تحوّل الصراع على السلطة في السودان بين الجيش وقوات الدفاع السريع شبه العسكرية من حرب كلامية إلى صراع، بعد سنوات من الأزمات الاقتصادية والسياسية.
ورغم جهود الوساطة الإقليمية والدولية في السودان، فإنّ الحرب التي لا تزال مستمرة بشكل رئيسي في وسط وغرب البلاد، قد تركت وراءها 6 أشهر.
وتسببت الحرب في تدمير البنية التحتية، واستنزاف الاقتصاد، واحتياج نصف السكان إلى مساعدات إنسانية، ونزوح 5.6 مليون شخص داخل البلاد وخارجها.
أمّا الخسائر الفادحة للحرب الأهلية التي أكملت 6 أشهر في السودان فهي كما يلي:
- بحسب المرصد السوداني لحقوق الإنسان، فقد قُتل نحو 10 آلاف شخص، وبحسب الأمم المتحدة، توفي 9 آلاف شخص، والخسائر العسكرية غير معروفة.
- تشير التقديرات إلى أنّ الجانبين يحتجزان مئات الأسرى، وهناك مئات المفقودين الذين لا يعرف مصيرهم.
- حوالي 19 مليون طفل محرومون من التعليم
- أُغلق في السودان 10 آلاف و400 مدرسة، ولم يتم توفير التعليم منذ نيسان/ أبريل.
- لجأ 1.1 مليون مدني إلى بلدان أخرى، ونزح 5.6 مليون سوداني، بينهم 3.5 مليون طفل، و3.1 مليون من العاصمة الخرطوم.
- وفقًا للأمم المتحدة، تمّ تقديم ما يقرب من 860 مليون دولار من أصل 2.6 مليار دولار من الدعم المالي الذي يحتاجه السودان حتى الآن.
- نصف السودان الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 50 مليون نسمة، في حاجة إلى مساعدات إنسانية، حيث يعيش أكثر من 6 ملايين شخص على بعد خطوة واحدة فقط من المجاعة.
- بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد وصل 423 ألفاً و657 شخصاً إلى تشاد من الدول المجاورة، و317 ألفاً و230 شخصاً إلى مصر، و307 آلاف و184 شخصاً إلى جنوب السودان، و37 ألفاً و289 شخصاً إلى إثيوبيا، و20 ألفاً و431 شخصاً انتقلوا إلى جمهورية أفريقيا الوسطى.
- أكثر من 70 بالمئة من المستشفيات لا تستطيع تقديم الخدمة.
- مقتل 31 شخصًا وإصابة 38 آخرين في 59 هجومًا استهدفت العاملين في مجال الرعاية الصحية.
- الآلاف من موظفي الخدمة المدنية لم يتلقوا رواتبهم منذ أشهر مع انخفاض العملة السودانية إلى أدنى مستوياتها في تاريخها.
- تعرّضت العديد من المؤسسات العامة والمصانع والتجمعات المدنية والبنية التحتية في الخرطوم لأضرار جسيمة.
- تشهد بعض مناطق الخرطوم أزمة غذائية مع انقطاع المياه والكهرباء المستمر منذ أسابيع.
ويمكن للجيش أن يتحرك بسهولة أكبر في المناطق الريفية والمفتوحة في معركته ضد قوات الدعم السريع، أمّا في الخرطوم، حيث كان يعيش قبل الحرب نحو 10 ملايين نسمة، وبحسب إحصائيات وتقديرات غير رسمية، تمّ إجلاء ما يقرب من نصفها، وإنّ عملية وصراع أصعب تنتظر الجيش في العاصمة ومحيطها، حيث استقرت قوات الدعم السريع في منازل المواطنين والمرافق العامة مثل المستشفيات والمدارس.
حالة الهيمنة
وبينما يسيطر الجيش على المزيد من المناطق في أم درمان، إحدى المدن المعروفة بالعواصم الثلاث، يبدو أنّ قوات الدعم السريع أكثر فعالية في الخرطوم، وفي بحري، إحدى هذه العواصم، تبدو موازين القوى والهيمنة متقاربة.
ويخضع القصر الرئاسي، وهو أحد النقاط الحيوية في الخرطوم، لسيطرة قوات الدعم السريع منذ الأيام الأولى للحرب.
والمنطقة المحيطة بمطار الخرطوم الدولي مُحاطة بالكامل تقريبًا بقوات الدعم السريع، وتقع القيادة العامة للجيش التي تضمُّ هيئة الأركان العامة وقيادات القوات، في أيدي الجيش.
ويخضع معسكر اليرموك العسكري، ومصفاة سيلي للنفط، ومحطة سوبا لتوزيع المياه، ومحطة كهرباء بحري هراري في الخرطوم، وقيادة قوات الشرطة الاحتياطية في جنوب العاصمة لسيطرة قوات الدعم السريع.
في المقابل، يحافظ الجيش على هيمنته في بحري، ومحطات توزيع المياه في حطانة (المنارة)، ومحطة كهرباء فاروق، وقاعدة سيبل أوليا العسكرية، وقيادة المدرعات، ومقر المهندسين العسكري، ومركز اتصالات بحري، ومقر قديرو وحطاب العسكري.
لا اتفاق في الأفق
وقد حاولت العديد من المنصات المختلفة، من منصة جدة بقيادة المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية إلى الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) والاتحاد الأفريقي (AfB)، ومن قمة مصر للدول المجاورة للسودان إلى مبادرات إثيوبيا، لحل الأزمة السودانية.. وتكشف السيناريوهات والمبادرات، لكن المطالب غير المقبولة لأطراف الصراع والمواجهات السياسية الداخلية والخارجية تشير إلى أنّ إمكانية التوصل إلى حل سياسي في السودان على المدى القريب بعيدة.
ويطلب الجيش من جميع المؤسسات العامة والمواطنين الذين استولت عليهم قوات الدعم السريع مغادرة منازلهم من أجل استئناف المفاوضات ووقف إطلاق النار.
وبينما تستمر الاشتباكات العنيفة بالأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية والطائرات بدون طيار في الخرطوم والأجزاء الجنوبية والغربية من البلاد، ينتظر ملايين المدنيين الدعم لحل الأزمة والوقوف على أقدامهم مرة أخرى. (İLKHA)