات السنوات في القدس.

ثمّ أتى الصليبيون مرة أخرى شاعلين نيران الفتن في القدس وما حولها، ونقلوا قوافل اليهود الذين طالما عبر التاريخ ذبحوهم ولم يعاملوهم بشراً، واستوطنوهم القدس وما حولها، وأسّسوا منظمات عبارة عن عصابات يهودية إرهابية، وقدّموا لها كل أنواع الدعم المادي والسلاح، فقتلوا الفلسطينيين واستوطنوا بيوتهم واستولوا على أراضيهم، وجعلوا الملايين منهم لاجئين.

وفي عصر العالم الثنائي الأقطاب، كانت بعض الجماعات الفلسطينية تتطلع لدعم من الكتلة الشرقية، لكنّها كانت تتعرض للخيانة كل مرة، وصاروا معروفين بكونهم فدائيين وبعمليات الاغتيال، وقد وقف الشعب الفلسطيني بأكمله مع المقاومة الإسلامية ضد المحتل، واندلعت الانتفاضات، وبقي العالم صامتاً حيال التعذيبات والإعدامات والحصارات اللاإنسانية والرسمية، وتوسع الاحتلال خطوةً خطوةً، وتنفيذ سياسات الاغتيالات والإعدامات جهاراً بلا رادع.

ثمّ قامت حروب الفرقان، وتمسكت القبضات بسيف القدس، ومع عملية طوفان الأقصى، فإنّ أبطال المقاومة الإسلامية الكرام الذين اختاروا الموت بعز على الحياة في ذل انتقلوا من الدفاع إلى الهجوم.

وانطلق الصليبيون من جديد بسفنهم، وأعلنت أوروبا الدعم للإرهابيين المحتلين الذين لا يعرفون أي قيم إنسانية، وقالوا أنّ الحصار سيشتد، ولن يصل إلى غزة ماء، ولن يدخلها دواء، وهدّدوا بالقتل والموت الذين باعوا ﴿أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَ ٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ﴾".
(İLKHA)



Bu haberler de ilginizi çekebilir