ماذا يعني فوز ترامب بالنسبة للشرق الأوسط وأوكرانيا والصين؟
يترقب العالم بأسره ما الذي ستفصح عنه الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتي ستجري يوم غدٍ الثلاثاء الموافق الخامس من شهر نوفمبر 2024، وذلك لما لنتيجة هذه الانتخابات من أثرٍ بارزٍ على العالم بأسره.
عندما تنتخب الولايات المتحدة رئيسا، فإن العالم بأسره يراقب ويتابع، لأن هذا الحدث تأثيره عالمي، حيث يتأثر مليارات الأشخاص الذين ليس لديهم حق التصويت بنتيجة الانتخابات.
من شرق أوكرانيا المدمر إلى أنقاض غزة والصراع في مضيق تايوان، إلى الحافلات المكتظة التي تجري في شوارع طهران، والأبراج العالية في بكين والغرف الدافئة ذات الأراضي الخشبية في إدارة الرئاسة بموسكو، يتم طرح السؤال نفسه: من سيفوز ليلة الثلاثاء؟.
أوكرانيا
يقول "إد أرنولد"، من المعهد الملكي للخدمات المتحدة: "إن الجميع في أوكرانيا يدركون جيدا أن بقاء البلاد يعتمد على الولايات المتحدة، صحيح أن كييف لا تعتمد فقط على الأسلحة والمركبات والذخيرة الأميركية، لكن حلفاء أوكرانيا البريطانيين والأوروبيين وغيرهم ليسوا في وضع يسمح لهم بتقديم "أي شيء مماثل" لمستوى الدعم نفسه إذا تقلصت أو اختفت المساهمة الأميركية، لذا، فإن نتيجة الانتخابات الأميركية مسألة وجودية حرفيا".
لكن المرشحين كانوا غامضين جدا بشأن خططهم المتعلقة بأوكرانيا، ولا يوجد توافق بشأن من سيكون أفضل أو الأقل سوءا.
وعن هذا يقول وزير الدفاع الأوكراني السابق أندريه زاغورودنيوك: "إنهم مثل 4 آراء متنافسة، لا أستطيع أن أجزم أيهم الأكثر شيوعا".
ويضيف "مع كامالا هاريس"، فإن النظرة الأكثر تشاؤما، وهي شائعة جدا، هي أنه إذا فازت، فسوف تستمر تقريبا في سياسة "جو بايدن"، وسنكون في هذه الحرب لفترة طويلة جدا.. بالطبع، يقول بعض الناس "لا، سيكون الأمر مختلفا"، حيث يعتقد بعض المتفائلين أنها ستكون أكثر فعالية بكثير وتنهي الحرب.
وقبل أن ينسحب "بايدن" من السباق الرئاسي، قال "بوتين" علنا: "إن الرئيس الحالي كان الخيار الأفضل لروسيا، حيث كان أكثر توقعا، وأكثر تقليدية في فهمه لفن إدارة الدولة".
لكن هذه التصريحات ينظر إليها على أنها تستهدف إيذاء "هاريس" ومساعدة منافسها الجمهوري "دونالد ترامب".
أما "ترامب"، فقد كرر في أكثر من مناسبة خلال حملته الانتخابية أنه إذا فاز، سيتحدث مع الرئيسين الروسي "فلاديمير بوتين" والأوكراني "فولوديمير زيلينسكي" لفرض اتفاق سلام، قبل تنصيبه في يناير/كانون الثاني المقبل، لكن لم يوضح كيفية فعل ذلك.
ويقول "زاغورودنيوك": "بعض الناس يخشون أنه سيبرم صفقة مع "بوتين"، سنفقد المناطق المحتلة"، وسيقول: "إذا كنتم تختلفون، لن أرسل أي شيء على الإطلاق".
وما يعزز هذه المخاوف أن "جي دي فانس" الذي اختاره "ترامب" نائبا في حملته الانتخابية، سبق أن قال إن من حق روسيا أن تحتفظ بالأراضي التي احتلتها ويجب ألا يسمح لبقية أوكرانيا بالانضمام إلى حلف الناتو أو إلى تحالف أجنبي آخر، وهو ما ينظر إليه على أنه انتصار روسي كبير.
دولة الاحتلال
يبدو الاهتمام بالانتخابات الأميركية هذا العام مختلفا في دولة الاحتلال عما مضى.
ويقول "عميت سيجال" المعلق السياسي الرئيسي لقناة 12 الصهيونية: "في الماضي لم يكن هناك بث لأنها كانت تجري في منتصف الليل بالنسبة لنا، لكن هذا العام، سنبثها من الساعة 11 مساء حتى الصباح".
ويوضح أن هذا: "ليس لأن الصهاينة يعرفون تفاصيل هذا النظام المستحيل للمجتمع الانتخابي، لكنهم على دراية تامة بأهمية النتيجة وتداعياتها عليهم".
وعلى عكس أوكرانيا، ليس هناك كثير من الغموض بشأن من يريده الصهاينة أن يكون رئيسا للولايات المتحدة، فإذا كانت دولة الاحتلال هي الولاية الأميركية رقم 51، فإنها ستكون بالتأكيد حمراء للجمهوريين.
ويفسر سيجال ذلك بأنه بسبب الحرب "والأكثر من ذلك، هو بسبب تطور رؤية في دولة الاحتلال أن الحزب الديمقراطي واليسار العالمي بشكل عام ليسا صديقين لدولة الاحتلال، بل أعداء".
ويقول إن رئيس الوزراء الصهيوني "بنيامين نتنياهو" استغل "بلا رحمة" خوف "بايدن" من أن الخلاف مع الحكومة الصهيونية قد ينفر الناخبين المؤيدين لدولة الاحتلال، فأقدم على عمليتين مثيرتين للجدل، غزو لبنان في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والمجازر التي ارتكبها في جباليا بشمال غزة بعدها بأيام، معتبرا أن هذه الأحداث ربما لم تكن قد مضت بهذه السهولة لو لم تكن الانتخابات الأميركية تلوح في الأفق.
ويعتقد العديد من الصهاينة أن فوز "هاريس" سيعطي إيران وحماس وحزب الله سببا للأمل في انقسام أميركي صهيوني، وبالتالي دافعا لمواصلة القتال.
ولكن فوز "ترامبط سيطفئ هذا الأمل ويجبرهم على إنهاء الحرب متعددة الجبهات.
وقد يعد ذلك ظلما لـ"بايدن"، الذي رغم التوترات مع "نتنياهو"، قدم الكثير من الدعم السياسي والعسكري لدولة الاحتلال منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
إيران
يقول "آراش عزيزي"، مؤلف كتاب "ماذا يريد الإيرانيون": "إن "المرشد الأعلى الإيراني "علي خامنئي" ربما يفضل رئيسا مختلفا عن ترامب.. بشكل عام، يبدو أن النظام الإيراني يريد فوز "هاريس".
ويضيف أنه على مدى العام الماضي كان الخوف من عودة "ترامب" موجودا في جميع وسائل الإعلام الإيرانية، لا سيما أن لديهم تجربة سابقة من رئاسة "ترامب" السابقة، من حيث عدم توقعه، وسياسته القائمة على الضغط الأقصى، وتقاربه مع "نتنياهو".
لكن هذا الرأي ليس عاما في إيران، حيث هناك فصيل في طهران يعتقد أن "ترامب" "العملي" سيتعامل بوضوح أكثر من الديمقراطيين "المزاجيين"، الذين يلوحون بإمكانية التوصل إلى تسوية، لكنهم دائما ينتهون بدعم دولة الاحتلال على أي حال، حسبما يقول "عزيزي".
وترى الدكتورة "سانام" وكيل، نائبة مدير "برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" في معهد "تشاتام هاوس" أن طهران لا تريد أن تبدأ مع الرئيس الأميركي القادم -أيا كان- بموقف أسوأ مما هو عليه الوضع الآن.
ولفتت إلى أنه خلال الأيام القليلة الماضية ألمح مستشار الزعيم الإيراني الأعلى إلى أن هناك براغماتية في العلاقات المستقبلية مع واشنطن، وهذا تطور مثير جدا للاهتمام في ظل الأزمة الحالية، معتبرة أن "الآفاق الاقتصادية قاتمة للغاية. وتخفيف العقوبات هو هدف الرئيس الجديد".
الصين
في الصين، كما في أماكن أخرى، التغطية والنقاش حول الانتخابات الأميركية يغمران وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية.
تركز كثير من التقارير مؤخرا على الاضطرابات المحتملة داخل الولايات المتحدة حول الانتخابات، مستشهدة بالتقارير الأميركية الداخلية حول احتمال وقوع عنف سياسي.
ومع ذلك، لا يوجد تفضيل واضح لأحد المرشحين على الآخر.
ذلك لأن بكين لم تر فرقا كبيرا، ففي ولايته أشعل "ترامب" حربا تجارية، وألقى باللوم على الصين في فيروس (كوفيد- 19)، وأطلق حملة مثيرة للجدل بقيادة مكتب التحقيقات الفدرالي ضد التجسس الاقتصادي الصيني، كما وعد بتوسيع كبير للتعريفات الجمركية على منتجات الصين إذا عاد إلى البيت الأبيض.
ولكن، بينما خفف "بايدن" من حدة الخطاب، فإنه لم يغير المسار فعليا: فقد حافظ على بعض تعريفات ترامب وفي بعض الحالات شددها، والأهم من ذلك، أنه تعهد صراحة بالدخول في حرب للدفاع عن تايوان إذا ما تعرضت للهجوم.
وخلال حديثه مع "جو روغان" الأسبوع الماضي، اتهم "ترامب" تايوان بـ"سرقة" صناعة الرقائق الأميركية، وألمح إلى أنها يجب أن تدفع مقابل الحماية، وهي مواضيع أثارها في مقابلات سابقة.
وعن هذه التصريحات، تقول "تشو فنغ ليان"، المتحدثة باسم مكتب شؤون تايوان بمجلس الدولة الصيني، إن هذه التصريحات تشكك في التزام ترامب تجاه الجزيرة.
وتضيف "سواء كانت الولايات المتحدة تحاول حماية تايون أو إيذاءها، أعتقد أن معظم زملائنا التايوانيين قد قاموا بالفعل بحكم عقلاني، ويعرفون بوضوح شديد أن ما تسعى إليه الولايات المتحدة هو دائما "أميركا أولا"، يعرف شعب تايوان أن تايوان في أي وقت يمكن أن تتحول من بيدق إلى طفل مهمل". (İLKHA)