نظمت مؤسسة اتحاد العلماء والمدارس الإسلامية برنامج "الملتقى الثامن للعلماء" هذا العام، كما كل عام، في مقر حافظة ديار بكر تركيةوالذي ينظمه كل عام بمشاركة العلماء والأكاديميين والسياسيين وممثلي المنظمات غير الحكومية وقادة الرأي من الجغرافيا الإسلامية.
وعقد الاجتماع هذا العام تحت شعار "توجيه الصحوة الإسلامية"، في مقر مؤسسة اتحاد العلماء في محافظة ديار بكر.
وقدم الباحث الكاتب عمر عبد العزيز خلال الجلسة الثانية من البرنامج عرضاً حول "أهمية توجيه الصحوة الإسلامية".
وذكر أن انهيار الخلافة العثمانية وسيطرة الدول الاستعمارية أدى إلى ظهور ظاهرة الصحوة الإسلامية، وأن المسلمين المبدعين والإصلاحيين اتخذوا إجراءات في نطاق هذه الظاهرة.
معوقات الصحوة الإسلامية
ولفت عبد العزيز خلال كلمته إلى المعوقات الداخلية التي تعترض الصحوة الإسلامية، قائلاً: "إن المعوقات الداخلية الأساسية هي المعوقات على المستوى الفكري، ونماذج من التطرف في الدين، والتطرف الفكري، وسيطرة المفاهيم المعقدة، و"الجهاد/الحرب"، و"الولاية/ العصمة" والتعامل مع غير المسلمين في حالة حرب، والخلط بين بعض أحكام الشريعة".
وأشار إلى أن هناك عقبة أخرى تتجلى في المجال السياسي، وقال: "إننا نواجه تحديا في غياب النظرة السياسية إلى القضايا الراهنة، ويمكن إعطاء الأمثلة على ذلك المشاكل والقضايا العرقية، والأقليات غير المسلمة والعلاقة بينها، وموجات الابتكار والعولمة، ووسائل الإعلام المكثفة، ومخاطر التكنولوجيا والاتصالات والثورات الأخرى".
وأشار عبد العزيز إلى المعوقات في مجال الأخلاق والتعليم، مشيراً إلى أن المواقف الإسلامية النبيلة آخذة في التراجع، والفضيلة العليا والأخلاق تنهار، وهيمنة الشكلية على الجواهر والمضامين، وهيمنة المظهر على النوايا والمقاصد.
وبين أن هناك خلطاً بين التقاليد الاجتماعية والقيم الإسلامية على المستوى الاجتماعي والثقافي، وأنه يتم اتخاذ تفسيرات غير مبررة لإعطاء التقاليد لوناً دينياً، وخاصة فيما يتعلق بمعاملة المرأة والفن والأدب.
الحل
وسرد عبد العزيز بعض الأمثلة على العوائق الخارجية واقترح الحلول التالية:
" وقد أمرنا أن نكون موحدين في الآية: ’’إن أمتكم أمة واحدة’’،’’ولا تكونوا كالذين اختلفوا وتفرقوا’’، ومنعنا من التفرقة والاختلاف، وهناك تعريف في القرآن ’’كنتم خير أمة أخرجت للناس’’، لدينا الفرص والبركات والقوة الكامنة التي لا يملكها الآخرون، والمسلمون مأمورون بعدم اليأس من رحمة الله، لذلك لا بد من الحديث عن الحلول بل ومحاولة إيجادها بسرعة.
ومن ناحية أخرى، لتوحيد الأفكار المتشابهة في كافة القضايا، لا بد من بذل جهد جماعي، بعيداً عن التعصب الفقهي والمذهبي والاختلافات الفئوية والمذهبية، ووضع الخلافات جانباً ومحاولة التجمع على القواسم المشتركة والثوابت.
ولهذا الغرض لا بد من خلق منافسة إيجابية لتقديم أفضل المشاريع العملية وأفضل الخيارات والخطط التي من شأنها أن تخدم المجال الذي ذكرناه.
إضافة إلى ذلك، لا بد من النظر بشكل جدي في إحياء روح الابتكار والتحديث والفقه المعاصر، وإدخال البرامج التطويرية في التعليم والتدريب والمشاريع السياسية وخطب الدعوة والدراسات الشرعية وإبداع الفقه المعاصر والتنمية الحديثة في الأساليب وجميع المجالات الأخرى.
ومن أجل توجيه الصحوة الإسلامية لا بد من العمل بسرعة، سواء على أساس فردي، أو على أساس القادة والزعماء فكريا وتربويا وسلوكيا، أو على أساس البرامج والمشاريع والمؤسسات والأنظمة.
ولا بد من الاستعداد لإنشاء آلية دولية للتنسيق بين الحركات والقوى الإسلامية، وذلك كخطوة نحو إنشاء هيئة مجلس جماعي في المستقبل.
وتحتاج أساليب الدعوة إلى الإسلام تطورات تتناسب مع العصر وصفها الله تعالى بأنها "وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً"، "وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة". ومن أجل تنفيذ الأوامر "جادلهم بالتي هي أحسن"، و"أحسن القول للناس"، و"مر عبادي أن يقولوا التي هي أحسن"، لا بد من أخذها على محمل الجد.
ومرة أخرى لا بد من بذل الجهود لإعطاء المصداقية العلمية لعلامات وخصائص الواقعية والربانية والتيسير والتبشير والتسامح التي عرفت بها الشريعة الإسلامية، ويجب حظر كافة أشكال الكراهية والتعقيد والتعسير والتعصب والتطرف والعناد والتعنت والعنصرية والطائفية وغيرها من الخطابات والأساليب.
ولا بد من تجميع المؤسسات الفكرية والفقهية العالمية في إطار آلية شاملة مثل الأمم المتحدة، كما يجب تجميع القوى الإسلامية. ومن أجل مد جسور اللقاء والتفاهم بين القوى والتوجهات، لا بد من إنشاء مؤسسات مثل: «المؤتمر الإسلامي» أو «الجامعة العربية»، أسوة بالجهود الأولى الجديرة بالشكر مثل «الاتحاد العالمي للعلماء»، "الاتحاد الدولي للرابطات الطلابية" و"الاتحاد الدولي للبرلمانيين المسلمين"، وبهذا سيتم اكتساب العديد من الفرص، وسيتم ضمان النزاهة وتقريب وجهات النظر من بعضها البعض.
ويجب أن نعمل على رفع الوعي العام حتى لا يكون أطفالنا مستهلكين يدعمون المنتجات الغربية، بل منتجين يعتمدون على الإنتاج المحلي والصناعة المحلية رغم ضعفها وقلة جودتها، ويجب أن يتزامن ذلك مع دعم المشاريع الزراعية والصناعية المحلية، وإن كانت بدائية.
ولا بد من الكشف عن سلبيات العولمة الفكرية والثقافية والاقتصادية من خلال وسائل الإعلام والمواعظ والمقالات.
ولكن لا بد من التأكيد على ضرورة الحفاظ على الهوية الدينية والأخلاقية والثقافية والقيم العليا، وإبراز الجوانب المشرقة من تاريخ الحضارة الإسلامية وانجازات أهلها.
ويجب علينا دعم المؤسسات الإعلامية والشباب والطلاب والنساء والأكاديميين والدعاة والسياسيين والبرلمانيين وتمكينهم من القيام بدورهم في أداء الواجبات المذكورة أعلاه.
وإن السياسيين والمؤسسات والهيئات التشريعية بحاجة إلى العمل الدقيق لتغيير الدساتير التقليدية وتغيير القوانين والتعاليم المستوحاة منها وفقا لمعطيات العصر ومتطلبات العصر".
وبعد الجلسة الثانية، استمر لقاء العلماء الثامن بقسم الملاحظات، حيث تلقى المشاركون الكلمة وأبدوا آرائهم، ويتواصل اللقاء بجلستين غدا. (İLKHA)