حسن ساباز .. كم ستصمد أوروبا؟

شنت روسيا حربًا على أوكرانيا في محاولة لإخراجها من العباءة الغربية، ما لبثت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بدعم أوكرانيا بمختلف أنواع الأسلحة لمواجهة روسيا، في محاولة لاستنزاف روسيا، لكن كما يبدو أن أوروبا هي من بدأت بالاستنزاف، وكم ستستمر بتقديم الدعم اللازم لصمود القوات الأوكرانية.

Ekleme: 10.10.2023 17:17:15 / Güncelleme: 10.10.2023 17:17:15 / Arapça
Destek için 

جاء في الزاوية الأسبوعية للكاتب حسن ساباز :

مرت روسيا بفترة طويلة في التحضير قبل بدء مواجهتها المستهدفة لأوكرانيا، وكدست معداتها وتجهيزاتها الحربية على الحدود الأوكرانية، من دون أي شعور بالحاجة لإخفائها، وجهزت جنودها وحددت أهدافها.

وفي تلك الفترة كانت أمريكا تعلن، مثل أي وكالة أخبار، تصريحات منتظمة حول موعد الهجوم الروسي، ونوقشت المشكلات التي ستحدث في حال إغلاق روسيا توريدات الغاز  لأوروبا المعتمدة على غازها الطبيعي.

الحرب بدأت، وروسيا شنت عمليات غزو مستهدفة أهدافاً محددةً، وأوروبا بدأت، بضغوط أمريكية ما، بتأمين مواد عسكرية تقدم إلى أوكرانيا، لم تدخل أمريكا وأوروبا الحرب مباشرةً، لكنها بدأت بدعم أوكرانيا بجميع أنواع الأسلحة، بدءاً بالبسيطة حتى المتطورة والمعقدة.

والقوة الروسية التقليدية المقلقة دوماً لأوروبا، اضطرت بوقت قصير للتحول من الهجوم إلى الدفاع ضد أوكرانيا المسلحة والمجهزة بأنظمة دفاعية متطورة، كما اضطرت إلى الانسحاب والتراجع من بعض الأماكن التي استولت عليها، وتدرك روسيا أنها لم تعد في حرب مع أوكرانيا فقط، بل مع أمريكا وأغلب أوروبا، كما أن حديث مسؤولين روسيين عن ورقة "الأسلحة النووية" يظهر في الواقع مدى الصعوبات التي تواجهها.

بسبب الإمكانيات الضخمة المقدمة له، زيلينسكي بدأ الحديث بنبرة أعلى ضد روسيا، لكن رغم ما بذله الجيش الأوكراني من خسائر كثيرة، إلا أنه لم ينجح بتجاوز خطوط الدفاع الروسية، وقام الخبراء العسكريون الأمريكيون بحساباتهم حول صمود الجيش الأوكراني المجهز بأحدث الأسلحة ضد روسيا، التي تعاني صعوبات بمواجهة العقوبات، لكن لم يتحقق أي من هذه الحسابات.

بل تبين أن روسيا، بسبب تحضيراتها التي تفوق التوقعات، والأسلحة الاقتصادية التي بيدها، يمكن أن تصمد لوقت أطول، فلديها ثلاث أسلحة مهمة: النفط والغاز الطبيعي والحبوب، وهي تنوي استخدامها ضد أوروبا.

ومن خلال اتفاقيات ممر الحبوب، جعلت العالم يتقبل أن لها حق الرأي في حبوب أوكرانيا، كما أنها الفاعل الأهم في تحديد سعر النفط، فنتيجة للاتفاقيات التي أبرمتها مع الخليج خصوصاً، حرصت روسيا على خفض إمدادات النفط وتعويض الخسارة في الغاز الطبيعي، والاتفاقات المبرمة مع دول BRICS، وبيانات الدعم من الصين، خلصت وأنقذت روسيا من العزلة التي أرادها لها الغرب، والآن تأخذ روسيا استعداداتها وتحضيراتها لأجل الشتاء القادم، وستحاول القيام بكل حملاتها السياسية والاقتصادية والدبلوماسية ضد الدول الأوروبية الداعمة لأوكرانيا.

موضوع المناقشة القادمة، لن يعود حول "كم ستصمد روسيا" في هذه الحرب، بل "كم ستصمد الدول الأوروبية الداعمة لأوكرانيا".

فقد كان من المعلوم أن الدعم المادي والعسكري لأوكرانيا، سيؤدي لتضرر بعض الدول الأوروبية، لكن لم يصدر أحد صوتاً، وربما سنشهد في الفترة المقبلة في أوروبا، تساؤلات من نوع "لماذا كل هذا العبء على أعتاقنا؟"، وتصريحات من نوع "هذا ما لدينا، ولسنا معكم بعد الآن".

وحسب تصريحات البعض، يبدو أن زيلينسكي وعد قادة أوروبا: "إذا قدمتم ما أريد من المساعدة، فسأغلب روسيا".

فبجانب عدم هزيمة روسيا حتى الآن، فإن الادعاءات حول إثراء بعض الأشخاص والأوساط من المساعدات المقدمة، والأسلحة المطروحة سراً في الأسواق العالمية، تسبب غضباً عميقاً في بعض المحافل.

لقد تبين أن روسيا لديها قوة للصمود في الحرب بقدر كبير، فإن الصراع المنخفض الحدة لا يتعب روسيا كثيراً، لكن ليس من الواضح، إلى متى ستصمد وتتحمل الدول الأوروبية الداعمة لأوكرانيا. (İLKHA)