جاء في مقال الأستاذ محمد كوكطاش حول من قرّروا الشهادة:

من أكثر المواضيع التي تثير فضولي هو وضع المسلم قبل استشهاده، وحالته النفسية، ونظرته للعالم والحياة.

ومن أجل اكتساب المعرفة حول هذا الموضوع، لا بد من التواجد عن قرب مع شخص عازم على الاستشهاد واتخذ قرارًا نهائيًا بشأن هذه القضية، وإبداء الملاحظات منذ تلك اللحظة.

في الواقع، الأفضل والأدق أن يعود الشخص الذي جرب الاستشهاد إلى الحياة ويخبرنا بما حدث، ولكن ليس لدينا مثل هذه الفرصة، ولكن ما تعلمناه من آيات القرآن والسنة الأحاديث تكفينا. 

لكن هذا ليس موضوعنا، بل هو ما يعيشه المسلم الذي يقرر أن يصبح شهيدًا ويخاطر بالتضحية بحياته في سبيل الله منذ لحظة اتخاذ هذا القرار.

وهذا أكثر من مجرد مسألة فضول. لأنه حتى لو اتخذ المسلم مثل هذا القرار، فإن الموت ليس بيده، فهذا أمر يخص الله تعالى بالكامل.

لا نطيل الحديث؛ فالشخص الذي يقرر الاستشهاد أي الالتقاء بالله قبل أن يكون شهيدًا، لابدّ أنه بلغ مقام الولاية، أي أنه وصل إلى جميع الفضائل التي يمكن للإنسان أن يصل إليها.

وكما نعرف يجب على الإنسان أن يطهّر نفسه من كل الشرور وأن يكون مُجهزاً بأجمل الصفات ليتمكن من الوصول إلى مقام الولاية، وكثيرون يسلكون هذا الطريق ويقومون بتنقية أنفسهم.

والآن، بعد إذنكم، دعونا نقارن هذا الشخص بأخينا الذي قرر أن يموت شهيداً. ليس من السهل أبدأً محاولة حماية عينيك وأذنيك من كل حرام، وترك زوجك الحلال بنفسك؟ هل يمكنك أن تتخيل ما يعنيه المخاطرة بالانفصال ليس فقط عن زوجتك، ولكن أيضًا عن والدتك وأبيك وإخوتك وأطفالك وأقاربك، إن وجدوا؟

مرة أخرى، أليس من أساسيات أولياء الله التخلص من المحرمات وحب الدنيا؟ وهذا ما فعله أخينا الذي قرر أن يصبح شهيداً، تخلى عما اكتسبه وجمعهُ، عن مكان عمله، عن محله، عن ميراثه من أبيه وأمه، ناهيك عن الحرام، في سبيل نيل تلك الشهادة.

وما نعنيه هو أن الذين يضحون بحياتهم في سبيل الله لا ينبغي أن يظنوا أنهم لا يصلون إلى المناصب الرفيعة إلا عند وفاتهم، بل على العكس من ذلك، فقد وصلوا إلى جميع الدرجات الممكنة منذ اللحظة التي قرروا فيها ذلك.

وكلما كثر هؤلاء الناس، كلما سيطر دين الله على الحياة ووصل إلى الأجيال القادمة.

نسأل الله أن يجعلنا من هؤلاء !(İLKHA)