جاء في البيان الختامي صادر عن علماء الأمّة، حول اعتزام المنظمات الصّهيونيّة تنفيذ مسيرة الأعلام، والعدوان على المسجد الأقصى المبارك في ذكرى ما يسمى "خراب الهيكل"، ما يلي:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فقد أعلنت جماعات الهيكل بالشراكة مع عددٍ من منظّمات اليمين الصهيوني؛ عن تنظيم مسيرة أعلام ليليّة في مدينة القدس، يوم الأربعاء، السادس والعشرين من شهرنا الجاري تموز/ يوليو من عام 2023م، فيما يعرف بذكرى خراب الهيكل، وأطلقت على مسيرة الأعلام المزمعة عنوان "حولَ أسوار عاصمتنا الأبديّة والموحّدة ذات السّيادة"، وستكون بمشاركة عدد من وزراء الحكومة الصّهيونيّة وزمرة من نوّاب الكنيست، في تأكيد لتبني منظومة الاحتلال بشكل كامل لهذه المسيرة والعدوان على القدس والمسجد الأقصى المبارك.
وإنَّنا ـ الموقعين على هذا البيان من علماء الأمّة مؤسسات وأفرادًا ـ إزاء هذا العدوان الإجراميّ الصهيونيّ نؤكّد الآتي:
أوّلًا: يؤكد العلماء أنّ هذا العدوان المزمع؛ هو جزء من معركة السيادة على القدس والمسجد الأقصى المبارك ويرادُ منه تكريس إرادة العدوّ الصّهيونيّ، بكون المسجد الأقصى المبارك حقًّا مشروعًا للصهاينة، ويكونون هم أصحابه والمتحكّمين فيه، وإنّ هذه الطموحات الصّهيونيّة تمثّل صورة من أبشع صور السّعي في خراب المسجد الأقصى المبارك ومحو هويّته الإسلاميّة.
قال تعالى: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" (البقرة: 114)
ثانيًا: يطالب العلماء الأمة الإسلاميّة، حكّامًا وشعوبًا، بنبذ التّقاعس عن نصرة مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وإعلان النفير الشّامل بمعناه الواسع؛ الماديّ والمعنويّ، لنصرة أهلنا وأبناء شعبنا الفلسطينيّ ومواجهة مسيرة الأعلام الصّهيونيّة العدوانيّة وخذلانهم، فهذه الجريمة تستهدف الأمة كلها في دينها وعقيدتها ومقدّساتها، وهي معركة الأمة جمعاء وليست معركة الفلسطينيّين وحدهم.
قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ ۚ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ۚ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (التوبة: 38-39)
ثالثًا: يتوجّه العلماء بأبلغ التحيّات إلى الشباب المقاوم، في فلسطين عامة وفي القدس والضّفة الغربيّة على وجه الخصوص، مباركين العمليّات البطوليّة التي تقضّ مضاجع الاحتلال، مؤكدين أنّ هذه المقاومة البطوليّة التي تذيق العدوّ الصّهيونيّ وبال أمره، هي الطريق الصحيح لمواجهة البغي والإجرام الصّهيونيّ، ويدعو العلماء إلى تكثيف هذه العمليّات البطوليّة في ردّ عمليّ على مسيرة الأعلام الصّهيونيّة.
قال تعالى: " فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ۚ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا" النّساء: 74
رابعًا: يبيّن العلماء أنّ احتضان الأمة للمقاومين والمجاهدين الأبطال ودعمهم بكلّ الوسائل الممكنة الماديّة والمعنويّة؛ واجبٌ شرعيّ، وكذلك رعاية أهالي وعائلات شهدائهم وأسراهم وبناء بيوتهم المهدّمة، وهذا من ضروب الاشتراك العمليّ في العمل الجهادي في مواجهة العدوان الصّهيوني المتواصل وآخره مسيرة الأعلام العدوانيّة.
عنْ أنس رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلّم قال: "جاهِدُوا المُشرِكينَ بِأَموالِكُمْ وأَنْفُسِكُم وأَلسِنَتِكُم". رواه أبو داود بسندٍ صحيح
خامسًا: يبيّن العلماء أنَّ استمرار تنفيذ مسيرة الأعلام الصّهيوني بهذا الشكل الاستفزازي المهين يؤكّد عبثيّة مسار التطبيع مع الكيان الصّهيوني، كما يؤكّد تخرّصات المطبعين أنّهم يفعلون ذلك لخدمة قضيّة فلسطين وهم الذين لم يستطيعوا إيقاف اقتحام واحد من اقتحامات الأقصى المبارك أو إيقاف مسيرة أعلام واحدة من المسيرات العدوانيّة التي تزداد كثافة وتتدحرج في عدوانها.
ويؤكّد العلماء أنّ استمرار الأنظمة والشّخصيات الرّسمية المهرولة إلى التّطبيع مع الكيان الصّهيوني، تجعلها مشاركةً له في جرائمه بحق شعبنا وأمتنا ومقدّساتنا، وتتحمّل مع الكيان المجرم المسؤوليّة عن هذه العربدة والغطرسة والجرائم الممنهجة بحقّ المسجد الأقصى المبارك؛ وهذه الهرولة لن تغني عنهم من الله شيئًا في الدنيا والآخرة.
قال تعالى: "فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ" (المائدة: 52)
سادسًا: يحيّي العلماء أهلِ القدس المرّابطين الثّابتين على ثراها وفي ساحات مسجدها الأقصى المبارك، ويدعونهم مع أهلنا في الأراضي المحتلّة عام 1948م والضّفة الغربية حيثما يستطيعون الوصول إلى القدس لشدَّ الرّحالِ إلى المسجد الأقصى المبارك والدّفاع عنه بكلّ ما يستطيعون، والمرابطةِ داخلَه وفي باحاته ومحيطه، ابتداءً من اليوم إلى لحظة إفشال مسيرة الأعلام الصّهيونيّة.
إنّ هذا الزّحف وهذا النفير وهذا الرّباط هو الصّخرة الأولى التي تتحطم عليها كلّ المحاولات الصّهيونيّة لفرض السيادة على القدس والمسجد الأقصى المبارك.
قال تعالى: "انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ" التوبة:41
سابعًا: يحيّي العلماء الأبطال المقاومين في الضفة الغربية عامة ومخيم جنين البطولة، الذين مرغوا أنف الكيان الصهيوني الغاصب بأعمالهم الجهادية وعملياتهم الفدائية، ويؤكدون أن هذا هو السبيل لتحرير فلسطين وحماية المقدسات وردع الغاصبين عن عدوانهم.
كما يوجهون التحية إلى الدعاة الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم وأبنائهم فلذات أكبادهم شهداء في سبيل الله تعالى، وكان آخرهم فضيلة الشيخ "ماهر الخراز" الذي ضرب نموذجًا للعالم الداعية المربي الذي يبذل أبناءه فداء للدين والدعوة.
ثامنًا: يؤكّد العلماء أنّ جميع علماء ودعاة وخطباء الأمة الإسلاميّة، لا سيّما علماء وخطباء المسجد الحرام والمسجد النبويّ شقيقَي المسجد الأقصى المبارك، مطالبون اليوم أن يكونوا في طليعة العاملين لمواجهة مسيرة الأعلام الصّهيونيّة وسائر الاعتداءات الصّهيونيّة على المسجد الأقصى المبارك.
قال تعالى: " الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا" (الأحزاب:39)
تاسعًا: يدعو العلماء أبناء أمتنا الإسلاميّة، لا سيما مؤسساتها الأهليّة والمجتمعيّة الفاعلة، إلى تنسيق جهودها والتواصل الحثيث فيما بينها والاتفاق على منهجيّة عمل شعبيّة واسعة ومكثّفة لمواجهة الجريمة المزمعة، وفضح الباطل الصهيوني، وإساءة وجه الكيان وبيان هشاشته، وتحميل شرائح الأمة كلها مسؤولياتها تجاه مسرى النبيّ صلى الله عليه وسلّم، والعمل على حشدِ الجماهير لنصرةِ المسجد الأقصى المبارك، ومن ذلك تسيير مظاهراتٍ واعتصامات شعبيّةٍ غاضبةٍ، ابتداء من اليوم، في مختلف البلاد الإسلاميّة، وتحريك الرّأي العام العالميّ المناصرِ لقضيتنا لا سيّما في أوروبا، وإنّ هذا من إساءة الوجه الواجب للكيان الصّهيونيّ الغاشم.
قال تعالى: " فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا" (الإسراء:7)
إنّ القدس اليوم والمسجد الأقصى المبارك، اليوم، يتوق ويترقّب جهد المخلصين وبذل المضحّين، فهذا أوان العمل وهذه ساعات المبادرة والجدّ؛ "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" (التوبة: 105)
(İLKHA)