عبد الدائم معروف الهوراماني: يجب أن نسعى لإيجاد البيئة التي تسهم في تحقيق الوحدة
قال عبد الدائم معروف الهوراماني، وهو من العلماء الأفاضل في إقليم كردستان بالعراق، يجب أن نسعى لإيجاد البيئة التي تسهم في تحقيق الوحدة في أي صورة تتحقق وعلى أي وجه تأتي، وذلك عن طريق مجموعة من التدابير والفعاليات العلمية والتربوية والسياسية.
شارك عبد الدائم معروف الهوراماني، في الملتقى السادس للعلماء، الذي نظمه اتحاد العلماء والمدارس الإسلامية في تركيا عبر منصة زووم بسبب ظروف وإجراءات ضد وباء كورونا.
وأكد الهوراماني، على أن الوحدة واجب مقدم ومقدس، وكم من واجبات أهملت وتوقفت بسبب عدم الوحدة الإسلامية، وكم من أمراض في الصحوة الإسلامية مصدرها عدم الوحدة بين المسلمين.
وأشار إلى أنه من الضروري أن نتكلم حول هذا الموضوع وأن نقف برهة من الزمن في ظل ما يهم الأمة الإسلامية بدل المصالح الشخصية والمصالح الصغيرة.
وأضاف أن مفهوم الوحدة الإسلامية مفهوم واضح ومحدَّد، وهو أن يكون المسلمون أمّة واحدة مُتَّحدة، لا مجرد شعوب إسلامية متفرقة، والفرق بينهما يتجلى في عنصر الهدف الواحد الذي يسعى لأجله الجميع و يغيب بينها التنازع والتناحر لأجله.
وأوضح أن الوحدة الإسلامية معناها أن تجتمع قلوب المسلمين على قلب رجل واحد، وأن تشيع بينهم روح الألفة والمحبة والتعاون.
وشدد على أنه يجب على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يتعاونوا تعاوناً ثقافياً وحضارياً واقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، ومن هنا فوحدة المسلمين هي وحدة القلوب، ووحدة الكلمة، ووحدة الهمِّ، والهدف، والغاية، وهي وحدة ثقافيةٌ وحضاريةٌ واقتصاديةٌ، وأخيًرا و وحدة سياسيةٌ عامة. قد أمرنا الله تعالى بالوحدة في آيات كثيرة، منها قول الله تعالى: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا. ولقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بالبناء الواحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا".
وأضاف أنه شبههم أيضا بالجسد الواحد، وهذا من قوة الترابط والتماسك وعظيم الإحساس الذي يربط المسلمون بعضهم ببعضص حيث قال صلى الله عليه وسلم: "مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
وقال في هذه العجالة أود أن أذكر الخطوات العملية التي يجب اتخذها لأجل وحدة هذه الأمة المجروحة. لأن الوحدة الإسلامية ليست شعاراً يرفع في المحافل والاجتماعات والمؤتمرات، بل هي منهج وثقافة تقوم على أسس معينة منها:
الإحساس بأن المسلمين مهما تباعدت أقطارهم وتفرقت بينهم بسبب حدودهم فهم جميعاً أخوة في الدين، "اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
وتطرق إلى الوسائل التي يمكن أن تتحقق بها الوحدة الإسلامية فهي غير منحصرة، وهي تخضع دائماً لمعطيات العصور وملابساتها، فقد تتحقق في زمان عن طريق التغلب لكيان إسلاميِّ ينشأ مبكراً فيسعى إلى ضم الكيانات الأخرى تحت لوائه ويأطرها على الوحدة أطراً، ثم تكون بعد ذلك عملية تكييف الناس تربويا على المتغير الجديد، وقد تجلت ذلك في التأريخ .. وهي ممكنة الوقوع مستقبلاً، غير أننا لا نرى لها إمكانية على المدى القريب المنظور.
وقال قد تتحقق عن طريق تنامي ظاهرة نشوء كيانات ودول إسلامية رشيدة تتواصل وتتعاون وتتكامل وتمثل بهذا قطبا جاذبا للبلاد الإسلامية الأخرى التي تجد نفسها مضطرة للدوران في فلكها رعاية لمصالحها.
وأكد لكنَّنا مخاطبون بواجب لا ينظرنا ولا يهملنا؛ لذلك يجب أن نسعى لإيجاد البيئة التي تسهم في تحقيق الوحدة في أي صورة تتحقق وعلى أي وجه تأتي، وذلك عن طريق مجموعة من التدابير والفعاليات العلمية والتربوية والسياسية، تعدّ واجباً عاجلاً لا يسقط بذريعة انتظار الصورة المثلى
من هذه الفعاليات: هو
قيام مؤسسات تربوية وتهتم بتربية المجتمع على الأخلاق تربية عملية التي تحقق الوحدة في إطارها الأخلاقي، وتعمل على نشر ذلك في الأمة بكافة وسائل النشر المتاحة، وتركز اهتمامها على الكوادر المؤثرة. ويبدو أن هذه خطوة فريدة ووحيدة وعملية ومفيدة اليوم ولا سيما المحاولة في إفهام عامة الناس أهمية الوحدة الإسلامية ... وهذا من أهم واجبات الوقت للدعاة.
ومنها أيضا إنشاء رابطة إعلامية مستقلة تقدم أنموذجا مثالياً في العمل الإعلامي الذي يتصف بالمهنية والمصداقية، ويسعى في نشر منتجات المؤسسات الأخرى، ويكون اهتمامها الأكبر هو نشر الوعي المرتبط بواجب الوحدة في دوائرها المتعددة.
ومنها السعي بين الدول الإسلامية التي تتمتع بنوع من الاستقلال لإيجاد نوع من التكامل الاقتصادي والتعاون السياسي والعلمي حتى والعسكري، وقد يكون للعلماء من التخصصات المختلفة والجامعات والمؤسسات العلمية وغيرها دور كبير في هذا إلى جانب بعض الدبلوماسيين المعروفين بإخلاصهم.
وقال فإذن ما أراه ضروريا من واجب الوقت أن الخطوة الأولى على الدعاة والمشايخ في تأسيس مؤسسات تهتم بالوحدة والثانية على الإعلاميين في فتح قنوات خاصة من أجل الخدمة للوحدة والثالثة على الدول الإسلامية.
واختتم كلمته بالتالي: "أقول هذا وأسأل الله أن يؤلف بين قلوب الأمة كما ألف بين قلوبنا في زمن عزنا ورشدنا. وأسأل المولى أن يبلغ سلامنا إلى حضرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في شهر مولده المبارك". (İLKHA)