كتب الأستاذ مَحۡمَد گوكطاش كلمته الأسبوعية عن ذكرى يوم إعلان الجمهورية التُركية:
هل يا ترى يوجد في العالم مثل هذه الأمة التي تحتفل بانهيار إمپراطوريتها؟
هل يتم الاحتفال بتفكك الاتحاد السوڤييتي في 26 كانون الأول سنة 1991 بمراسم منظمة في روسيا اليوم مثلاً؟ حسناً، قد يمكن الاحتفال به في دول الستار الحديدي التي تحررت من حكم الاتحاد السوڤييتي.
أو لو أن دول تابعة اليوم لإنگلترا أي المملكة المتحدة مثل كندا وأستراليا ونيوزيلندا وغيرها مما لا نعرف أسماءها، قد نالت استقلالها وانفصلت، فهل ستنظم إنگلترا احتفالات بهذا اليوم باعتباره أعظم عيد؟
ونفس الفكرة بالنسبة لفرنسا. أتحتفل بانفصال بلدانها في أفريقيا وبتراجعها إلى داخل حدودها في أوروپا باعتباره عيدها الأكبر؟
بالطبع قد يفرح ويحتفل بانهيار الإمبراطورية العثمانية اليونان وبلغاريا ورومانيا وبعض الدول الأوروپية التي كانت داخل الحدود العثمانية. بل ربما يجعلون هذا اليوم عيداً لهم، لا يمكننا أن نقول أي شيء.
ولكن بالله عليك، أما تنظر إلى هذا الجنون؟ إنهم يتخبطون في وحل الكمالية الدبق اللزج، وخاصة الإعلام المتدين.
أعلم أنكم ستقولون: "لا يا سيدي، نحن نحتفل بتأسيس الجمهورية، وليس بانهيار الإمپراطورية العثمانية"، قولوا ذلك لقبعتي!.
ومنذ أن وعينا هذا البلد، ليس فقط يوم 29 تشرين الأول، بل أيضاً بجميع أيام المناسبات الرسمية يُحتفل بها ذكرى انهيار الإمپراطورية العثمانية وابتداء الحرب ضد الإسلام. فحتى الأمس، كانت فوهات الدبابات والمدافع في الاحتفالات الرسمية موجهة نحو المسلمين، وكان المخاطبون الوحيدون في الخطابات المقصودون بها هم المتدينين.
وكأن المطرودين من هذا البلد خلال حرب الاستقلال ليسوا يونانيين، إنگليزيين، فرنسيين، إيطاليين، فلم يتم ذكرهم أو الحديث عنهم قط. إذ الحرب لم تكن ضدهم، بل كانت ضد المسلمين، ذوي اللحى والعمائم وذوات الجلباب والحجاب، وكانت الاحتفالات تُقضى دائماً في سبهم وإهانتهم، وتلويث ألسنة أطفالنا الصغار بهم.
اتقوا الله واستحيوا منه ولو قليلاً! هاتوا خريطة عثمانية وانظروا إلى خريطة تُركيا اليوم، من أين إلى أين.
ألا تنظرون أيضاً إلى الشرق الأوسط، الذي اعتقد أنه نال استقلاله مع انهيار الإمپراطورية العثمانية؟ ثم هاهم، إنهم يكافحون مثل الأسماك في نهر مجفف.
وأسأل بشكل خاص الأوساط الحاكمة: بالله عليكم أتحتفلون بذلك!