منذ القدم لم تهتم عصابة الاحتلال الصهيونية بالقانون الدولي ولا بالقيم الإنسانية الأساسية ولا باحترام الرموز الدينية، بل كلما سنحت فرصة لها لم تتردد في ارتكاب كل أنواع الشرور والإساءات. فمثلاً يستعملون الأسلحة الممنوعة، وعندما ظهر ذلك أمام الرأي العام العالمي، أنكروا ذلك في البداية، لكن بعدما ثبت ذلك اعترفوا باستعمالهم، ووعدوا بعدم استخدامها مرة أخرى.
ومثلما لم يحترموا المساجد، لم يحترموا الكنائس، ولم يترددوا حتى الآن في قصفها وتدميرها ونهبها. وكل أفعالهم إما أن تتم مجاهلتها في الغرب بدعوى "أنهم شعب عانى من المحرقة" أو يتم تفسيرها بالأكاذيب بشكل مختلف.
ورداً على إساءاتهم للقيم الإسلامية، قام الفلسطينيون دوماً بالدفاع عن شرف العالم الإسلامي بأرواحهم، فتم قتلهم ونفيهم وحبسهم لسنوات. وقد عاش المسلمون في جميع أنحاء العالم مع هذا الألم المرير بداخلهم.
لكن على سبيل المثال، عندما تضررت الكنائس والأماكن الأرثوذكسية، لم يصدر أي رد فعل من الكنائس الأرثوذكسية اليونانية أو الروسية. ونفس ذلك يمكن أن يقال بالنسبة للكنائس والأماكن الكاثوليكية.
وأثناء مرور الرهبان والراهبات حاملين صليباً كبيراً ضمن أحد طقوسهم، قام اليهود الذي كانوا يترقبونهم بإهانتهم والبصق عليهم؛ فسأل الصحفيون اليهودَ عن سبب قيامهم بذلك، فقالوا "أنه من ضرورات دينهم".
وخلال طقوس الخمسين بيوم العنصرة، هاجم اليهود النصارى الفلسطينيين في كنيسة بالبلدة القديمة بالقدس؛ وقاموا بتوجيه الإهانات والكلمات الفاحشة والشتائم للسيد المسيح (عيسى) والنصارى.
كما اقتحمت مجموعة يهودية كنيسة القديسة مريم بالقدس الشرقية، وقامت بالهجوم على من وُجد فيها من رجال الدين والمصلين بالأدوات الجارحة وبالتحقير والإساءة إليهم، وأصابت عدة أشخاص في الكنيسة.
أيضاً داهمت مجموعة يهودية كنيسة الجلد بالقدس الشرقية حيث يُعتقد أن السيد المسيح تم جلده، وحطموا بمطرقة تمثال السيد المسيح الذي بداخلها.
عدا عن أعمال مهاجمة القبور. فبجانب ما سبق، قام اليهود منذ بداية العام تحطيم شواهد وصلبان أكثر من ثلاثين قبراً في المقبرة الپروتستانتية. وكتبوا شعارات عنصرية مثل "الموت للأرمن" و "الموت للمسيحيين" على جدران پطريرقية الأرمن بالبلدة القديمة.
أمريكا وأوروپا اللتان وقفتا بكل استعداد خلال الحرب الأذربيجانية-الأرمينية، لم تردا على الإطلاق على كل هذا.
نعم، من المفيد تكرار الكلمة التي في الأعلى عند الوصول إلى هنا. فالصهيوني المحتل لا يحترم أية قيم إنسانية أو أخلاقية. والمذبحة الوحشية التي تعرض لها المستشفى بـغزة كشفت عن هذه الحقيقة مرة أخرى بكل وضوح.
عبارة "لماذا العالم الإسلامي صامت" تُتداول مرة أخرى في كل مكان. وقد أشار الأستاذ عبد القادر توران إلى نقطة مهمة. فقال:
"الجميع يتساءل: أين العالم الإسلامي؟
إذا المسألة هي بسبب الإيمان، فالمستشفى الذي تم تدميره، كان للمسيحيين. لكن لا أحد يسأل: أي الپاپا، أين الكنيسة الأنگليانية؟
وفي الغرب حيث الديمقراطية الاجتماعية قوية للغاية، لم يسأل أحد: أين الديمقراطية الاجتماعية؟
لكن، لأن ﴿إِنَّ ٱلدِّینَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَـٰمُ ۗ﴾!"
فشعوب المسلمين واقفة متأهبة وتظهر ردود أفعالها في حدود إمكانياتها. وحكام البلاد الإسلامية، باستثناء المتعاونين معهم، يشعر كل واحد منهم بانزعاج كبير؛ لكنهم يدركون أنهم لا يستطيعون بمفردهم مواجهة أمريكا وأوروپا مع الاحتلال الصهيوني. فلا قوتهم الاقتصادية ولا قوتهم العسكرية تكفي لتحقيق ذلك. ومع ذلك، إذا اجتمعوا معاً، إذا وحدوا قواهم، يمكن أن يتحقق التحدي. وسيتم إنشاء الأساس لذلك إن شاء الله.
لكن السؤال الحقيقي الذي يجب طرحه هو: لماذا لا يوجد رد فعل جدي من جانب المسيحيين والديمقراطيين الاشتراكيين والليبراليين؟ بملف أكثر فاشية من هتلر، تُداس كل القيم الإنسانية، نعم، بينهم مسلمون؛ ولكن بالنتيجة، تم تدمير مستشفى مسيحي بسبب القصف، والمكان الذي يأتي فيه الناس طلباً للشفاء يشهد وحشية نادراً ما شوهدت في التاريخ.
نتنياهو وفريقه تولوا حكماً فاشياً في الأراضي المحتلة بـ«قانون الدولة القومية اليهودية»؛ لكن المشكلة الحقيقية الكبرى هي أن أخطبوط الصهيونية جعل الغرب كله عاجزاً عن الحركة واستولى عليه.
الإسلام يعني العدالة والحرية.
وبلاء الصهيونية وحدهم المسلمون من يستطيع القضاء عليه وتحرير العالم منه.
(İLKHA)