كتب الدكتور عبد القادر توران عن الحكومات الوطنية الاشتراكية:

النظام في المدن الإسلامية التقليدية معروف. لكن مع قيام الجمهورية، غمرت العشوائيات المدن التركية، وغطت قلب المدينة اللامع والذهبي بقشرة من الصفيح.

لدى علماء الاجتماع الكماليين الذين ينظرون إلى وضع المدن تحت وطأة العشوائيات مع قيام الجمهورية، نظرية تُقارِب الثناء:

يعتقد العلماء الاجتماعيون الكماليون أن الأحياء العشوائية تُشكّل منطقة وسطى بين المناطق الريفية والمدن الحديثة، وتعتبر منطقة عازلة. أحياء العشوائيات هي صالات انتظار، أو ساحات تدريب، لتأقلم الفلاحين مع الحياة الحديثة.

وهذا حال الحكومات الوطنية الاشتراكيةمثل " فتح " وغيرها، فهي تشبه نوعًا ما العشوائيات. وقد فرضتها الإمبريالية الدولية على الأراضي الإسلامية.

 الحكومات الوطنية الاشتراكية، تهدف إلى تأقلم المسلمين مع الاحتلال الكامل للأراضي الإسلامية، وهي إدارات محلية ظاهرياً، لكنها في الحقيقة إدارات أجنبية. بعبارة أخرى، هي نواب محليين، لكنهم عملاء داخليين للإدارات الإمبريالية.

سكان الأحياء العشوائية لديهم نفسية وعادات اجتماعية مرتبطان بالمدينة:

سكان الأحياء العشوائية يعيشون نفسية الوصول إلى المدينة، فيشعرون بالرضا، نفسياً لأنهم قد تخلصوا من ضيق الريف ومشاكله وحياة الشقاء. ومع ذلك، من الناحية الاجتماعية، يعيشون مثل الفلاحين الذين لا يملكون الأرض. وتحل العلاقات الجوارية وزملاء العمل محل الروابط العائلية، فتظل الحياة بشكل عام أقرب إلى حياة الريف.

من ناحية أخرى، توفر الأحياء العشوائية لقوات الأمن فرصة لمراقبة ومتابعة وتوجيه الفئات التي لم يكن بالإمكان السيطرة عليها في المناطق الريفية. علاوة على ذلك، فإن الأحياء العشوائية تقدم للحكومة فرصة لتوفير اليد العاملة الرخيصة لأصحاب المصانع وأماكن العمل.

الريفيون الذين لديهم تقاليد صارمة، يعتادون على الحياة الحديثة تدريجياً في الأحياء العشوائية، ويتحولون بمرور الوقت إلى مدافعين صارمين عن الإيديولوجية الرسمية.

الحكومات الوطنية الاشتراكية، تماماً مثل الأحياء العشوائية، هي نوع من الإدارات العازلة. فهي قوات أمنية، وأقسام استخبارات، ومراكز تنسيق تعليمية، ومستعمرات استغلالية للإمبريالية. تعمل هذه الإدارات كإدارات داخلية أو ثانوية تسهم في تسهيل جميع مجالات عمل الإمبريالية وتوفيرها بتكلفة منخفضة. تراقب وتعتقل وتعدم وتقمع الفئات المناهضة للإمبريالية، أو تسلمها للإمبريالية. من خلال التعليم الرسمي وغير الرسمي، تقضي على روح المقاومة، وتعد الأرض للاستعمار النهائي.

"فتح"، كما هو الحال مع العديد من حركات التحرر الإسلامي، تم تأسيسها من قبل الفئات الإسلامية المناهضة للإمبريالية لكنها تم الاستيلاء عليها من قبل الاشتراكيين الوطنيين.

حتى عندما كانت المنظمة في فترة منظمة التحرير الفلسطينية، ولم تكن قد حصلت على شكل الدولة المعترف بها أو الهيكل الإداري المحلي، كانت تُعتبر في معسكرات فلسطين بمثابة حي عشوائي، حيث حاولت إبعاد الفلسطينيين عن الإسلام كما كان يريد الإمبرياليون، ووفرت أسلوبًا يمكن التحكم فيه من النضال، مما أبطأ الشعب الفلسطيني لعقود وأعان على انتشار الاشتراكية الوطنية المناهضة للإسلام في المنطقة.

"فتح" هي نموذج مثالي للحكومات الوطنية الاشتراكية. في عام 1987، عندما حققت المقاومة الإسلامية في الانتفاضة الأولى نجاحًا، وأثرت تلك النجاحات على جميع أنحاء العالم الإسلامي، تم تقديم "فتح" كوكيل للصهيونية.

قبول الوكالة من نوع الإمبريالية الصهيونية كان تنازلاً مهماً. لكن خصوصًا في عهد عباس، تحولت إدارة "فتح" بالكامل إلى قوات أمن واستخبارات صهيونية.

وعلى الرغم من ذلك، فإن قرار تركيا بأن يتحدث عباس في الجمعية الوطنية التركية الكبرى، بينما جعلت الولايات المتحدة يتحدث نتنياهو في الكونجرس، يُعتبر رسالة قوية ضد الولايات المتحدة والصهيونية. لأن تزكية النائب على السيد وجعله يتكلم هو نوع معروف من التمرد.

وفي الوقت نفسه، فإن احتجاج نواب "حزب الهدى" على عباس بصور الشهيد إسماعيل هنية والمارشال يحيى السنوار، هو موقف تاريخي من حيث إعلان ما في القلوب ضد ما هو رسمي، ومن حيث إعلان ماهو حقيقي ضد ماهو مرئي.(İLKHA)