موقـف الشريعـة الإسلاميـة من الاحتكـار وغـلاء الأسعـار
الحروب والأزمات قد تأدي إلى الاحتكار وغلاء الأسعار، وفي نتيجة هذا الاحتكار يتضيق ويتضرر المجتمع، وهذا ما دعا دائرة الإفتاء برابطة علماء فلسطين أن تشارك موقف الشريعة الإسلامية من الاحتكار وغلاء الأسعار.
الاحتكار وتخزين السلع.. ظاهرة ليست بجديدة على مجتمعنا.. لكنها عادت الآن وبقوة خاصة مع قرب دخول شهر رمضان المبارك.. وكثير من التجار أصابهم الجشع فأرهقوا إخوانهم الضعفاء بغلو الأسعار واحتكار البضائع التسعير من غير ضرورة مظلمة.. والمصلحة تقتضي تدخل الشريعة ورفض كل مظاهر الطمع الصادرة وعلى الحاكم إنذار المحتكرين لبيع السلع بأثمان معتدلة..
وهذا ما دعا دائرة الإفتاء برابطة علماء فلسطين أن تشارك موقف الشريعة الإسلامية من الاحتكار وغلاء الأسعار.
إليكم كامل متن الإفتاء؛
"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه، وبعد:
يتجه بعض التجار في أوقات الحروب والأزمات إلى الاحتكار وغلاء الأسعار، لاسيما في الحاجات الأساسية التي يحتاجها الناس عمومًا، ولذا فإننا نبين في هذه الفتوى الموقف الشرعي من هذه المسألة، فنقول وبالله التوفيق:
أولاً: يقصد بالاحتكار: حبس التجار طعام الناس وأقواتهم عند قلتها وحاجتهم إليها ليرتفع السعر ويغلى.
ثانيًا: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الاحتكار محرم في الشريعة الإسلامية، واستدلوا على ذلك بجملة من الأدلة، منها: أخرجه مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحتكر إلا خاطئ"؛ قال الإمام الشوكاني رحمه الله في كتابه نيل الأوطار: (والتصريح بأن المحتكر خاطئ كاف في إفادة عدم الجواز؛ لأن الخاطئ المذنب العاصي).
وفي مسند الإمام أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من احتكر طعامًا أربعين ليلةً فقد بَرِئ من اللهِ تعالَى وبرِئ اللهُ تعالَى منه وأيُّما أهلُ عَرصةٍ أصبح فيهم امرؤٌ جائعٌ فقد برئت منهم ذمةُ اللهِ تعالى"، وما روى عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن دخلَ في شيءٍ من أسعارِ المسلمينَ ليُغْليَهُ علَيهِم فإنَّ حقًّا علَى اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى أن يُقْعِدَهُ بعِظَمٍ منَ النَّارِ يومَ القيامةِ ".
ثالثًا: توعد الله المحتكر بالعقاب في الدنيا قبل الآخرة، فقد جاء في الحديث الذي أخرجه ابن ماجه عن عمر رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس".
رابعًا: وضع الفقهاء شروطًا للاحتكار المحرم، يمكن أن نجملها فيما يأتي:
1. أن يكون المحتكَر طعاماً، وفي كل ما يحتاجه الناس ويتضررون بحبسه من قوت وإدام ولباس ونحو ذلك.
2. أن يكون تملك السلعة عن طريق الشراء، وعليه فلو تملكها عن طريق الهبة أو الإرث، أو كان ذلك حصاد زرعه ثم حبس السلعة فلا يعتبر ذلك احتكاراً.
3. أن يترتب على حبسها التضييق والضرر عليهم.
وأخيراً ننبه إلى أن التجار إذا احتكروا ما يحرم احتكاره فإن على الحاكم أن يأمرهم بإخراج ما احتكروه وبيعه للناس، فإن لم يمتثلوا ذلك أجبرهم على البيع إذا خيف الضرر على العامة، أو أخذه منهم وباعه هو ورد عليهم الثمن.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم"
دائرة الإفتاء برابطة علماء فلسطين
(İLKHA)