كان قد تمّ تشكيل حكومة مؤقتة في مصر بعد استقالة "حسني مبارك"، وأجريت انتخابات مجلس الشعب في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، وحصل حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمون على 47 في المائة من الأصوات في الانتخابات.
وفي مجلس الشعب المصري المؤلف من 508 مقاعد، فاز الإخوان المسلمون بـ 235 مقعدًا، فيما فاز مرشح حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمون "محمد مرسي" في الانتخابات الرئاسية المصرية التي أجريت يومي 16 و17 حزيران/ يونيو 2012 بنسبة 51.73 في المائة من مجموع الأصوات، وهكذا فقد أصبح "مرسي" الذي تولّى منصبه في 30 حزيران/ يونيو 2012، خامس وأول رئيس منتخب لمصر.
أدّى نجاح الأحزاب الإسلامية إلى إرباك محلي وأجنبي
ورغم كل سياسات الانقسام والاستنزاف من الجيش والقوى الأجنبية، فقد حققت الأحزاب الإسلامية نجاحًا كبيرًا في الانتخابات، ونتيجة لنجاحات الأحزاب الإسلامية تحركت القِوى الداخلية والخارجية، فعندما رأى الجيش أنّ الشعب على قلب واحد وقوة واحدة، تراجع إلى الخلف لفترة من الوقت، ومع ذلك، فقد حاول الجيش سرًا إحداث انقسامات من خلال إطلاق إرادة كل تشكيل، وعلى سبيل المثال، اندلع صراع بين التشكيلات الإسلامية المتحالفة في عملية الثورة في مصر، وكانت هناك حالة قام فيها كل شيخ أو عالم بتشكيل حزب سياسي خلال فترة مبارك على وجه الخصوص، كما سُمح لبعض الجماعات التي لم يُسمح لها بتشكيل حزب من قبل، بل تمّ تشجيعها على تشكيل أحزاب لعرقلة الطريق أمام جماعة الإخوان المسلمون، وبفضل ما يمتلكه الجيش من موارد اقتصادية، ظهرت أزمات مصطنعة مختلفة، ونُظّمت بعض الألعاب في منطقة سيناء، وأصبحت الأرض مهيأة للتدخل العسكري.
أيام صعبة تنتظر "مرسي"
وكانت هناك أيام صعبة تنتظر "مرسي"، ففي بعض الأحيان كانت تُنظم ضده احتجاجات، فيما أعلن "مرسي" أنّه قرّر إقالة المشير "الطنطاوي" رئيس المجلس العسكري الأعلى وإرساله للتقاعد، وفي 1 كانون الأول/ ديسمبر 2012، تمّ إجراء استفتاء دستوري على مرحلتين، وتمّ قبول الاستفتاء بنسبة 57 في المائة "نعم" في المرحلة الأولى، و64 في المائة في المرحلة الثانية، وبعد هذه النتائج امتلأ ميدان التحرير بالمتظاهرين العلمانيين والعلمانيين والاشتراكيين، وفي 1 تموز/ يوليو 2013، ومع تزايد المناقشات والاحتجاجات في البلاد، أعطى الجيش المصري "مرسي" 48 ساعة لحل الأحداث، وفور انتهاء المدة، أُعلن عن إقالة الرئيس "محمد مرسي".
حُرم "محمد مرسي" من أي دعم
وعلى الرغم من حصول الرئيس "محمد مرسي" على 52 بالمائة من الأصوات في الانتخابات، إلا أنّه ظلّ في منصبه لمدة عام واحد فقط، وخلال فترة ولايته، حُرم من كل دعم تقريبًا، لا سيما الاقتصادي والسياسي، وبدأت حملات المعارضة ضده في العديد من المجالات مثل المؤسسات والمنظمات العامة والقضاء والإعلام قبل أشهر من إقالته من منصبه، وفي 3 تموز/ يوليو تمّت إقالته من السلطة لعدم وجود عناصر كافية في الجيش والأمن لدعمه.
إعلان الرئيس "مرسي" عدم قبوله قرار الانقلاب
وقد صرح الرئيس "مرسي" بأنه لا يقبل أي اتهامات وقرارات متخذة، وأنّه سيظل بجانب ما قاله وفعله حتى النهاية، وبدأ الناس الذين ربما تفقد حريتهم كل أمل، بمقاومة كبيرة في ساحة رابعة، ومع بداية الاحتجاجات، شنّ الجيش المصري هجومًا مضادًا، كان أوله في 8 تموز/ يوليو، حيث وجه الجيش البنادق على المتظاهرين الذين اعتصموا أمام مبنى الحرس الجمهوري بالقاهرة، مما تسبب في مقتل أكثر من 50 شخصًا، ثم في 17 تموز/ يوليو، حيث لقي 80 شخصًا ممن كانوا ضد الانقلاب أمام مسجد رابعة مصرعهم في الهجمات.
مجزرة في ميدان رابعة
ومع استمرار الاحتجاجات في 11 آب/ أغسطس، أعطى الجيش المصري ملاحظة عامة وطالب بإخلاء جميع الساحات، لكن استمر الشعب في مقاومة الانقلاب، فبدأ الجيش المصري بمهاجمة الشعب مرة أخرى في 14 آب/ أغسطس، وأُضرمت النيران في خيام المتظاهرين والمناطق التي كانوا يعيشون فيها والمستشفيات المتنقلة التي استخدموها، كما قام الجنود الذين أعلنوا حالة الطوارئ في البداية بسحق جثث الأشخاص الذين قُتلوا ثم حرقها، وأحرقوا مسجد رابعة الذي كان المقاومون يحتمون فيه، وتمّ احتجاز 700 متظاهر، بينهم أطفال ونساء ليوم واحد في مسجد الفتح بالقاهرة، فيما فقد آلاف الأشخاص حياتهم في هذه المقاومة، رغم أنّ الأرقام الدقيقة غير معروفة.
استشهاد "أسماء البلتاجي" في المجزرة
وفي الأحداث اُستُشهدت "أسماء البلتاجي ابنة "محمد البلتاجي" أحد قادة الإخوان، البالغة من العمر 17 عامًا على يد القناص.
إنّ الذين نفذوا الانقلاب العسكري في مصر حصلوا على دعم دول أجنبية
وحظي المنفذون للانقلاب العسكري في مصر بتأييد غالبية دول الخليج ونظام الاحتلال الصهيوني ودول مثل الأردن، لذلك، لم يكن من قبيل المصادفة أن تحولت معارضة الإخوان بعد الانقلاب إلى سياسة إقليمية، خاصة في السعودية والإمارات، وباستثناء قطر وتركيا، فقد أصدرت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والغرب بشكل عام بيانات قبلت إدارة "السيسي" منذ اليوم الأول، فبعد عام من الحكم المدني، بدأ الجيش يحكم مصر مرة أخرى.
المحاكمات والإعدامات
ويذكر أنّه تمّ إلقاء 60 ألف شخص في الأبراج المحصنة منذ 14 آب/ أغسطس 2013، وتستمر المحاكمات حتى يومنا هذا.
كما اتُهم "محمد مرسي" الذي أُقيل بالتجسس لصالح حماس، وإعطاء إيران الوثائق السرية للبلاد، وقتل المتظاهرين أمام قصر الاتحادية.
وقد اُستشهد "مرسي" في قاعة المحكمة في 17 حزيران/ يونيو 2019 ؛بسبب التعذيب الذي تعرض له وانعدام الظروف الصحية. (İLKHA)