صلاح الدين العواودة: إن جود الكيان الصهيوني في فلسطين يعني سيطرة الغرب الاستعماري على العالم
قال الباحث في الشؤون الإسرائيلية بمركز رؤية للتنمية السياسية الأسير المحرر صلاح الدين العواودة: "إن مشاريع احتلال المنطقة وتقسيمها وإقامة كيانات فيها متفرقة ومتنازعة وتخضع كلها للسياسات الغربية هي مشاريع تم الاتفاق عليها في المطابخ السياسية الغربية".
في لقاء خاص أجرته وكالة إيلكا للأنباء ذكر الباحث في الشؤون الإسرائيلية بمركز رؤية للتنمية السياسية الأسير المحرر "صلاح الدين العواودة" أن العدو للعالم الإسلامي وللعالم العربي وللعالم أجمع هو الغرب الاستعماري الذي يترأسه ويتزعمه الصهيونية المسيحية البروتستانية، وهذا الغرب الاستعماري هو الذي أخرج المسلمين من الأندلس، وهو الذي أسقط الدولة العثمانية وفككها، وهو الذي فكك وصنع العالم وشكّله كما يريد، وهو الذي فرض النظام العالمي الحالي وليس إسرائيل، ولكن إسرائيل هي إحدى هذه التجليات.
"الكيان الصهيوني هو مجرد رأس حربة لمشروع استعماري كبير، وفلسطين هي مركز الصراع"
وقال: "إن الكيان الصهيوني المعروف اليوم للناس باسم دولة إسرائيل هو مجرد ظاهرة صغيرة جداً لمشروع أكبر منه بكثير، وهو مجرد أداة، وممكن تسميته أنه رأس حربة لمشروع استعماري كبير جداً يؤثر في كل العالم، وليس في فلسطين فقط، ولا في البلاد العربية ولا في البلاد الإسلامية فقط، وإنما هو رأس حربة المشروع الاستعماري الغربي البروتستانتي المسيحي، بما يعني من استعمار وحروب صليبية وصراع حضارات وكل هذه المعاني تتلخص في الكيان الصهيوني".
وتابع قائلاً: "إن جود الكيان الصهيوني في فلسطين يعني سيطرة الغرب الاستعماري على العالم، ولاسيما على العالم العربي والإسلامي، وهناك البعض من يحاول أن يصور الصراع في فلسطين بأنه صراع بين المسلمين واليهود أو بين الشعب الفلسطيني ومجموعات يهودية، وهذا نوع من التزوير تمارسه الحركة الصهيونية الاستعمارية الغربية وليست الحركة الصهيونية اليهودية، فالحقيقة أن الديانة اليهودية واليهود في العالم يتم استخدامهم كأداة من أدوات هذا الصراع؛ للسيطرة على العالم، وللسيطرة على العالم العربي والإسلامي".
وبيّن أن مشاريع احتلال المنطقة وتقسيمها وإقامة كيانات فيها متفرقة ومتنازعة، وتخضع كلها للسياسات الغربية هي مشاريع تم الاتفاق عليها في المطابخ السياسية الغربية، وآثار هذه السياسات ملموسة في كل العالم، فهي ملموسة في العلاقة مع الصين، وفي العلاقة مع شرق آسيا، وفي العلاقة مع روسيا، وفي الصراع الآن بأوكرانيا، فهناك سياسات تطبخ في الغرب، والشرق الأوسط هم من يدفعون ثمنها، وأحد تجلياتها هي فلسطين.
وذكر بأن قضية الدولة العثمانية وإرثها وسايكس بيكو قضية معروفة لكل الناس، واحتلال فلسطين من قِبل بريطانيا عام 1917 معروف لكل الناس، فإن الحقائق التاريخية تتحدث عن صراع غربي مع العالم الإسلامي، وصراع سيطرة على العالم ليس مع المسلمين فقط، وإنما مع كل شعوب ما يسمى بالعالم الثالث، مع أمريكا الجنوبية ومع إفريقيا ومع آسيا، فهو صراع بين الغرب الاستعماري من جهة، وباقي شعوب العالم وأمم العالم من جهة أخرى، وإنّ فلسطين هي فقط في مركز هذا الصراع، وبالتالي نجد الاهتمام العالمي أيضاً في القضية الفلسطينية ليس تعاطفاً مع الشعب الفلسطيني بقدر ما هو استشعاراً لهذا الخطر على العالم أجمع؛ لأن الكل يدرك هذه الحقيقة، وإن الأزمة اليوم في أوكرانيا، والأزمة مع الصين حول تايوان، والأزمة مع الصين حول تحرر الصين اقتصادياً وانتشارها في العالم، والأزمة على الطاقة وعلى أسعار النفط وعلى الغاز كلها قضايا متعلقة باستبداد الغرب وسيطرته على العالم، ويتلخص ذلك في جزئيةٍ منه وهي الصراع في فلسطين.
"إن العدو للعالم الإسلامي وللعالم العربي وللعالم أجمع هو الغرب الاستعماري الذي يترأسه ويتزعمه الصهيونية المسيحية البروتستانية"
وفي جوابه لسؤالنا كيف ينجح الكيان الصهيوني أوالموساد أن يتعاون مع جميع استخبارات العالم؟! أجاب قائلاً:
"يوجد في الحقيقة دعاية صهيونية الهدف منها ترسيخ قناعة لدى الشعوب العربية والإسلامية تحديداً، ولدى الشعب الفلسطيني خصوصاً، بأن إسرائيل عبارة عن أخطبوط استخباري، وتسيطر على دول كبرى، وتسيطر على العالم، وأنها أخطبوط اقتصادي من خلال عائلة روتشيلد وعائلة روك فيلير، وتتحكم في البنك الدولي وما إلى ذلك، ولكن الحقيقة ليست كذلك، إنما إسرائيل هي مجرد أداة في يد ماكينة تسيطر على العالم، وتسيطر على الاقتصاد العالمي، وهذه الماكينة هي من تحاصر روسيا وتحاصر الصين وليس فلسطين فقط، ومقرهذه الماكينة واشنطن وليس إسرائيل ولا تل أبيب، إنما تل أبيب وإسرائيل هي إحدى أدواتها، فهذه النقطة يجب أن نركز عليها دائماً؛ لأنه ليس معقولاً أن عدة ملايين من البشر جاءوا من إثيوبيا وروسيا وبولندا وأشتات من العالم يسيطرون على العالم، وليس معقولاً بأن من كان يُلاحق في أوروبا بسبب اعتناقهم للدين اليهودي قد أصبحوا فجأة يسيطرون على أوروبا ويسيطرون على الولايات المتحدة، فهذه خرافة وكذبة يسوقها الاستعمار لشعوبنا".
وتابع قائلاً: "إن العدو للعالم الإسلامي وللعالم العربي وللعالم أجمع هو الغرب الاستعماري الذي يترأسه ويتزعمه الصهيونية المسيحية البروتستانية، وهذا الغرب الاستعماري هو الذي أخرج المسلمين من الأندلس، وهو الذي أسقط الدولة العثمانية وفككها، كما أن هذا الغرب الاستعماري هو الذي فكّك الاتحاد السوفيتي، وهو الذي احتل أمريكا الجنوبية، واحتل إفريقيا، واحتل آسيا، وفكّك وصنع العالم وشكّله كما يريد، وهو من هزم ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، وهزم اليابان، وهو الذي فرض النظام العالمي الحالي وليس إسرائيل، إنما إسرائيل هي إحدى التجليات، وإحدى الثمار، وشأنها كشأن بعض الأنظمة في المنطقة التي صُنعت بعد سايكس بيكو، وذلك بعد اتفاقيات بين الدول الكبرى والدول الغربية الاستعمارية فقد قُسمت المنطقة ووُضعت أنظمة من ضمنها النظام الصهيوني، وإذا رجعنا للتاريخ سنجد كثيراً من المحطات مثل اتفاق لندن عام 1840 الذي بناء عليه أُلزم "محمد علي باشا" بأن يبقى في حدوده بمصر وفي شمال إفريقيا والسودان ولا يصل إلى اسطنبول بعد أن كانت قواته قد وصلت إلى الأناضول وهددت الخلافة العثمانية، فهناك كان اتفاق للسيطرة على فلسطين حتى تكون حاجزاً بين دولة "محمد علي" والدولة العثمانية، فهذه نبذة عن عمق المسألة في التاريخ بعيداً عن اليهود؛ لأن اليهود لم يكن ذلك الوقت لهم ظهور في الشاشة، وأيضاً حقيقة تاريخية أخرى أن اليهود منذ خيبر لم يكن بينهم وبين المسلمين صراع حتى عام 1948، يعني حتى جاء بهم البريطانيون كغلاف للاستعمار لمشروعهم الاستعماري الجديد.
"اليهود كانوا يعيشون بسلام مع المسلمين على مر التاريخ الإسلامي، وبالمقابل كانوا يعانون من الاضطهاد في روسيا وفي أوروبا"
وأوضح "عواودة" بأن اليهود عاشوا في الدولة العثمانية بسلام، وعاشوا في الدولة العباسية بسلام، وفي الدولة الأموية وفي الأندلس عاشوا مع المسلمين بسلام وبحقوق كاملة، ولم يكن مشكلة بين اليهود والمسلمين، وبالمقابل كانوا يعانون من الاضطهاد في روسيا وفي شرق أوروبا وفي غرب أوروبا عند الغرب العنصري تحديداً الذي يكره الإسلام ويكره اليهودية ويكره كل ما هو غير مسيحي، فبالتالي فكرة أن الصراع مع اليهود هي أكذوبة يسوقها الغرب، حتى أن اليهود في العالم هم حوالي 13 مليون أو 14 مليون يهودي نصفهم ليس صهيوني، ونصفهم لم يأتِ إلى فلسطين ومازال يعيش في حيث هو، ولا يرغب بالقدوم إلى فلسطين، وكثير من الجماعات اليهودية ترى في المشروع الصهيوني مشروع استعماري عدواني ولا يمثلهم كيهود، فإذن المشروع الاستعماري الصهيوني في فلسطين هو تمثيل للاستعمار الغربي المجرم العنصري وليس ممثلاً للديانة اليهودية، ولا يعبر عن صراع بين اليهود والمسلمين.
وأكّد "عواودة" أن هذه هي الحقيقة وأنه يجب أن نقرأ التاريخ ونقرأ الحاضر على هذا الأساس، لذلك فالموضوع ليس فقط فلسطين، إنما الموضوع هو السيطرة على العالم، واليوم كل العالم يدفع ثمن هذه السيطرة، فكل الحروب التي تجري في المنطقة من ليبيا إلى اليمن إلى سوريا، والأحداث في تركيا في الجنوب وفي الشرق، وفي كل العالم يحركها لوبي واحد يعيش في واشنطن وفي لندن وليس في فلسطين ولا في تل أبيب، ولكن إحدى تجلياته في تل أبيب، فإذا أردنا أن نواجه هذا الخطر فيجب أن نعرف أبعاده بهذا الشكل. İLKHA))