الأستاذة مروة أوكر: حملة للحجاب ودعوة إلى الفضيلة
تناولت الأستاذة مروة أوكر في مقالها تراجع القيم الإنسانية وابتعاد الإنسان عن الفطرة، مما أدى لاستغلال النساء في الأسواق الرأسمالية وحرمانهن من أدوارهن الأسرية، واعتبرت الحجاب دعوة للعودة للفضيلة والكرامة، ليس فقط غطاءً للجسد، بل رمزاً للشخصية والقيم، ودعت النساء إلى تبني هذا النداء كوسيلة لإحياء القيم وحماية المجتمع.
كتب الأستاذة مروة أوكر مقالاً جاء فيه:
إن الابتعاد عن الفطرة والطبيعة الإنسانية، وتراجع الفضائل والأخلاق والعفة والوفاء والمحبة وكل القيم الإنسانية مع مرور الأيام، يقابله تناقص ملحوظ في السعادة والطمأنينة، والتآلف والتعاون، والعلاقات الإنسانية في أفضل حالاتها، أصبح واقعاً يدركه الجميع.
فالإنسان، الذي خُلق في "أحسن تقويم" (أعلى المراتب)، إذا تجرّد من خصاله الإنسانية، فإنه يهبط إلى دركة أدنى من الحيوان، ليصبح جندياً متطوعاً للشيطان، وفي هذا العصر، ربما نشهد أكبر ضربة توجه لسلالة آدم (عليه السلام) عبر انعدام الحياء والتعري.
لقد لوثت مفاهيم الحضارة والمساواة والحرية والحداثة عقول البشرية جمعاء، لكنها استهدفت النساء بشكل خاص، وألحقت بهن أذى عظيماً. في خضم موجات الفجور وانعدام العفة والتعري، كانت النساء الفئة الأكثر تضرراً. فمن جهة، يتم استغلال أجسادهن ونفوسهن الثمينة كبضاعة رئيسية في أسواق الشركات الرأسمالية وأرباحها، ومن جهة أخرى، يُحرمن من القيم الراسخة التي تمنحهن الطمأنينة والمكانة، مثل أدوارهن كأمهات وزوجات، وقد أُبعدن عن قلاعهن العائلية وبيوتهن، حيث كان من المفترض أن يجدن السكينة والانتماء.
في هذا العصر، تُعتبر النساء اللاتي يعرضن أجسادهن جريئات وحرات، بفعل العبارات اللامعة التي تخدع العقول، غير أنهن في الحقيقة يُستخدمن كمواد خام لعجلة الاستغلال الرأسمالي، وأُجبرن على استهلاك منتجات تلك العجلة، ونتيجة لذلك، أصبح الكثير منهن غارقات في حياة مليئة بالتوتر، والتعاسة، والاستعباد تحت وطأة إملاءات متنوعة.
إن كسر هذه الدائرة الشيطانية وهدم نظام الاستغلال هذا لن يتحقق إلا بوعي النساء واستيقاظهن، ومن أجل إدراك قيمة أجسادهن الثمينة التي وهبها الله لهن، لابد من إطلاق حملة تعبئة لليقظة والتجديد؛ إنها دعوة للنهوض والتخلص من الغفلة: إنها حملة الحجاب.
الحجاب هو حبل إلهي ممتد نحو النساء اللاتي تحولن إلى سلع فاقدة للمعنى والقيمة الحقيقية، إنه دعوة لإعادة المرأة، إلى مكانتها الحقيقية، التي تُعتبر جوهرة لكنها تعامل معاملة الفحم، إنه مفتاح الحرية المادية والمعنوية للمرأة التي استُغلت وقُهرت وخُدعت عبر القرون.
الحجاب ليس مجرد تغطية للجسد، بل هو إبراز للشخصية والقيم، ودعوة لإغلاق الأبواب أمام الأنظار الدنيئة والمستغلين الطماعين. إنه دعوة لإكمال بناء الأسرة كمظلة للوفاء والمحبة، في وقت أصبحت فيه المرأة تضطهد المرأة وتساهم في تفكيك بيتها، إنه دعوة للعودة إلى مقام الأمومة، الذي فيه الرحمة والشفقة الفطرية، والذي بُسطت الجنة تحت أقدام صاحباته.
نشر دعوة الحجاب، التي تحمل قيمة عظيمة لا تُعد ولا تُحصى، ربما يكون أعظم جهاد في هذا العصر، إنه السبيل لإحياء القيم الإنسانية والفضائل، ووقف موجات الفساد والخيانات والقتل والزنا وتفكك الأسر وفقدان الطمأنينة.
على كل امرأة مسلمة، بغض النظر عن جماعتها أو طريقتها أو مذهبها، أن تستجيب لهذه الدعوة، وتدعم هذا النداء العالمي، يجب أن يتضاعف صدى هذه الدعوة، إنها نَفَس حيوي لأمة تكافح الموت الروحي، فقط أصحاب البصيرة يدركون قيمة هذه الدعوة المباركة، وفقط أصحاب الفضائل يقدمون يد العون لهذا الركب.
هيا يا فاطمات العصر، وعائشاته، وزينباته، ومريماته، وكل النساء ذوات الفضائل!
هل نلبّي نداء الحجاب، ونصمد فيه حتى آخر نفس لنا؟! (İLKHA)