القره داغي: من حق الشعب الفلسطيني استرداد أرضه المحتلة بكل السبل بما فيها المقاومة
أكد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الأستاذ الدكتور "علي القره داغي"، في مؤتمر "برلمانيون من أجل القدس"، على حق الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه المحتلة بكل السبل بما فيها المقاومة، مشددًا على أن حركات المقاومة هي حركات تحرر وطنية وليست منظمات إرهابية.
ألقى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فضيلة الأستاذ الدكتور "علي القره داغي"، في كلمة له خلال مشاركته في مؤتمر "برلمانيون من أجل القدس" الدولي الخامس، الذي عقد في ولاية إسطنبول التركية بحضور الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان".
حيث عبر الشيخ الدكتور القره داغي عن سعادته الكبيرة، بعد الاستماع لكلمة فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان، التي تضمنت مجموعة من المبادئ الأساسية والأعمال الكبيرة التي قدمتها تركيا لخدمة القضية الفلسطينية ولخدمة غزة، وكذلك ما تضمنته الكلمة من سعي للرئيس أردوغان والحكومة التركية لقطع العلاقات الاقتصادية تمامًا مع العدو الصهيوني، وكذلك المواقف المشرفة التي ذكرها الرئيس أردوغان.
كما عبر الدكتور القره داغي عن شكره للأستاذ البروفيسور "نعمان كورتولموش" رئيس البرلمان التركي وسعادة الشيخ "حميد الأحمر" رئيس رابطة "برلمانيون لأجل القدس" على كلمتهما القيّمة في البرلمان، مؤكدًا أنها كانت صريحة وصحيحة وواضحة وجريئة.
وجاءت كلمة الدكتور القره داغي كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله، وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه
أصحاب السعادة والسماحة، إخوتي وأخواتي الكرام
باسمي شخصياً وباسم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحييكم بتحية الإسلام؛ فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
وأنطلق من هذا السلام الذي هو اسم الله تعالى، وتحيته، وتحية المسلمين في صلاتهم، والهدف الأسمى للأديان الحقة، ومن أهم أهداف تشكيل الأمم المتحدة حسب نظامه بعد حربين عالميتين بسبب الفكر النازي، والصراع الاستعماري، ولكن السلام والأمن مفقودان تمامًا لأهلنا في فلسطين، وبخاصة في غزة العزة، وفي القدس الشريف والمسجد الأقصى، فدمر المحتلون الصهاينة كل شيء، فلم تعد عندهم قيمة لا للإنسان، ولا للنساء ولا للأطفال ولا للمساجد والكنائس والمستشفيات، إبادة جماعية وحرب نازية، ودوس بالأقدام على القوانين كلها، ومع ذلك لا زالت أمريكا ومن معها تعد كل هذه الأهوال دفاعًا عن النفس.
وحقاً نستطيع القول بأن جميع القيم الإنسانية، والقوانين الأممية والأعراف الدولية والأهداف التي أنشأت من أجلها الأمم المتحدة، وتبجحت بها بعض الدول الكبرى، قد انهارت انهياراً شاملاً وتتحكم قوانين الغابة والانتقام ومنطق القوة في غزة اليوم، وغدًا في دول أخرى.
لذلك يحتاج العالم إلى نظام عالمي جديد للسلم والسلام والأمن، وهنا ندعو قادة الدول الإسلامية وبخاصة فخامة الرئيس أردوغان إلى تبني دعوة موجهة إلى جميع رؤساء العالم - ما عدا المشاركين في هدم هذه المبادئ - لتشكيل منظمة دولية لحماية المظلومين في غزة، وفي غيرها، ووقف العدوان على غرار حلف الفضول عند قريش الذي شارك فيه الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ومثل مؤتمر دول عدم الانحياز في عام ١٩٦١م.
يا سادتنا البرلمانيين أنتم - بفضل الله تعالى - تمثلون الشعوب العربية والإسلامية التي أجمعت - خلافاً لمعظم حكوماتها - على ضرورة الوقوف مع غزة، ومنع العدوان عليها بجميع الوسائل المتاحة عسكرياً واقتصاديًا وإنسانيًا، وبالمقاطعة الاقتصادية، وكذلك وقف معها معظم الشعوب الحية في العالم الحر أمريكا وأوروبا وبعض الحكومات المحترمة مثل جنوب أفريقيا، وبرازيل وغيرهما، لذلك لا يجوز لكم ولنا أن نقف عند هذا المؤتمر، على الرغم من أهميته، فعلينا أن نشكل حلفاً برلمانياً عالمياً.
ولذلك أطالب بتشكيل لجنة للمتابعة والعمل على تنفيذ مقررات هذا المؤتمر، كما أناشد البرلمان التركي الذي له دور عظيم في هذا المؤتمر على الإشراف والمتابعة، والدعوة إلى مؤتمر لرؤساء البرلمانات في العالم لدعم ومساندة غزة، ووقف العدوان، والدعوة إلى رفع الحصار، وإعادة العمران، وتشكيل فريق قوي من الحقوقيين لدعم دعوى جنوب إفريقيا ودفع المجرمين الصهاينة للمحاكمة ونيل العقوبات المقررة في الدنيا، ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب.
نحن في الاتحاد العالمي العلماء المسلمين قمنا بمؤتمر كبير حول غزة في شهر كانون الأول/ يناير الماضي، شارك فيه أكثر من ألف عالم وبرلماني وحقوقي، وتمحض عن إعلان الدوحة الذي يضم عدداً كبيراً من ممثلي البرلمانيين، والحركات السياسية والإنسانية، والحقوقية.
ونحن جميعاً يشرفنا أن نكون معكم، وتكونوا معنا لتصبح قوة مدنية مؤثرة بإذن الله تعالى لخدمة الإنسانية جمعاء.
إن علينا - أيها الإخوة البرلمانيون والأخوات البرلمانيات - واجباً آخر وهو التركيز على حق الشعب الفلسطيني في استرداد جميع أراضيه المحتلة بجميع الوسائل المتاحة بما فيها المقاومة كما نصت على ذلك جميع الشرائع السماوية، والقوانين الأممية والدولية، ولذلك فجميع فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حماس ليست منظمات إرهابية، بل منظمات شرعية وقانونية، وذلك لأن العدو المحتل ومعه الاستكبار العالمي يريد فرض إرادته الباطلة على الجميع.
وفي الختام أوجه الكلمات الآتية:
أولاً: نحن جميعاً نفتخر ونعتز بالتضحيات الجسام التي قدمها الشعب الفلسطيني في غزة العزة والضفة نيابة عن الأمة، ودفاعاً عن المسجد الأقصى، ونترحم على شهدائهم، وندعو لجرحاهم بالشفاء العاجل، وكذلك نقف بإعجاب وفخر أمام صبر هذا الشعب العظيم وقيادته المتمثلة بقادة حماس، والجهاد، وبقية الفصائل المجاهدة، وجنودهم الأبطال في هذا الصبر العظيم والصمود الذي فاق التصور، فهذه هي البداية المبشرة بالنصر المبين، بإذن الله تعالى، لأنهم قضوا على "الوهن: حب الدنيا وكراهية الموت" الذي حذر منه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وجعله سببًا لتداعي الأعداء علينا، بل أحبوا الموت في سبيل الله، وفي سبيل التحرير كما شهدنا.
ثانياً: إن هذه الجرائم الصهيونية في غزة والضفة التي فاقت كل التصورات الإنسانية عادت بالشر عليهم فلم يحققوا هدفًا ولا نصرًا، بل أدت إلى سواد وجوههم، وكشف سوءاتهم من القسوة والنازية على مستوى شعوب العالم، فهذه بداية النهاية لهم في مفسدتهم الثانية بنص القرآن الكريم (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) (الإسراء: 7)
وكذلك فإن من سنن الله تعالى أن الطغيان والظلم الكبير مؤذن بزوال الإمبراطوريات بسرعة مهما كانت قوية. فقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ (7) ٱلَّتِي لَمۡ يُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِي ٱلۡبِلَٰدِ (8) وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ (9) وَفِرۡعَوۡنَ ذِي ٱلۡأَوۡتَادِ (10) ٱلَّذِينَ طَغَوۡاْ فِي ٱلۡبِلَٰدِ (11) فَأَكۡثَرُواْ فِيهَا ٱلۡفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ (14) (سورة الفجر).
وهنا نشكر جميع الوسائل الإعلامية التي ساهمت في كشف جرائم المحتلين النازيين.
ثالثاً: رسالتنا إلى قادة الدول العربية والإسلامية بأن واجبكم الشرعي والقومي، والإنساني هو الوقوف مع هذه القضية التي تعد القضية الأولى، بجمع الوسائل المتاحة، فلا يجوز أن يترك شعب كامل ليباد، وهذه مسؤولية أمام الله تعالى ثم أمام التاريخ والأجيال اللاحقة، بل كلنا مسؤولون، فليعمل كل واحد منا بمقدار قدراته وإمكاناته، وبلا شك لديكم أوراق كثيرة منها المقاطعة الاقتصادية وبخاصة بالبترول والغاز كما حدث عام 1973م.
رابعاً: أكرر الشكر لدولة تركيا رئيساً وحكومة وشعبًا وللبرلمان التركي ولكل من ساهم في ترتيب هذا اللقاء وبخاصة رابطة برلمانيون لأجل القدس، ورئيسها الشيخ حميد بن الشيخ عبد الله الأحمر ونوابه وفريق عمله.
والشكر موصول لجميع من أسهم في إنجاح هذا المؤتمر من الإعلامين ونحوهم ودمتم في رعاية الله.
والسلام عليكم ورحمة وبركاته. (İLKHA)