ليبيا.. الانقسام السياسي وعدم الاستقرار يُعيقان تدفق المساعدات

أثارت حقيقة أنّ المساعدات الدولية المُقدّمة بعد كارثة الفيضانات التي وقعت في ليبيا في 10 أيلول/ سبتمبر لم تكن بالمستوى المناسب لحجم الكارثة، تساؤلات في الأذهان.

Ekleme: 06.10.2023 19:17:13 / Güncelleme: 06.10.2023 19:17:13 / Arapça
Destek için 

جاء بحسب أحدث تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أنّه قد تضرر 250 ألف شخص من الفيضانات، وفقد 4 آلاف و255 شخصًا حياتهم، كما اضطر 40 ألف شخص إلى النزوح داخل البلاد.

ومع اتضاح حجم الدمار الذي خلفته الفيضانات، بدأت السلطات الليبية في طلب المساعدة من المجتمع الدولي.

وفي حين استجابت دول مثل مصر والجزائر وقطر وإيطاليا وإسبانيا، وخاصة تركيا، لطلب المساعدة على الفور، كان رد فعل بعض الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية بطيئًا، في حين ظلت غالبية دول أمريكا اللاتينية وآسيا غير مستجيبة.

وبحسب أحدث بيانات فريق "الطوارئ والاستجابة السريعة" الذي شكلته حكومة الوحدة الوطنية، فقد تمّ إرسال مساعدات إلى البلاد بـ 80 طائرة و8 سفن من 25 دولة حتى 24 أيلول/ سبتمبر الماضي.

ورغم أنّ هذه المساعدات قد تبدو كبيرة نسبيًا للوهلة الأولى، إلا أنّه تمّ تلقي مساعدات من حوالي 80 دولة خلال الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا في 6 شباط/ فبراير الماضي، وبالنظر إلى أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة فقط هي التي أرسلت 240 طائرة مساعدات إلى تركيا وسوريا، يصبح الفرق واضحًا.

تنتظر ليبيا ذات الموارد المحدودة فترة صعبة لإعادة الإعمار

وتحتاج ليبيا إلى دعم أكبر بكثير من الدعم الحالي من المجتمع الدولي؛ لأنّها لا تملك القدرة الفنية أو الخبرة أو الوسائل المالية للتغلب على كارثة بهذا الحجم بمفردها.

ولقد مرّ ما يقرب من شهر على كارثة الفيضانات، وتحتاج ليبيا إلى البدء في عملية إعادة الإعمار في أسرع وقت ممكن حتى تعود الحياة في مناطق الكارثة إلى طبيعتها في المستقبل.

ولهذا الغرض، وخاصة في درنة، يجب إنشاء جسور مؤقتة لربط جانبي المدينة، وإصلاح الطرق المتضررة، وتوفير الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، كما يجب تحسين شبكة الصرف الصحي، وتجفيف المسطحات المائية القذرة، ويجب توفير المنازل الجاهزة لـ 40 ألف شخص تركوا منازلهم، وبالإضافة إلى كل هذا، يجب توفير الغذاء.

وهناك حاجة إلى دعم دولي مكثف لإتمام هذه العملية بسرعة قبل حلول فصل الشتاء، لكن حجم وسرعة المساعدات ليسا بالمستوى المطلوب، وهناك عدة أسباب لذلك، تتعلق بالسلطات الليبية أمام المجتمع الدولي.

الانقسام السياسي عائق أمام التنمية

حيث أشار المحلل الليبي "محمد بوصير" عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي، إلى مدن شهدت دمارًا كبيرًا مثل بيروت والبوسنة والهرسك.

وذكّر "بوصير" بأنّه تمّ إعادة إعمار بيروت بمبالغ مثل 35 مليار دولار، والبوسنة والهرسك بـ 22 مليار دولار، وأشار إلى أنّ إعادة إعمار درنة تحتاج إلى ما يقرب من 30 مليار دولار.

ومن أجل الحصول على هذا المبلغ الكبير في وقت قصير، هناك حاجة إلى الدعم الدولي مثل التبرعات أو القروض وخبرة شركات المقاولات العالمية التي يمكنها تنفيذ مشاريع البناء.

ومع ذلك، ليس من السهل القيام بذلك عندما تحكم حكومتان وجيشان وبرلمانان منفصلان في شرق البلاد وغربها.

علاوة على ذلك، وبينما تعمل الحكومة المعترف بها دولياً (حكومة الوحدة الوطنية) في الغرب، فإنّ المناطق المتضررة من الفيضانات تقع تحت سيطرة الحكومة في الشرق.

وإنّ دعوة حكومة الشرقية يوم 22 أيلول/ سبتمبر للمجتمع الدولي للمشاركة في المؤتمر الدولي المُقرر عقده يوم 10 تشرين الأول/ أكتوبر لإعادة إعمار المستوطنات في درنة تعني تحديًا تقريبًا نظرًا لعدم اعتراف الأمم المتحدة والعديد من الدول بها.

وبما أنّ بنك UBH كان يعلم أنّه لا يستطيع إدارة عملية تطوير درنة التي كانت خارج منطقة سيطرته، فقد طلب من البنك الدولي إدارة هذه العملية.

عائق الفساد وعدم الاستقرار

كما أنّ الفساد المستشري في البلاد يدفع المجتمع الدولي والمؤسسات المالية العالمية إلى التفكير مرتين قبل تمويل مشاريع إعادة الإعمار.

وبحسب بيانات مؤشر مدركات الفساد-2022 الذي تعده سنويًا منظمة الشفافية العالمية، فإنّ ليبيا من بين الدول العشر الأكثر فسادًا في العالم.

وبحسب الخبراء فإنّ مليارات الدولارات التي ستُخصص لتطوير مدينة درنة يمكن استخدامها لتمويل التسليح وحتى حرب جديدة والمرتزقة من مختلف أنحاء العالم.

ورغم اتفاق الأطراف الليبية في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2020 على إخراج المرتزقة، خاصة مجموعة فاغنر الروسية، من البلاد خلال 3 أشهر، إلا أنّ ذلك لم يتم تنفيذه.

كما أنّ عدم الاستقرار في البلاد لا يشجع الشركات العالمية ذات الخبرة في إعادة الإعمار على التوجه إلى ليبيا، على الرغم من الميزانيات الكبيرة التي تحددها حكومة الشرق للمشاريع والجاذبية الاقتصادية التي تخلقها.

وهناك عوامل مختلفة، مثل الانقسام السياسي والفساد وعدم الاستقرار، فضلاً عن الأنشطة الدبلوماسية المحدودة، تجعل العديد من الدول والمؤسسات مترددة في دعم ليبيا.

وفي هذه الحالة، يبدو أنّ هناك احتمالًا بعيدًا أن تعود الحياة في درنة التي كانت ذات يوم إحدى "لآلئ البحر الأبيض المتوسط"، إلى مسارها الطبيعي في وقت قصير. (İLKHA)