كتب الأستاذ ناشد توتار تعقيباً على استشهاد اسماعيل هنيّة:
أصبح العيش بعد هنّية فارغًا، بلا معنى، وغير ذي جدوى... نعيش أيامًا أصبح فيها الإنسان يرى أن تحت الأرض خير من فوقها... ويتمنى الإنسان لو أنه مات حتى لا يرى هذه الأيام كما قالت السيدة مريم: "ليتني مت قبل هذا، وكنت نسيًا منسيًا". الألم الذي نشعر به بسبب عدم القدرة على فعل شيء بينما يُقتل إخواننا بوحشية، وتُدمّر المدن، وتُفجّر الأطفال، ويموت الناس جوعًا، يرسخ في أعماقنا.
لقد نسينا أن من أبرز وسائل نيل رضا الله هو الجهاد، وفضّلنا الراحة على الجهاد، ومر وقت طويل منذ أن انحرفنا عن هذا المبدأ... حملنا عداوة أعداء الإسلام إلى ما وراء الحدود، بحثنا عن الجهاد في الخارج عبر خطب حماسية على المنابر، ولكننا تجاهلنا أعداءنا الداخليين والخونة من بيننا، والمُتعاونين ضدنا. خدعنا أنفسنا بأننا نفعل شيئًا عبر التهديد عن بُعد ضد الاحتلال الذي يعتدي على مقدساتنا ويشوه شرفنا وعفّتنا.
عندما ننظر إلى واقع المسلمين كمجتمع ودولة، ونتأمل الإبادة الوحشية التي يمارسها نظام الإرهاب الإسرائيلي على إخوتنا في غزة لأكثر من عشرة أشهر، نفهم بوضوح أكبر أن ما بين أيدينا ليس سوى سراب. في الوقت الذي يعجز فيه ملياري مسلم عن كسر أيدي الظالمين اليهود، أو حتى إيصال لقمة خبز أو رشفة ماء إلى غزة، هل لدينا كلمات نقولها، أو أشياء نكتبها؟! هل يمكن لأمة عجزت عن حماية قائدها البطل، الذي دافع عن شرفها وعزتها بكل ما أوتي من جهد، وقدم حياته كشهيد، أن تعوض ذلك بشعارات أو مظاهرات؟ حتى وإن رددت الشعارات ونزلت إلى الميادين، فإن ذلك لن ينقذنا من هذا العار. من الضروري أن يُفَعَّل الخيار العسكري ضد نظام الإرهاب الإسرائيلي والولايات المتحدة وأعوانهم، لأن أي فعل آخر بدون ذلك لن يكون له قيمة.
هل ستدرك العقول بأن اغتيال القائد الشهيد إسماعيل هنية هو اعتداء على جميع دول الإسلام والشعوب الإسلامية؟ هل سيكون هناك من يعي أن هذا الهجوم هو اعتداء على كرامة وحرمة وعزة 57 دولة إسلامية، وينبغي أن يكون الرد بحجم الاعتداء؟ كم من الاغتيالات وكم من القتلى والجرحى في غزة يلزمنا لكي نرى أن التعاون بين 57 دولة إسلامية، والتشاور، والتحرك المشترك، واستخدام القوة العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي هو السبيل الوحيد؟
نحن نبكي على استشهاد إسماعيل هنية، ونتعهد بمتابعة طريقه، وننزل إلى الميادين استجابة لندائه، ونعبر بصوت عالٍ عن دعمنا لإخواننا الفلسطينيين. ولكن علينا أن ندرك أن هذه الأفعال لم توقف نظام الإرهاب، وعلينا أن ندرك أن ما فعلناه هو فقط إظهار موقفنا. لأن إسرائيل المجرمة لا تخاف من الشعارات، بل من القوة. لذلك يجب على الشعوب الإسلامية أن تضغط على حكوماتها لاستخدام القوة العسكرية.
إسماعيل هنية الذي قضى حياته سعياً لتحرير أرض فلسطين، وتحرير الفلسطينيين من الأسر، وكّرس كل جهده لهذا النضال، وانتهى به المطاف بالشهادة، رحل برأس مرفوع وجبهة ناصعة ووجه طاهر. ولكنه ترك الأمة الإسلامية في عار لأنها تخلّت عنه. سيبقى هذا العار وصمة سوداء على وجوهنا حتى يتم إسقاط نظام الإرهاب الإسرائيلي.(İLKHA)