اعتمد مجلس حقوق الإنسان، في العاصمة السويسرية جنيف، مشروع قرار تقدمت به باكستان نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي؛ لإدانة أعمال الكراهية الدينية مثل حرق المصحف، رغم معارضة دول غربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة.
وبحث المجلس في جلسة خاصة عقدها في إطار اجتماعه الدوري، مشروع قرار قدمته المنظمة بشأن عدم احترام القرآن والاعتداء عليه.
وصوت 47 من أعضاء المجلس على مشروع القرار الذي يدعو إلى إدانة الاعتداءات التي تستهدف القرآن ووصفها بكراهية ضد الدين، حيث حظي بتأييد 28 عضواً ومعارضة 12، فيما امتنع 7 عن التصويت.
كما أن الدول الـ 28 معظمها إسلامية صوتت لصالح القرار، في مقابل 12 دولة عارضته أغلبها من دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى بريطانيا والولايات المتحدة، في حين امتنعت 7 دول أغلبها من أميركا اللاتينية.
والدول التي صوتت لمصلحة مشروع القرار: الجزائر والأرجنتين وبنغلاديش وبوليفيا والكاميرون والصين وكوت ديفوار وكوبا وإرتيريا والغابون وغامبيا والهند وكازاخستان وقرغيزيا ومالاوي وماليزيا وجزر المالديف والمغرب وباكستان وقطر والسنغال والصومال وجنوب إفريقيا والسودان وأوكرانيا والإمارات وأوزبكستان وفيتنام.
ورفض مشروع القرار كل من بلجيكا وكوستاريكا وتشيكيا وفنلندا وفرنسا وألمانيا وليتوانيا ولوكسمبورغ والجبل الأسود ورومانيا وبريطانيا والولايات المتحدة.
وامتنعت كل من باراغواي ونيبال والمكسيك وهندوراس وجورجيا وتشيلي وبنين عن التصويت.
ولا تمتلك تركيا حق التصويت لأنها تحمل صفة مراقب في المجلس.
ومن أبرز ما جاء في مشروع القرار؛ إدانة كل عمل متعمد علني يستهدف المقدسات، خصوصاً حرق نسخة من القرآن الكريم، كما نص على وجوب اعتماد الدول قوانين وتشريعات؛ لملاحقة من يرتكب أفعالاً تذكي روح العداء للإسلام ولعموم الأديان، وهو ما دفع الدول الغربية لرفض مشروع القرار.
وقد دعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، أمس الثلاثاء، الأممَ المتحدة إلى التصويت ضد مشروع قرار باكستاني في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يدين أعمال الكراهية الدينية مثل حرق القرآن، معتبرة أنه يعرض حرية التعبير للخطر.
وطلبت دول عدة بينها فرنسا وألمانيا مزيداً من الوقت للتفاوض والتوصل إلى توافق، لكن باكستان قدمت مع ذلك قرارها بعد حوالي 4 ساعات من النقاش في مجلس حقوق الإنسان بجنيف.
وقال السفير البلجيكي "مارك بيكستين دو بويتسويرف" باسم الكتلة الأوروبية: "إن مسألة تحديد الخط الفاصل بين حرية التعبير والتحريض على الكراهية معقدة".
وبعد تمديد خطابات بعض الدول، قرّر المجلس الاجتماع مرة أخرى، اليوم الأربعاء، والتصويت على مشروع قانون الإدانة.
وكانت باكستان طلبت هذا النقاش باسم عدد من دول منظمة التعاون الإسلامي بعدما أحرق المتطرف السويدي من أصول عراقية "سلوان موميكا"، في 28 حزيران/ يونيو الماضي صفحات من المصحف أمام أكبر مسجد في ستوكهولم وخلال يوم عيد الأضحى.
ويتضمن مشروع القرار إدانة لكل دعوة أو تعبير عن كراهية دينية بما في ذلك الأفعال الأخيرة، العلنية والمتعمدة، ودعوة البلدان إلى اعتماد قوانين تمكنها من تقديم المسؤولين عن هذه الأفعال إلى القضاء.
ويطلب من الأمم المتحدة تحديد البلدان التي ليس لديها مثل هذا التشريع وتنظيم طاولة مستديرة للخبراء لبحث الموضوع.
ورأى السفير الباكستاني "خليل هاشمي"، أنه نص متوازن لا يوجه أصابع الاتهام إلى أي دولة، لكن عدداً من الدول الغربية أعربت خلال المناظرات عن معارضتها لقوانين مناهضة التجديف، وفي الوقت نفسه استنكرت بشدة حرق المصحف في السويد.
وقالت الممثلية الدائمة لتركيا لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف عبر حسابها في تويتر: "تمّ اعتماد القرار الذي قدمته منظمة التعاون الإسلامي إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذي يدين الاعتداء على القرآن، ونشكر كافة الدول التي دعمت هذا القرار".
وقالت السفيرة الأميركية "ميشيل تايلور"، في تصريحاتها: "نأسف لاضطرارنا للتصويت ضد هذا النص غير المتوازن لكنه يتعارض مع مواقف اتخذناها منذ فترة طويلة بشأن حرية التعبير".
أما نظيرها الفرنسي "جيروم بونافون"، فقد أشار إلى أن حقوق الإنسان تحمي الأشخاص وليس الأديان أو المذاهب أو المعتقدات أو رموزها.
واعترف السفير البريطاني "سايمون مانلي"، مثل عدد من الدبلوماسيين الغربيين الآخرين والأمم المتحدة، بأن حرية التعبير يمكن تقييدها في حالات استثنائية، وقال: "نحن لا نقبل بالقول إن الهجمات على الدين بحكم تعريفها تشكل دعوة إلى الكراهية".
وأكد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان "فولكر تورك" أن خطاب الكراهية بجميع أنواعه يتزايد في كل مكان، داعياً إلى مكافحته من خلال الحوار والتعليم، وأضاف قائلًا: "إن الخطب والأفعال التحريضية ضد المسلمين ومعاداة السامية والأفعال والخطب التي تستهدف المسيحيين أو الأقليات هي مظاهر عدم احترام كامل".
ووصفها بأنها مسيئة، وتابع قائلًا: "إن فرض قيود على أي خطاب أو تعبير يجب أن يبقى استثناء، لكن القانون الدولي يقضي بحظر كل دعوة إلى الكراهية الوطنية أو العرقية أو الدينية، وإن أيّ قيد محلّي على الحق السائد في حرية الرأي والتعبير يجب أن يتم وضعه بطريقة تجعل هدفه ونتيجته الوحيدة حماية الأفراد بدلاً من إعفاء العقيدة الدينية من الانتقاد".
وتعتبر قرارات مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة غير ملزمة، ولكن تؤثر على القرارات المحتمل اتخاذها في برلمانات الدول، فضلًا عن أهميتها من ناحية تشكيل رأي عام دولي بهذا الصدد. (İLKHA)