نظام الانقلاب يبيع أصول الدولة لتخفيف الأزمة المالية..
نظام الانقلاب سيبيع أصول الدولة ويخصخص قطاعات حيوية، منها موانئ وبنوك وفنادق وشركات اتصالات وتعليم ومشروعات بنية تحتية، وطاقة وتحلية مياه و10 شركات قطاع أعمال عام، إضافة إلى إعادة هيكلة قطاع النقل البحري والبري والسكك الحديدية.
انتهى نظام الانقلاب من إعداد المشروع النهائي لبيع العديد من أصول الدولة وخصخصة قطاعات حيوية، منها موانئ وبنوك وفنادق وشركات اتصالات وتعليم ومشروعات بنية تحتية، وطاقة وتحلية مياه و10 شركات قطاع أعمال عام، وشركتان تابعتان للقوات المسلحة، إضافة إلى إعادة هيكلة قطاع النقل البحري والبري والسكك الحديدية.
على أن يتم البدء بإجراءات البيع خلال الأسابيع المقبلة وعقب إفراج صندوق النقد الدولي عن قرض ضخم يسعى نظام الانقلاب للحصول عليه في إطار مواجهة أزمة مالية طاحنة وضغوط شديدة على سوق الصرف الأجنبي والعملة المحلية، وتراجع في إيرادات النقد الأجنبي، خاصة من قطاع السياحة، وزيادة كلفة الواردات، خاصة الحبوب والأغذية والوقود جراء تداعيات الحرب الأوكرانية وزيادة أسعار القمح عالمياً.
وقد لاقت خطة بيع أصول الدولة ردود فعل غاضبة في الشارع المصري وبين المهتمين بالشأن العام والتي وصفها بعضهم بالخطيرة لتفريطها في الأصول والشركات العامة وحقوق المصريين لحساب المستثمرين الأجانب، وعدم قصرها على شركات قطاع الأعمال كما جرت العادة أيام حكم مبارك، بل امتدت إلى قطاعات استراتيجية ومشروعات البنية التحتية وخدمات مرتبطة مباشرة بالموطن.
وكان مصطفى مدبولي رئيس حكومة الانقلاب قد كشف الأحد الماضي عن بعض ملامح خطة بيع أصول الدولة الأحد الماضي والتي تشمل العديد من القطاعات المهمة، ومنها دمج أكبر 7 موانئ مصرية في شركة واحدة وطرحها في البورصة، بالإضافة إلى عدد من الفنادق المملوكة للدولة ومشاريع النقل الحديث.
وذكر أن حكومته انتهت بالفعل من تقييم ما يمثل 9.1 مليارات دولار من أصل عشرة مليارات دولار، تمثل قيمة الأصول المملوكة للدولة التي تعتزم طرحها في أول سنة من أربع سنوات تنوي الدولة فيها طرح أصول قيمتها 40 مليار دولار (بواقع عشرة مليارات دولار كل سنة)، وهي الخطة التي كان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أعلن عنها للمرة الأولى في إفطار الأسرة المصرية، في إبريل الماضي.
وتتضمن وثائق المشروع الجديد فصل إدارة الموانئ، ووضعها تحت إدارة شركة قابضة موحدة، تسمح بالبيع ودخول القطاع الخاص في الاستثمار وإدارة حركة الشحن والتفريغ، في الموانئ التجارية، مع إشرافها على الإدارة والمساهمة مع القطاع الخاص في ملكية الموانئ الجافة، التي تقام حول القاهرة الكبرى والمحافظات.
وأكدت مصادر لـ"العربي الجديد" موافقة أجهزة الأمن القومي على برنامج بيع أصول الدولة المثير للجدل والذي انتهت الحكومة من إعداده، وسيتم عرضه على برلمان الانقلاب بعد موافقة صندوق النقد الدولي على القرض الجديد الذي طلبته الحكومة وتقدر مصادر قيمته بأنه يتراوح ما بين 8 و10 مليارات دولار، مع مراجعة مشروع إدارة هيئة موانئ دبي لميناء العين السخنة، مع كثرة شكاوى المتعاملين منه، رغم توجيه الدولة نحو 4 مليارات جنيه لتطويره العام الحالي.
مخاطر خصخصة الموانئ
ووفق "العربي الجديد" فقد تقرر تطبيق برنامج الخصخصة لإدارة الموانئ البحرية، في ميناء الإسكندرية، كمرحلة أولى، خلال العام المالي الجديد، وربطه بميناء 6 أكتوبر الجاف، مع مدّ خط سكك حديدية بتمويل من القطاع الخاص، يربط بين محطة بشتيل شمال الجيزة، والميناء الجاف، الذي سيصبح جزءاً من المنطقة الجمركية لميناء الإسكندرية، بما يسمح بالتداول الفوري للحاويات من السفن إلى موقع ميناء 6 أكتوبر الواقع غرب القاهرة. على أن تستكمل إجراءات الفحص الفني والجمركي، بعيداً عن الزحام الشديد، الذي يعاني منه ميناءا الدخيلة والإسكندرية.
وفي محاولة لامتصاص المخاوف من طرح الموانئ للخصخصة، أكدت الحكومة أن الخصخصة للموانئ، تتعلق بالإدارة والتشغيل، دون البيع نهائياً، لأسباب أمنية، لا سيما ميناء الإسكندرية، الذي يقع على مساحة 10.5 كيلومترات، في قلب المدينة التاريخية، ويضم قاعدة بحرية عسكرية.
وفي المقابل، يؤكد مراقبون أن طرح هذا الكم الكبير من الموانئ المصرية دفعة واحدة للخصخصة وإدراج أسهمها في البورصة فيه مخاطر كبيرة. وفي هذا السياق، قال الأستاذ السابق بكلية الهندسة والخبير الاستشاري ممدوح حمزة على صفحته في فيسبوك إن هيئة موانئ دبي أرادت أن تشتري ميناء واحداً في أمريكا، فرفض الكونجرس وجميع مؤسسات الدولة هذا العرض، وقالوا إن الموانئ تعد ضمن منظومة الأمن القومي ويجب ألا يمتلكها أجانب.
وأضاف أن النظام يبيع الأصول ليحل الأزمة المالية الخانقة، وهو ما ستكون له أضرار بالغة على البلاد.
ووفق مصادر رسمية فإن لجوء الحكومة إلى بيع أصول وخصخصة قطاعات استراتيجية يأتي في محاولة لتوفير السيولة الكافية للحد من الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها. وبالإضافة إلى بيع بعض الأصول تتجه الحكومة للاقتراض الخارجي بشراهة بهدف الحد من أزماتها في ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وزيادة عجز الموازنة والتراجع الحاد لعملتها المحلية أمام الدولار.
امتياز السكك الحديدية
حسب "العربي الجديد"، يضم مشروع الخصخصة الذي أعدته الحكومة أيضاً السماح للمستثمرين بتملك قطاع النقل، سواء البري أو السكك الحديدية، عبر إعادة هيكلة شاملة لهيئة السكك الحديدية، بما ينهي احتكارها لخدمات النقل، والسماح للقطاع الخاص لأول مرة منذ إنشائها عام 1834 بـ "امتياز" إنشاء وتمويل وإدارة خطوط السكك الحديدية والجرارات والمحطات والمنشآت التجارية الواقعة على مسارها، بنظام "التطوير والبناء والإدارة وتحويل الملكية DBOT" بعد فترة زمنية لا تتعدى 15 عاماً.
وتقررت إعادة هيئة النقل البري، على أن تضم إنشاء شركة مستقلة لنقل البضائع العامة، تشمل خدماتها النقل البحري والبري والسكك الحديدية، مع السماح للقطاع الخاص بإنشاء شركات موازية، تتنافس مع الجهات الحكومية في تقديم الخدمات اللوجستية المتكاملة.
وتقرر إنشاء هيئة مستقلة، لتصبح جهازاً تنظيمياً خاصاً يسمى "جهاز تنظيم مرفق النقل"، للرقابة على جودة الخدمات المقدمة من الشركات العامة والخاصة، ويتولى وضع أسعار مرور القطارات الخاصة، على خطوط السكك الحديدية، المملوكة للدولة، والرقابة على تنفيذ جداول الشحن والتفريغ، بما يحقق ضمان وصول البضائع طبقاً للجداول الزمنية المتفق عليها، وعدم الاكتفاء بأن تكون أولوية المرور على الخطوط لقطارات الركاب فقط.
ويضع المشروع الجديد نظاماً واضحاً لشحن البضائع، والعبور على السكك الحديدية، وتعرفة الرسوم، لاستخدام البنية التحتية في الموانئ والسكك الحديدية والطرق العامة، واستخدامها من قبل المشغلين، وإجراء العقود، ووضع خريطة واضحة أمام القطاع الخاص، الراغب في الاستثمار في مشروعات السكك الحديدية وملكية الموانئ الجافة، وإدارة الموانئ البحرية، والعمل على ضمان تنويع شركات النقل متعددة الوسائط، التي يمكنها الجميع بين ملكية شركات النقل البري والبحري والسكك الحديدية.
وسيتم ربط خط سكك الحديد الجديد بشبكة السكك الحديدية القديمة، الممتدة نحو 9570 كيلومتراً، بما يسمح بربط الميناء الجاف بموانئ السويس وبورسعيد، ودمياط، كما سيتم مد خط بطول 8 كيلومترات، من الميناء الجاف ليتصل بخط سكة حديد الواحات ـ دهشور المرازيق، ليرتبط بخطوط قطار الصعيد، حتى مدينة أسوان جنوب البلاد، لتمر قطارات الشحن للحاويات والسوائل من دون الدخول في منطقة "عنق الزجاجة" المحيطة بالقاهرة الكبرى، والتي تسبب أزمات مرورية وحوادث متكررة للقطارات.
قرض وشروط البنك الدولي
وفي الوقت الذي فشلت فيه شركة "سيمنز" الألمانية في توفير حصة الشريك الأجنبي في مشروع القطار السريع، وقدرها 4.5 مليارات يورو، التي تعهدت بتوفيرها في مارس الماضي، تقدمت الحكومة في مشروعها الجديد، منذ يومين، بدراسة تفصيلية للبنك الدولي، تطلب فيه اقتراض 777 مليون دولار، لتمويل خطة خصخصة إدارة ميناء الإسكندرية، والمساهمة بحصة الدولة في تمويل إنشاء الخط الحديدي، الذي سيربط محطة بشتيل بميناء 6 أكتوبر الجاف.
وأكدت الحكومة في تقريرها للبنك الدولي أن القرض المطلوب سيعمل على تهيئة قطاع النقل المصري، لدخول القطاع الخاص في ملكية تلك المشروعات، وتحسين إدارة الموانئ، ودخول القطارات الخاصة على ممرات السكك الحديدية، بما يؤهل السوق لقبول مبدأ الخصخصة، في قطاع لا تستطيع الدولة حالياً تحمل أعباء تمويل إدارته ومشروعاته بمفردها، وتعويض الخسائر المستمرة في التشغيل، مع تقادم نظام التشغيل بالموانئ، والقطارات والخطوط والمحطات الحالية.
ويواجه ميناء الإسكندرية صعوبات عالية في التشغيل، رغم إنفاق نحو 12 مليار جنيه، خلال الفترة الماضية، بما يعادل 764 مليار دولار على تطوير 87 منصة، بطول 24.9 كم. ويعاني الميناء الذي يشكل 60% من حركة الصادرات والواردات بالموانئ المصرية من خسائر فادحة سنوياً، بسبب القيود الجمركية، والتأخير في المناولة، ومحدودية مناطق التخزين والمناورة، وزحام سيارات الشحن والبضائع، داخل وخارج الميناء، وصعوبة الاتصال بشبكة الطرق لوقوعه في قلب مدينة شديدة الزحام.
وكشف تقرير حكومي عن تراجع نقل البضائع عبر السكك الحديدية خلال 15 عاماً، من 12 مليون طن سنوياً إلى 3 ملايين طن. وبينما يحقق نقل البضائع 21% من إيرادات السكك الحديدية يتسبب في تحقيق خسائر تمثل 15% من إجمالي الخسائر السنوية لهيئة السكك الحديدية، التي تعتمد في مواردها على القروض المحلية والدولية، بضمان الموازنة العامة للدولة.
(İLKHA)