الأستاذ محمد أشين: احتلال محور صلاح الدين
قام الاستاذ محمد أشين بشرح الخطوات التي اتّبعتها إسرائيل وما زالت تتّبعها حتى الآن لتحقيق كافّة أهدافها، وفرض سيطرتها على المنطقة، مبيّناً كيف استفادت من دروس التاريخ كامل الإستفادة لتضمن تحقيق كل ذلك...
كتب الأستاذ محمد أشين عن المنهج الذي تتّبعه إسرائيل الصهيونية لضمان بقاءها وسيطرتها في المنطقة:
نحن اليوم نواجهُ امتحانًا ومشكلة تسمى بنظام الاحتلال الصهيوني، فإذا كنا غير قادرين على اتخاذ الخطوات اللازمة لوقف المجازر والإبادة في غزة، فهذا يعني أننا لم نستفد شيئاً من الدّروس التّاريخيّة.
الصهاينة يقرأون التاريخ ويبحثون فيه ويحللونه جيداً، ويقومون بإجراء بحث متعمق حول فترة صلاح الدين الأيوبي وتجربته،
وقاموا بإضفاء الطابع المؤسسي على هذا العمل من خلال مؤسسات بحثية تتألف من مؤرخين وعلماء اجتماع وأكاديميين وخبراء استخبارات وعسكريين.
هم خائفون جدًا مما حدث للصليبيين في التاريخ، ويحاولون تعلم الدروس اللازمة من التاريخ لتجنب مصير الصليبيين،
من خلال فهم الخطوات الإستراتيجية التي اتخذها صلاح الدين لتحرير القدس من احتلال الصليبيين ووضع حد لوجودهم.
وكانت أهم الخطوات الإستراتيجية التي اتخذها صلاح الدين الأيوبي لتحرير القدس هي؛ توحيد مصر وبلاد الشام ( سوريا والأردن ولبنان وفلسطين).
ومن أجل مواصلة احتلاله، يتخذ النظام الصهيوني خطوات مخالفة تماماً لما اتخذه صلاح الدين الأيوبي لتوحيد جغرافية الأمة، حيث يقوم بتقسيم وتفتيت وتحويل الأجزاء إلى أعداء، وهو يعلم جيداً أنه سيحقق أهدافه طالما فعل ذلك.
لقد قام بفصل أراضي مصر وبلاد الشام عن بعضها البعض، وقسم أراضي بلاد الشام إلى سوريا وفلسطين ولبنان والأردن، لقد وضع كل خطط الشقاق والأذى موضع التنفيذ لمنعهم من الاجتماع معًا مرة أخرى، فكانت الانقلابات والفوضى والصراعات متكررة في هذه البلدان.
وكمرحلة أخيرة في هجمات الإبادة الجماعية في غزة، بدأوا باحتلال "محور صلاح الدين (محور فيلادلفيا)" بين مصر وغزة،
هذا الشريط الذي يبلغ عرضه عدة مئات من الأمتار وطوله 14 كيلومتراً، يقع بين مصر وقطاع غزة، ويمتد من ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى بوابة كرم أبو سليم الحدودية، أنشئ عام 1979 بموجب الاتفاق بين إسرائيل الصهيونية ومصر كمنطقة عازلة تسيطر عليها و تحرسها قوات الاحتلال.
ولم يُسمح إلا لضباط الشرطة المصريين بملابس مدنية ويحملون أسلحة خفيفة بالخدمة على الجانب الموجود في الأراضي المصرية.
وكان الهدف الرئيسي هو منع حركة الأشخاص وشحن المواد مثل الأسلحة والذخيرة بين مصر وغزة، وبدأ الحصار على غزة في ذلك التاريخ.
وعندما انسحبت قوات الاحتلال من غزة عام 2005، انتقلت السيطرة على المحور إلى الفلسطينيين، وعندما وصلت حماس إلى السلطة في غزة عام 2007، سيطرت على هذا المحور.
ومع تزايد الحصار الصهيوني على غزة، اضطر الفلسطينيون إلى عبور هذا القطاع وتلبية احتياجاتهم الأساسية من مصر، وعندما زادت مصر من احتياطاتها، تم حفر الأنفاق تحت الأرض للعبور، وفي عام 2014، اضطرت مصر إلى فتح بوابة رفح الحدودية والسماح بدخول البضائع.
إن هدف نظام الاحتلال من هجومه على رفح هو احتلال هذا القطاع بالكامل، وقطع الاتصال بين مصر وغزة بشكل كامل، وتشديد الحصار قدر الإمكان، وهذا حصار ليس على غزة فحسب، بل على مصر أيضا، وهو تهديد كبير وانتهاك لاتفاقيات كامب ديفيد.
والواجب ألّا تسمح مصر باحتلال حدودها مع غزة و السيطرة على معبر رفح الحدودي بشكل كامل وقطع اتصالاتها بشكل بذلك الجانب، ورغم من وجود مدبر انقلاب مثل السيسي، لكن مصر ليست السيسي فقط، فيجب على ضباط جيش مصر وإدارييها وشعبها الوطنيين والمسلمين ألا يقبلوا هذا الإذلال. (İLKHA)