تتوسط السعودية وسلطنة عُمان بين الحكومة اليمنية والحوثيين منذ شهور لإعداد اتفاق شامل ينهي الأزمة التي استمرت تسع سنوات في اليمن.
وفي نيسان/ أبريل، التقى وفدان من سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية مع الحوثيين في صنعاء لمناقشة عدد من القضايا المهمة، لا سيما رواتب الموظفين العموميين.
وتدخلت الوفود عندما كان مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن "هانز جروندبرج" يعمل على حل القضايا التي لا يمكن للحكومة اليمنية والحوثيين الاتفاق عليها، مثل قضية الرواتب.
كيف بدأت أزمة الرواتب؟
وكان قد اتخذ الرئيس اليمني السابق "عبد ربه منصور هادي" قرارًا في آب/ أغسطس 2016 بنقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون إلى العاصمة المؤقتة عدن.
ويأتي قرار البنك المركزي للتحرك في إطار حملة الحكومة اليمنية على الحوثيين الذين سيطروا على العاصمة وجميع مؤسسات الدولة في أواخر عام 2014.
وبعد نقل البنك المركزي إلى عدن، تمّ إيقاف دفع رواتب المدنيين والموظفين المدنيين والعسكريين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، فيما استمرت مدفوعات الرواتب في مناطق سيطرة الحكومة.
ويقول الحوثيون: "إن عدد الموظفين الذين تمّ إيقاف رواتبهم في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم يتجاوز المليون".
مشاورات بدون حل
وقبل المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، قادت الأمم المتحدة المبادرات الدبلوماسية لحل أزمة الأجور.
ومن أهم الأسباب التي دفعت الأمم المتحدة إلى التوسط، هي حقيقة أن الأشخاص الذين لا يستطيعون تلقي رواتبهم بدأوا يعيشون بلا دخل، وتدهورت ظروفهم المعيشية إلى حد كبير، وبالتالي ازداد الفقر في البلاد.
وبحسب تقرير المركز غير الحكومي للبحوث والإعلام الاقتصادي في اليمن، فإن الأزمة الناجمة عن عدم دفع الرواتب تسببت في سقوط أكثر من 6 ملايين شخص إلى مستوى الفقر المدقع.
وخلال المشاورات التي قادتها الأمم المتحدة، أصرّت الحكومة اليمنية على تحويل جميع الإيرادات من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون إلى البنك المركزي في عدن مقابل دفع الرواتب.
وتقول الحكومة اليمنية: "إن الدخل من ميناء الحديدة وحده سيكون كافياً لدفع جميع الرواتب في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين"، فيما يرفض الحوثيون ذلك.
ويجادل الحوثيون بأنه يجب دفع الرواتب في جميع مناطق اليمن من عائدات صادرات النفط والغاز التي تسيطر عليها الحكومة.
وفي مفاوضات وقف إطلاق النار التي تمّ الاتفاق عليها في نيسان/ أبريل 2022 واستمرت حتى تشرين الأول/ أكتوبر، أكد الحوثيون مرارًا على دفع الرواتب مقابل تمديد وقف إطلاق النار في اليمن.
ما مدى تعقيد مفاوضات الرواتب؟
وأدت مطالب الحوثيين المتزايدة على رواتب موظفي الخدمة المدنية إلى عقدة جديدة في ملف المفاوضات.
وفي مفاوضات الرياض ومسقط، قدّم الحوثيون مطالب جديدة بشأن آلية دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية المتوقفة منذ سنوات في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
وفي حين يشترط الحوثيون أن يتم دفع رواتب كل مليشياتهم العسكرية والمدنية على أساس هذا العام، تريد الحكومة أن تستند إلى بيانات عام 2014.
وكان الحوثيون قد وافقوا سابقًا على وجوب اعتبار عام 2014 أساسًا، لكن إصرارهم على اتخاذ هذا العام كأساس يتسبب في وصول القضية إلى طريق مسدود.
ويذكر أن الحوثيين، بتشجيع من الحكومة وجهود التحالف بقيادة السعودية لإحلال السلام في اليمن، قد رفعوا مستوى الطلب.
وقد قال رئيس مجلس الرئاسة اليمني "رشاد محمد العليمي" في كلمته أمام قمة جامعة الدول العربية في جدة بالمملكة العربية السعودية: "إن الحوثيين منعوا السفن التجارية والناقلات من دخول موانئ تصدير النفط منذ 8 أشهر بدلًا من الاستجابة بحسن نية لمبادرات الحكومة اليمنية".
كما قال العليمي: "إنه بهذه الطريقة، يحاول الحوثيون تحقيق المزيد من المكاسب في تنظيم دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية وتوسيع نطاقها".
ومن جهة أخرى، قال رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين "مهدي المشاط" في بيان صدر في 15 أيار/ مايو: "إن الولايات المتحدة لا تريد حلاً، وإن الولايات المتحدة لا تريد دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية على الرغم من الرأي القائل بضرورة دفع المملكة العربية السعودية بالتأكيد".
ومن ناحية أخرى، حذّر "المشاط" من عواقب عدم التوصل إلى حل في الملفات الإنسانية، مثل دفع الرواتب والرفع الكامل للحصار في مطار صنعاء وميناء الحديدة. (İLKHA)