تواصل ملتقى العلماء الثامن، الذي ينظمه اتحاد العلماء كل عام بمشاركة العلماء والأكاديميين والسياسيين وممثلي المنظمات غير الحكومية وقادة الرأي من البلاد الإسلامية.
وقد انطلقت، أمس السبت، فعاليات الملتقى، تحت شعار "توجيه النهضة الإسلامية"، في مقر الاتحاد في ولاية ديار بكر.
وخلال اليوم الثاني من فعاليات ملتقى العلماء، ألقى الدكتور "طلعت فهمي" كلمة حول "المشاكل التي تعاني منها المرأة تحت تأثير الثقافة الغربية".
وأشار د. طلعت فهمي إلى أن الثقافة الغربية تغلغلت في حياة المسلمين وبيوتهم، وقال: "هاجم الغرب المجتمع الإسلامي من الداخل، وذلك عبر وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة ووسائل التواصل الاجتماعي، والعالم الافتراضي، والمناهج التعليمية، والرموز السياسية والثقافية والفنية والاجتماعية.
وأضاف الدكتور فهمي: "إن المرأة نالت نصيبها من هجمة الغرب لأنها عماد الأسرة، ولبنة بناء المجتمع، ودورها الكبير في بناء مستقبل الأمة، وقد أثرت الثقافة الغربية على حياة العديد من النساء المسلمات، بشكل لا يمكن تجاهله".
"الغرب يرى أن القيم الأخلاقية الأساسية تشكل عائقًا أمام حرية المرأة"
وتابع الدكتور فهمي حديثه مبيناً أن تأثيرات الهجوم الغربي لا تقتصر على هذه القيم، وقال:
"إن المفاهيم الأساسية التي حاول الإسلام ترسيخها في المجتمع المسلم فيما يتعلق بتوحيد الأدوار بين الرجل والمرأة، وفصلها للقيام بواجب الخلافة وحمل الأمانة وبناء الأرض على العدل، قد تعطلت، وباستخدام شعار إيذاء المرأة، قامت الناشطات النسويات بتأجيج العداء بين الرجال والنساء، وجادلن بأنه من المفترض أن يتم تمكين المرأة حتى تتحرر تمامًا من الرجال وأسرهم.
كما زعمت الحركات النسوية أن الدين والقيم الأخلاقية الأساسية تشكل عائقًا أمام حرية المرأة وحقوقها، ولذلك زعموا أن المرأة يجب أن تحارب الدين والقيم الأخلاقية.
ومن أجل تكريم المرأة وتمجيدها وإنقاذها من متاعب الحياة، استخفوا بمسؤوليات الرجل وأعطوا الولاية للمرأة، وأصدروا اتفاقيات وقوانين دولية تقيد الزوج وتمنعه من القيام بمسؤوليته كوالد في تربية أبنائه تربية جيدة.
وظهرت تشوهات قانونية نتيجة تطبيق هذه الاتفاقيات والقوانين الدولية التي ألغت حضانة الذكور داخل الأسرة، الأمر الذي أدى إلى تخلي المرأة عن واجباتها كزوجة وأم، ومنحها الحق في الشكوى والتمرد على زوجها باسم حمايته من التعنيف.
كما وجهوا النساء نحو الموضة، ونصحوا بعدم ارتداء الملابس المحتشمة، مما أدى إلى انخفاض نسبة الاحتشام في المجتمع.
"المرأة المسلمة تحت تأثير الثقافة الغربية"
وبين د. فهمي أن المرأة المسلمة تأثرت بالثقافة الغربية، وذكر بعض أسباب ذلك بما يلي:
- الفشل في فهم الإسلام بشكل صحيح كدين ينظم جميع جوانب الحياة.
- عدم الفهم الصحيح لدور المرأة الحقيقي في الحياة.
- قلة أماكن التربية الاجتماعية التي تعزز الهوية الإسلامية والانتماء في ظل الإسلاموفوبيا.
- وفي بعض المجتمعات والأسر، لا يكون للرجل دور واعي وفعال كأب وأخ وزوج.
- أيضاً في كثير من البيوت، تفتقر المرأة إلى روح الرحمة والمحبة.
- الترويج لنماذج مشوهة من العلاقات الأسرية بعيدة عن التعاليم الإسلامية الحنيفة عبر وسائل الإعلام، وفي بعض الحالات، تسود العادات والتقاليد التي لا علاقة لها بتعاليم الإسلام في العلاقات مع المرأة.
-و تزايد الاستخدام اللاواعي لوسائل التواصل الاجتماعي كعالم افتراضي".
"مكانة المرأة في الإسلام"
وقال الدكتور فهمي: "لقد أعطى الله أهمية كبيرة للمرأة، بحيث لم يشهد التاريخ ديناً أو شريعة تعطي هذه الأهمية للمرأة مثل الإسلام".
وأضاف: "إن الله عز وجل أمر بإكرام المرأة، ومجدها، واهتم بها اهتماماً كبيراً"، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء 1)، فالمرأة في الإسلام هي أم الرجل وأخته وابنته وخالته وجدته وزوجته، وهي شريكة الرجل في تحمل مسؤوليات الحياة، وقد كلَّفها الله مع الرجل بأداء واجب الخلافة في الأرض، وتربية أبنائها تربية صحيحة.
وبعد أن عانت المرأة من صعوبات مثل فقدان حق الحياة الذي كان أهم حقوقها في فترة الجاهلية (قبل الإسلام)، جعلها الله تعالى مساوية للرجل من حيث التكريم والتشريف، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} )الأحزاب:35(
"الإسلام أظهر التقدير للمرأة كأم"
وأشار الدكتور فهمي إلى أن الإسلام كرم المرأة كأم، وجعل الأم من أحق خلق الله بالتكريم والاحترام وحسن المعاملة، وأن الجنة تحت أقدام الأمهات، {فقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، مَنْ أحقُّ الناس بِحُسن صَحَابَتِي؟ قال: «أمك» قال: ثم مَنْ ؟ قال: «أمك»، قال: ثم مَنْ؟ قال: «أمك»، قال: ثم مَنْ؟ قال: «أبوك». متفق عليه. وفي رواية: يا رسول الله، مَنْ أحقُّ بحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قال: «أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك.}، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إيذاء النساء، وأوصى بمعاملتهن بالرفق والرحمة، وقال في حجة الوداع: {استوصوا بالنساء خيراً؛ فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله}. (الترمذي)
وكان سلوك النبي اللطيف تجاه النساء يمثل أسلوبًا لم نشهده في العرب والمجتمعات الأخرى في ذلك الوقت.
لقد جلب الحب والسعادة للنساء، وقدّرهن، وجعلهن يشعرن بالحب والرغبة، ومراعاة لمشاعرهن واحتياجاتهن النفسية والعاطفية، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخدمهن، ويساعدهن، ويلطف بهن، ويسليهن. وليست هذه الحماية من الهيمنة والقهر والعصبية، بل من باب الرحمة والخير والإحسان والمحبة والمودة.
"هناك حاجة إلى حلف فضول جديد"
وذكر الدكتور فهمي أننا بحاجة إلى حلف فضول جديد الذي يجمع أولئك الذين يناضلون من أجل مستقبل البشرية، لمناقشة وتقييم الخطوات التي تهدد العالم بالانقراض والدمار بسبب سياسات الغرب، وأورد الاقتراحات التالية للحل:
مد جسور التواصل مع الجهات المعنية في العالم الإسلامي بشكل خاص والعالم أجمع بشكل عام، من أجل مكافحة الموجة العالمية التي تدمر الأسرة والقيم والأخلاق.
تنظيم محاضرات ومؤتمرات وندوات للتعريف بمكانة المرأة في الإسلام والأحكام المتعلقة بالتوازن بين حقوق وواجبات كل فرد من أفراد الأسرة تجاه الوالدين وكافة مؤسسات المجتمع.
تنظيم برامج تعليمية ودورات تتضمن الفقه فيما يتعلق بعلاقة الرجل بالمرأة كبنات وإخوة وأمهات وزوجات، وعلاقة المرأة بالرجال (كأزواج وآباء وإخوة وأبناء).
تنظيم دورات تدريبية وتثقيفية للشباب والفتيات حول الحياة الزوجية والعوامل التي تضمن نجاح الزواج.
وبعد الزواج، تقديم الدعم النفسي والتربوي في هذه الدور والمساهمة في حل المشاكل التي تواجهها الأسرة.
تنظيم دورات تعليمية وتدريبية لتربية الأطفال بمختلف أعمارهم، ودعم الجهود الاجتماعية التي تكافح موجات الإلحاد والإباحية والمثلية الجنسية ومحاولات تدمير الأسرة والمجتمع.
المطالبة بالانسحاب من الاتفاقيات الدولية التي تدمر الأسرة وتدمر الدين والأخلاق.
{سُبۡحَـٰنَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلۡعِزَّةِ عَمَّا یَصِفُونَ، وَسَلَـٰمٌ عَلَى ٱلۡمُرۡسَلِینَ، وَٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ} (الصافات 180-181). (İLKHA)