وقال رئيس الحركة خلال كلمته في مؤتمر "السيادة الفلسطينية، المتغيرات الاستراتيجية والمسارات المستقبلية" الذي تنظمه جامعة الأمة بغزة إن "أُولى المتغيرات على صعيدنا الفلسطيني تتمثل في نتائج معركة سيف القدس التي شكّلت نقلةً نوعيةً وتحولًا استراتيجيًا في إدارة الصراع مع العدو الصهيوني".
وأضاف أن هذه النتائج كانت واضحة جدًا، سواء في إطار توحيد الأرض والشعب وربط معادلة القوة التي تمثلها المقاومة مع القداسة التي تمثلها القدس والمسجد الأقصى، لافتًا إلى أن القضية أيضًا استعادت مكانتها الاعتبارية على صعيد الأمة والاهتمام العالمي، وأن القدس والأقصى عادت من جديد تشكل محور الصراع مع العدو.
وأشار رئيس الحركة إلى أن المتغير الثاني يتعلق بالانكفاء الأمريكي عن المنطقة في أكثر من ساحة، وخاصة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، منوهًا إلى أنه "لا شك بأن القوة الأمريكية المهيمنة على العالم لم تعد بهذه القدرة على بسط نفوذها العسكري والأمني والسياسي على مناطق مختلفة من العالم بما فيها منطقتنا العربية والإسلامية".
وقال: "الانكشاف الإسرائيلي في معركة سيف القدس والانكفاء الأمريكي في سياق إعادة تموضع الولايات المتحدة الأمريكية واهتمامها بملفات جديدة من قبيل مواجهة الصين وروسيا والقوى الصاعدة في العالم يشكل ذلك تغيرًا مهمًا جدًا وله تأثيرات وأبعاد استراتيجية يجب أن نقرأها قراءة دقيقة وواعية".
وتابع "المتغير الثالث والمهم هو الحرب بين روسيا وأوكرانيا، المعركة تبدو أنها بين روسيا وأوكرانيا، لكن هي بين روسيا ومعسكرها وبين الغرب بشكل عام بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، هذه الحرب هي الحرب الأوسع والأبرز في صراع المعسكرات العالمية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية".
وأكد أن "العالم بعد الحرب لن يكون هو ذاته قبلها، وبالتأكيد أننا سنكون أمام عالم متعدد الأقطاب، وستنتهي حقبة القطب الواحد المتحكم في السياسات الدولية والعالمية، وهذا لا شك سيشكل متغيرا مهما جدًا سيكون له تأثيراته على منطقتنا العربية والإسلامية، وأيضًا على قضيتنا وعلى الصراع مع الاحتلال".
وبيّن أن المتغير الرابع أن "منطقتنا العربية والإسلامية تموج بالتناقضات ما بين التطبيع ومحاولات الاختراق الإسرائيلي للمنطقة وبناء التحالفات العسكرية والأمنية مع بعض الحكومات العربية، وبشكل بدا أن الموضوع تخطى قضية التطبيع إلى إدماج الكيان في المنطقة وإعادة تشكيلها وترتيبها".
فيما أوضح هنية أن الأولويات الاستراتيجية في ظل المتغيرات الأربعة لا بد أن ترتكز على أربعة أبعاد: المقاومة، وبناء التحالفات الاستراتيجية، والانتقال بالشعوب من استراتيجية الإسناد إلى استراتيجية الشراكة في التحرير، بالإضافة إلى الانفتاح على المجتمع الدولي.
وشدّد على أن المقاومة في غزة والضفة وأراضي ال48 والخارج على رأس الأولويات الاستراتيجية التي يجب أن تحظى بالدعم والإسناد من شعبنا وأحرار العالم، مؤكدًا أنها تشكل القبة الفولاذية لحماية القدس والأقصى والضفة والأسرى وأهالي ال48.
ولفت إلى ضرورة التحلي بالجرأة والشجاعة في إعادة بناء التحالفات الاستراتيجية التي ترتكز على استراتيجية الانفتاح على كل من يدعم المقاومة، مشيرًا إلى الحاجة إلى أن تبني الأمة من جديد استراتيجية الشراكة والانخراط المباشر في متطلبات التحرير.
وأكد أن الرواية الصهيونية لم تعد هي الحاضرة، وأن "إسرائيل" لم تعد هي المكانة ذاتها التي كانت تحتلها، مشيرًا إلى وجود متغيرات مهمة تتطلب البناء عليها بما في ذلك الانفتاح على دول كبيرة ووازنة مثل الصين وروسيا إلى جانب إيران الإسلامية وكل الدول التي تواجه السياسة الإسرائيلية الأمريكية في المنطقة.
وجدّد هنية تأكيده استعداد الحركة لتحقيق الوحدة وتجاوز حالة الانقسام الداخلي، "حتى لو تطلب ذلك بناء جبهة وطنية فلسطينية تحمي الثوابت وترعى المقاومة وتشكل مرجعية على طريق إعادة بناء منظمة التحرير إذا ما تعثرت الوحدة العامة".
ووجه التحية لجامعة الأمة والقائمين على المؤتمر، متمنيًا أن يشكل أحد الروافع المهمة في بناء الاتجاهات المستقبلية والأولويات الاستراتيجية على الصعيد الفلسطيني والمنطقة والمجتمع الدولي، ونقطة مضيئة لصناع القرار للأخذ بتوصياته. (İLKHA)