أفغانستان بعد التحرر من الاحتلالين السوفيتي والأمريكي وإعلان الإمارة الإسلامية

أُعلنت الإمارة الإسلامية بقيادة حركة طالبان الأفغانية، بعد التحرر من الاحتلالين السوفيتي ثم الأمريكي، ومعاناة كبيرة تسببا بها للبلاد وحروب طاحنة تسبب بدمار واسع في البلاد.

Ekleme: 24.09.2023 17:11:32 / Güncelleme: 24.09.2023 17:11:32 / Arapça
Destek için 

أثار الاحتلال السوفييتي لأفغانستان ردود فعل عالمية وإقليمية في 27 كانون الأول/ ديسمبر 1979، ودام قرابة عشر سنوات، ما لبث أن أرغم على الانسحاب بعد تكبد قواته خسائر فادحة منتصف شباط/ فبراير عام 1989، ولكن خلافًا للتوقعات، فلم تتمكن أفغانستان من تحقيق السلام بعد انسحاب جنود الاتحاد السوفييتي، ‏وأصبحت البلادُ مسرحًا للصراعات الداخلية لجماعات المجاهدين‏، وحرب أهلية طاحنة.

وسادتِ الفوضى وسادت أعمالَ الشغبِ في البلاد بالتزامنِ مع الاضطراباتِ والقلاقل، وأصبحت ‏أكثرُ المدنِ مناطقَ صراع بين العصابات المسلحة.‏

في هذه الأثناء برزت الاختلافات العرقية والطائفية والثقافية بشكل واضح، وكادت أفغانستان تنقسمُ إلى ‏عدة أجزاء في المنطقة‎، بدأ اسم "طالبان" بالانتشار.‎‏

لقد كان صادمًا للعديد من الخبراء أن "الحركة الطلابية" التي تتخذ من قندهار مقرًا لها ‏قامت بتصفية جميع الجماعات المسلحة في فترة قصيرة مدتها عامين، وقد تمركزت هذه الحركة في ‏كابول؛ لكن الحقيقة اللافتة للنظر "وجود شعب سئم الفوضى والصراع الداخلي في الميدان ‏قام بدعوة طالبان،‏ والتي حكمت البلاد لمدة أربعة أعوام.‏

ولقد أثارت الحركة انتقاداتٍ بسبب ممارساتها الصارمة وفشلها في مراعاة الفسيفساء الاجتماعية؛ ‏لكنها نجحت خلال فترة وجودها في السلطة بتوفير الأمن ومحاربة العصابات والمخدرات.

وطلبت الولايات المتحدة من إدارة طالبان تسليم "أسامة بن لادن" الذي حمَّلته المسؤوليةَ عن هجمات ‏‏(11) من أيلول/ سبتمبر عام 2001، وكان ردُ طالبان واضحًا كما يلي: "إذا كانت هناك أدلة دامغةٌ ‏فسوفَ يُحاكمُ أمامَ محكمةٍ شرعية في بلد إسلامي‎"‎‏.‏

وعلى إثره، بدأت الولايات المتحدة غزو أفغانستان مستخدمةً "التحالف الشمالي" بقيادة "أحمد شاه مسعود" كقوة ‏برية‎. ‎‏

استمر الغزو الأمريكي الذي بدأ في (7) من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2001 مدةَ عشرين سنة،‏ في هذه المدة انسحبت طالبان إلى الريف وبدأت حرب العصابات.

وقد دعم الشعب الأفغاني حركة طالبان في ‏الأرياف، وحاولت أمريكا وحلفاؤها إنهاء هذا الدعم الشعبي بمجازر غير إنسانية لمدة (20) عامًا؛ لكنهم ‏لم ينجحوا،‏ وأخيرًا اضطروا إلى الانسحاب عام 2021.

وفي 15 آب/ أغسطس أرادت حركة طالبان، التي استولت على المدن واحدة تلو الأخرى وحاصرت كابول، الاجتماعَ مع حكومة كابول،‎ ‎وأن تدخل المدينة دون قتال، لكنها لم تلقَ آذنًا صاغية.‏

وحين غادر أكثر قادة حكومة كابول وممثليها العاصمة كابول، دعا زعماء المدينة وبعض ‏الإداريين السابقين حركة طالبان إلى كابول‎ ‎خشية وقوع أعمال نهب في العاصمة بعد هروب السلطة.

وقبل حلول مساء يوم (15) آب/ أغسطس، دخلت قوات طالبان كابول دون صراع،‏ وتمَّ إعلان ‏‏"إمارة أفغانستان الإسلامية‏‎"‎‏، وكانت بانتظار حركةَ طالبان العديدُ من المشاكل مثل المقاطعةِ ‏الدولية، والأمن، وكارثة الإدمان التي جلبها الاحتلال، والفقر، والخراب الذي حلَّ بالبلاد؛ رغم هذا كله فإنَّ ‏السنوات العشرين الماضية كانت قد أدت إلى نضج حركة طالبان ووسعتْ إدراكهم.‏‎ ‎‏

وردًا على سؤال حول هذا الموضوع، قال المتحدث باسم الإمارة الإسلامية ذبيح الله مجاهد: ‏‏"لقد نضجنا في عشرين عامًا واكتسبنا الخبرة،‏ لقد حققتِ الإمارة الإسلامية نجاحًا يفوق ‏التوقعات في توفير الأمن، وأصبح كل جزء تقريباً من أفغانستان آمنًا، وتم التركيز على ‏إعادة تأهيل المدمنين".‏

ومن ناحية أخرى، لا يمكننا أن ننسى هجمات داعش؛ مع استمرار الاحتلال للبلاد، وقد أفادت ‏طالبان بالبيان التالي: "في اللحظة التي حُوصرت وَحدةٌ تابعة لداعش من قبل طالبان، تم ‏إنقاذُ مقاتلي وَحدةِ داعش هذه بواسطة المروحيات الأمريكية التي وصلت إلى المنطقة،‏ إذا نظرنا إلى الهدف من هجمات داعش، رأينا بوضوح أن الهدف هو: تحويل الخلافات الطائفية ‏إلى صراع، وجعل المساجد والمدارس تبدو غير آمنة، وهو ما يظهر بوضوح لصالح من تمّ استخدام اسم داعش".

ويجدر بالذكر أنه قد لوحظ انخفاض كبير في ‏معدلات الفساد والرشوة في المؤسسات العامة في الإمارة الإسلامية.‏

على الرغم من أنَّ البلاد غنية بالمناجم إلا أن عدم القدرة على جذب المستثمرين بسبب ‏‏الافتقار إلى الاعتراف الدبلوماسي، يتسبب في استمرار الصعوبات الاقتصادية.‎‏

وفي المجال الاقتصادي، أرسلت الإمارةُ الإسلامية وفودًا وأجرت اتصالات دبلوماسية مع العديد من الدول مثل ‏النرويج، وسويسرا، وتركيا، والصين، وقطر، وروسيا، وباكستان، وأوزبكستان.

وكما دعت ‏المستثمرين إلى أراضيها فإنها طالبت بالاعتراف الرسمي بحكومتها؛ فالبلاد تمتلك رواسب ‏من الليثيوم، والحديد، والفحم، والنحاس، والذهب، والزنك، والرصاص، والغاز الطبيعي، ‏والنفط، بالإضافة إلى المعادن الثمينة والأحجار مثل الزمرد، واللازورد، والياقوت.‏

في الحقيقة، وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، تُقَدَّرُ قيمة رواسب المعادن، والأحجار ‏الكريمة في البلاد بنحو تريليون دولار؛ فالإمارة الإسلامية تنتظر المستثمرين من الدول الإسلامية؛ لكن اهتمام الشركات الصينية يأتي ‏في المقدمة، وقد عقد هؤلاء المستثمرون اجتماعاتٍ عديدة مع إدارة الإمارة الإسلامية، وشرعت الشركات الصينية في العمل.

يذكر أن وفدًا من الإمارة الإسلامية الأفغانية قد زار تركيّا مؤخراً وعقد اجتماعاتٍ مع مسؤولي وزارة الخارجية ووزارة ‏الاقتصاد. ‏

وما يستطيع الجميع رؤيته هو التالي: "هذه المرة، قد وُجِدَ فهمٌ أكثر اعتدالًا وأكثر واقعية ‏وأكثر شموليةً للحكومة في الفترة الانتقالية من طالبان إلى الإمارة الإسلامية، وقد نشهد ‏بعض التطورات الجديدة على الصعيد الدبلوماسي في الأيام المقبلة. (İLKHA)