قال الكاتب أوزقان يامان في زاويته الأسبوعية: إن مصير كل عصر وقدره هو الظمأ والحاجة إلى حبيب الله ﷺ، لكن هذا العصر الذي تحطّم فيه التقليدُ وفسد الإذعانُ والتسليم مختلف تماماً.
هذا العصر محتاج إلى نبينا ﷺ أكثر من الحاجة إلى الهواء والماء، ليس فقط إلى سيرته وأحاديثه، بل إلى مولده الشريف ﷺ أيضاً.
وهذا الوضع واضح ولو حاول البعض أن يرى غير ذلك من الناحية الفقهية أو التاريخية.
وبتغييب معاني النبوة والرسالة والسنة يقترب الفكر الغربي المعاصر كل يوم من هدفه لإنتاج نوعية من الإنسان؛ الذي يكون أسيرًا لشهوته ورغباته ومنقاد بها ولها، الغريب عن ذاته، المنفصل عن جوهره وحقيقته وبلا شخصية.
وفي هذه الأوقات، فإن أعداء الله المعاندين من العلمانيين والملحدين اللادينيين واللاربوبيين والوضعيين الماديين والليبراليين يوجهون سهامهم للنيل من مقام رسول الله ﷺ.
ومع تيقنهم بعجزهم عن مواجهة القرآن الكريم، لكنهم منذ أن فصلوا بين الدولة وأحكام القرآن، يسعون بكل قوتهم لمهاجمة النبي ﷺ وسننه وسيره وحرمته ومحبته، لأن السنة النبوية المطهرة في حقيقة أمرها لهي أدبٌ عظيم، فليس فيها مسألة إلّا وتنطوي على أدب ونور عظيم، (بديع الزمان النورسي رحمه الله)، ويعلمون جيداً أن السبيل لفصل المجتمع المسلم عن جذوره الحضارية واستئصال هذه الجذور هو إضعاف تمسكه وارتباطه "بالسنة السنية"، ويعملون على ذلك بكل سرعة وجهد.
فتحويلهم الأخوة إلى خصومة، الاتفاق إلى اختلاف، الألفة إلى نفرة، الأنس إلى وحشة هو ضمن مشروعهم للفصل بين العالمين والرحمة، إنه مشروع هائل يعملون عليه، وهم يختبرون ذلك ويرون نتيجته، وبكل قوتهم التي عجزت عن القرآن الكريم، ضربوا أولاً الحروف العربية، ثم حظروا الأذان بالعربية، واستغلت قوى التخريب والفساد دعوى "الوطن" لإيجاد فتنة عريضة بين التُرك والعرب، ثم هم يتحرقون لكي يسيئوا الأدب في حق رسول الله ﷺ وأوامره ونواهيه وتوصياته ويقللوا من شأن "عصر السعادة" النبوي ومن الأصحاب الكرام.
وهم يقارنون بين أسلوب الحياة المعاصرة بالسنة النبوية الشريفة بعقلية ﴿أَنَا۠ خَیۡرࣱ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارࣲ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِینࣲ ﴾ [صٓ : ٧٦]، قائلين: "أنا أفضل منه، عندي آيفون، وعنده جبة وعمامة؛ أنا أحسن منه، لدي ذكاء اصطناعي، ولديه مسواك"، وهذه مقارنات مليئة بالافتراء والمغالطة والتحايل والهراء، وهي حمق وغباء من جملة الفتنة والعذاب الذي يصيب من يخالفون عن أمره وسنته ﷺ.
وفي الواقع، فالسنة الشريفة تضيف قيمةً وخبرةً على الحياة وراء تلك التقنيات التي نعرفها، أما هؤلاء المفسدون في الأرض يرتكبون ما يريدون في بلاد الإسلام من استعمار واحتلال ومجازر وغير ذلك من أنواع النهب والغصب والظلم.
وحقيقة هؤلاء البعيدون قلباً وروحاً وفكراً من حضرة النبي ﷺ، ويسعون لإبعاد الآخرين عنه ﷺ أنهم أقل من في الأرض من الكائنات حياءً وعقلاً وإنصافاً وشرفاً، وأنجسهم وأخبثهم، فحياتهم قمار، ووعودهم كذب، وعهدهم خيانة، وحرصهم فسق وفجور، وطبيعتهم فساد.
في مقابل كل ذلك سيكون من الجميل أن تبدأ حملة الدفاع عن السنة الشريفة في كل موسم لذكرى المولد الشريف، وسيكون من الجيد اتخاذ خطوات لإيجاد مسابقة مثل "من لا يحفظ أربعين حديثاً في فصله، لن يجتاز صفه"، بدلاً بالاقتصار فقط على مسابقات اختبارات السير النبوية وقراءة الصفات الشريفة وقصائد المديح والموالد الشريفة.
الاحتفال الأهم والأكثر معنى بالمولد الشريف هو معرفة أن التوترات والاضطرابات والمنازعات العبثية والانسلاخات والانفكاكات المتزايدة في المجتمع والتي لم يُتمكن من إيقافها هي نتيجة الابتعاد عن سنة سيدنا النبي ﷺ، ومعرفة ما يمكن عمله بمواجهة ذلك.
أتباع النبي ﷺ المقتدون به، سياستهم القائمة على العدل صادقة ونظيفة، تجارتهم القائمة على الحلال رابحة ومباركة، أسرهم القائمة على الأمانة سعيدة ومصونة، وكل علاقاتهم الاجتماعية مبنية على تقوى الله وحساب الآخرة.
اللهم زدنا نصيباً من سنة رسولك ﷺ ومحبته. (İLKHA)