الشيخ القره داغي يصدر فتوى حول حكم المشاركة في الانتخابات واختيار النواب أوالرئيس
أصدر الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الأستاذ الدكتور "علي القره الداغي" فتوى حول حكم اختيار النواب أو الرئيس في الانتخابات.
أجاب الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فضيلة الدكتور "علي القره داغي" في بيان حول الانتخابات، والحكم الشرعي لاختيار نواب في البرلمان أو رئيس للبلاد، خاصة قبل الانتخابات التي ستجري في تركيا في 14 أيار/ مايو الجاري، جاء فيه:
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
أولاً: إن الوسائل الجديدة لاختيار الرئيس من الانتخابات المباشرة، أو غير المباشرة داخلة في الوسائل، ومعتبرة بمقاصدها ومآلاتها، ونتائجها، ولذلك قد تصل إلى الوجوب، كما أنها تتوارد عليها الأحكام الشرعية التكليفية الخمسة من الإيجاب والندب، والتحريم، والكراهة، والإباحة.
ولذلك قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، عندما سئل عن حكم الانتخابات فأجاب قائلاً: " أنا أرى أن الانتخابات واجبة، ويجب أن نعين من نرى فيه خيراً، لأنه إذا تقاعس أهل الخير، من يحلّ محلهم؟؟، سيحل محلهم أهل الشر، أو الناس السلبيون الذين ما عندهم خير ولا شر، أتباع كل ناعق، فلا بد أن نختار من نراه صالحاً"، وأنا مع هذه الفتوى تماماً التي لخصت ما كنا نريد تفصيله، إذن فالواجب على المسلم أن يختار من هو الأصلح، وإن لم يوجد فيختار الصالح، ولا يجوز له أن يختار الشخص الفاسد و المفسد والفاسق الفاجر الذي لا يخاف الله تعالى، ولا يخدم شعبه وأمته، لذلك فالواجب على المسلمين أن يكونوا واعين، وأن لا يغتروا بالأكاذيب والافتراءات التي تقوم بها وسائل الإعلام المضلة، أو شياطين الإنس، فالكلمة أمانة، وشهادتكم أمانة، فأنت مسؤول أين تضعها وإلا فتدخل في الخيانة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم ولشعبك وأمتك، فقال تعالى :{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} الأنفال 27.
وهو أيضاً غش فقال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "من غش فليس منا " (رواه مسلم).
حرمة اختيار من ليس أهلاً لأي منصب عام:
ومن المعلوم أن المناصب العامة أمانات، ومسؤولية أمام الله تعالى، والأمانات من أعظم التكاليف في الإسلام؛ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح: "لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له"، وقال أيضاً لأبي ذر: "يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها، وأدى الذي عليه فيها" (رواه مسلم في صحيحه)، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : "من استعمل رجلاً على عصابة – أي جعله مسؤولاً عن جماعة – وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين". (رواه الحاكم وصححه)
وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من آثار اختيار، أو انتخاب من ليس أهلاً للمنصب، وسماه بالخيانة، وضياع الأمانة، فقال : "إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال : كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة". (رواه البخاري في صحيحه)
ولذلك يستغرب أشد الاستغراب من المسلمين أو من بعض الأحزاب التي تنتسب إلى الإسلام أن يتولوا الفسقة والعصاة، وأصحاب الأفكار الضالة ويختاروهم للمناصب العامة، فهذا محرم بالإجماع وبالنصوص الشرعية الكثيرة؛ فقد قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} المائدة 51.
وأشد حرمة ومعصية أن يختار المسلم الفاسق المنحرف أمام الشخص المسلم المعروف عنه الصلاح والإصلاح وخدمة الأمة أو الشعب، فتلك جريمة أكبر وخيانة أعظم عند الله تعالى،وضلالة، وعماية عن الحق المبين.. والله المستعان.
حكم المشاركة بالانتخابات والإدلاء بالأصوات
وبعد وصول عدة رسائل من جهات متعددة طلبت بيان الحكم الشرعي للمشاركة بالانتخابات والإدلاء بالأصوات في الانتخابات، فقد أجاب الدكتور القره داغي:
إن الحكم الشرعي مرتبط بالفعل نفسه، وبآثاره ومآلاته المحققة، وبما أن نجاح شخص صالح، أو غير صالح يتحقق بزيادة الأصوات، أو نقصانها؛ فإن المشاركة بالصوت لصالح شخص صالح ومصلح تدخل في باب التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله تعالى به، وأن اختيارشخص فاسد ومفسد وفاجر فاسق من باب التعاون على الإثم والعدوان؛ لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}المائدة 2.
والأدلة كثيرة في هذا المجال، وبناء على ذلك فإن المشاركة بالأصوات هي من الوسائل، وبالتالي تأخذ حكم نتائجها ومقاصدها، فالوسيلة إلى أداء الواجب، مثل التعاون على البر والتقوى، واجبة، والوسيلة إلى تحقيق الحرام والظلم والمعاصي حرام، مثل المساهمة في تمكين ظالم أو مجرم، وهكذا قال العلماء بأن المقاصد معتبرة بوسائلها، وفي ضوء ذلك فإن المشاركة في الانتخابات أمر مشروع من حيث المبدأ، تتوارد عليه الأحكام التكليفية الخمسة أو السبعة.
وباختصار شديد فإن المشاركة لاختيار الصالح أو الأصلح مطلوبة وواجبة في الإسلام، وأن الإدلاء بالشهادة بحق، ولمن يستحقها مطلوب شرعاً، ويصبح الكاتم لها آثماً عاصياً، قال تعالى: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}البقرة 283.
لذلك يجب في نظري المشاركة واختيار من هو الأصلح، لما ذكرنا، وأن من يختار فاسداً وظالماً آثم، ويشارك في آثار حكمه، ويتحمل جزءاً من آثامه.. والله المستعان. (İLKHA)