كتب الأستاذ محمد كوكطاش: بالصمت ننتصر
ذكر الأستاذ محمد كوكطاش قصة يستخلص منها أن الصمت قد يكون أحياناً أفضل وسيلة للتعامل مع الانتقادات والجدالات، وأن البعض يبالغون في مدح أو ذم بسبب ضعف قدرتهم على إثبات أنفسهم بطريقة أخرى.
كتب الأستاذ محمد كوكطاش مقال جاء فيه:
رحمة الله على والدي، الذي كان يروي لنا قصة قديمة: فيقول كانت هناك امرأة في القرية تأخذ بقرتها إلى الراعي كل صباح، ولكن بينما يعود الجميع إلى منازلهم بعد ذلك بوقت قصير، كانت المرأة تتأخر حتى الظهيرة قبل أن تعود إلى منزلها، غضب زوجها وسألها: "ماذا كنتِ تفعلين حتى هذه الساعة؟ لماذا تتأخرين؟" فأجابته المرأة:
هناك امرأة تأتي من الجهة الأخرى للنهر، وتبدأ في التحدث إليّ بلهجة سيئة، فأرد عليها، ونتبادل الشتائم، ولهذا أعود متأخرة كل يوم"، فرد عليها زوجها: "غداً سآخذ أنا البقرة، صف لي هذه المرأة".
وفي صباح اليوم التالي، ارتدى الزوج ثياب زوجته وذهب بالبقرة إلى الراعي، وصل إلى المكان الذي أشارت إليه زوجته، وإذا بالمرأة من الجهة الأخرى للنهر تنتظره، وبدأت على الفور تصيح وتشتم قائلة: "أنت هنا يا ... امرأة"، وبدأت في سيل من الشتائم والإهانات، بينما وقف الرجل صامتاً، يهز رأسه ببطء، ازدادت حدة صراخها قائلة: "لماذا لا تتحدثين؟ هل ابتلعت لسانك؟"، واستمرت في الصراخ والإهانة لمدة ساعة كاملة دون أن تتلقى رداً، وفي نهاية المطاف، انفجرت من الغضب ورمت نفسها في النهر.
عاد الرجل إلى منزله، وأعطى الثوب لزوجته وقال: "لقد انتهى الأمر، لقد تخلصتِ من المشكلة".
بداية أعتذر على بدء حديثي في يوم مليء بالأحداث الخطيرة بهذه القصة الطريفة، ولكنني أحياناً أتعامل مع القضايا الهامة في يومي بالصمت، دون أن أسمع أو أرى، وبهذه الطريقة أتجنب العديد من المشاكل أنصحكم بذلك أيضاً، هل من الصعب فهم الحقائق؟ أليست الأمور واضحة كوضوح الشمس؟ لكن هناك من هم مصرون على التصرف كالمرأة التي جاءت من الجهة الأخرى للنهر، إذا رددت عليهم، فأنت الخاسر، لا تجهد نفسك سيأتي يوم يرمون أنفسهم في النهر.
بعد هذه السنوات الطويلة، تعلمت شيئاً آخر: وهو أنّ بعض الناس دائماً ما يختارون التمسك بآرائهم أو رأي مخالف في أي موقف يكونون فيه، يكونون الأكثر انتقاداً والأشد لساناً مع الأخرين، هؤلاء الذين يمدحون شخصاً أو مجموعة بشكل مفرط عندما يكونون جزءاً منها، يتحولون إلى أشد أعدائهم عندما يبتعدون عنهم، يحدث هذا مع الأشخاص والأفكار على حد سواء، هؤلاء لا يملكون قدرة على البقاء في موقف وسط.
في الحقيقة السبب وراء هذا المدح المبالغ فيه للأشياء أو الأشخاص عندما يكونون جزءاً منها وذمهم المفرط عند الابتعاد عنها، هو أنهم لا يملكون طريقة أخرى لإثبات أنفسهم، فهم لا يملكون مهارات أو مزايا يبرزون بها أنفسهم، لذلك يجب أن نكون حذرين.
بهذه الخواطر والأفكار، أتمنى لكم جمعة مباركة. (İLKHA)