مَحۡمَد إيشين: بوصلتنا يجب أن تكون القدس
أكد الأستاذ "محمد إيشين" أنّه يجب أن تكون بوصلة المسلمين المشتركة هي القدس.
قال الأستاذ "محمد إيشين" في زاويته الأسبوعية:
"إنّ المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين عند المسلمين يقع تحت سيطرة وتحكم الاحتلال الصهيوني.
وإنّ الصهاينة يدركون أنّ المسجد الأقصى هو ما يجعل القدس قدساً ويزيد من أهميتها، فهم يعدّون الأيام لإعلان القدس عاصمة دولتهم، ويترقبون الفرصة لإعلان احتلالهم للأقصى بحكم الواقع، وكل الجهود والتطورات الجارية في جغرافية العالم الإسلامي لها هدف واحد، هو قيام دولة صهيونية عاصمتها القدس.
فبعد أن تفككت الدولة العثمانية، وقام على أراضيها عشرات الدول المصطنعة، ولم تستحق أي دولة ومنها تُركيا الإرث العثماني، لم تظهر أي دولة أو قوة جديدة تقوم بحمل راية الأمة، وتراجع المسلمون في المجالات المادية، وضعُفت روابطهم المعنوية مع الإسلام، وضعُفت بينهم مشاعر الأخوة، وقدّسوا دولهم القومية المصطنعة، وتقاتلوا فيما بينهم، فكل ذلك وأكثر، تمّ تنفيذه لتأمين وضمان أمن نظام الاحتلال الصهيوني، بل ما زالوا يتخذون خطوات أخرى، ولا بُدّ أنّ التصفية في العالم الإسلامي بالتخلص من حكام الدول المسلمين، الوطنيين، المستقلين، الشرفاء، لم تكن كافية، فبدأت تصفية الدول القائمة والتخلص منها، كيلا تبقى أي دولة أو بنية.
وهم مدركون أنّ هذا الكيان المطوّق بالجغرافية الإسلامية التي بشعوبها ودولها تعتبره عدواً لا يمكن الاعتراف به ولا التطبيع معه، ليست له أي فرصة للبقاء والصمود، فلا بُدّ القيام بكل شيء، يجعل جسد الأمة ينظر إلى الورم الصهيوني ويراه أمراً طبيعياً، ليتوقف هذا الجسد عن محاربة هذا الورم، فلذلك، بواسطة الضغط والابتزاز، والتهديد والحظر والحصار، والوعود الاقتصادية والسياسية، اضطرت الدول الإسلامية أن تتخذ خطوات "للتطبيع".
وفي السابق، كان بعض حكام الدول المتلهفون للخيانة، يقومون بهذه العلاقة سراً خلف الأبواب المغلقة، لكن صاروا يقومون بذلك جهراً وعلناً، ولو لم يخشوا الشعوب والأمم المسلمة لقاموا بأكثر من ذلك
وكان المعتاد عند حدوث اعتداءات ومداهمات صهيونية للأقصى أو هجمات ومجازر صهيونية تستهدف الفلسطينيين، أنّ يدين رؤساء وحكام الدول الإسلامية ذلك، وأن تُعلق المفاوضات مع الصهاينة، لكن مع الأسف، حتى ذلك لم يستمر.
فمع استمرار تنفيذ مخططات احتلالية جديدة في أراضي القدس وفلسطين، واعتداءات وانتهاكات صهيونية على الأقصى كل يوم، تستمر اللقاءات مع زعماء عصابات النظام الصهيوني الملطخة أيديهم بالدماء، وتُلتقط الصور معهم، وتُبادل الزيارات، مع التغني بالخطوات السياسية والاقتصادية المشتركة.
فيجب العلم أنّ الصهاينة لن يكون منهم صديق أو حليف أو شريك.
وأنّ دماءهم ولحومهم وعظامهم غُذيت ونبتت من سرقتهم ونهبهم للشعب الفلسطيني.
وأنّ النفط والغاز وجميع الثروات الظاهرة والباطنة هي ثروات مسروقة وملك مغصوب من الفلسطينيين والأمة.
وأنّ من يمنح للصهاينة أصبعاً يفقد يده، ومن فقد يده يفقد ذراعه وبدنه، ويفقد شرفه وعزته وكل ما لديه.
وأنّ التاريخ لن يذكر من أدار ظهره لقضية فلسطين، أو من لم يناضل لأجل حريتها، أو من طبّع مع احتلالها، أو من كان خادماً لمحتليها، وستنسى الإنسانية أسماءهم.
فالله تعالى جعل لمن عمل وكافح وقاوم لأجل تحرير القدس من الاحتلال العزة في الدنيا والآخرة.
و"صلاح الدين الأيوبي" هو أكثر مثال مجسد لذلك، فليس محبوه فقط، بل حتى العدو يعرفه ويقدره، ويدل على ذلك أنّ "صلاح الدين الأيوبي" هو أكثر شخصية مسلمة معروفة بعد نبينا سيدنا محمد ﷺ في العالم الغربي.
وفي هذه الأيام، مع مرور الذكرى 836 لتحرير القدس بقيادة "صلاح الدين الأيوبي" من الاحتلال الصليبي، على الجميع أن يُعيد النظر في صفه وموقفه، وأن تكون وجهته وبوصلته نحو القدس تماماً، ولا خير في أي شخص أو حاكم أو مؤسسة أو دولة لا تكون القدس وجهتها وبوصلتها". (İLKHA)