كتب الدكتور عبد القادر توران عن المدافعين عن الكلاب الضّالة الشرسة:
هل سمعتم بمن يبكون على الكلاب ويقتحمون اللجان البرلمانية من أجلهم ولا يقولون كلمة واحدة عن الإبادة الجماعية في غزة؟
على العكس من ذلك، فإن معظمهم يفضّلون المنتجات المقاطعة وبذلك يدعمون بشكل غير مباشر الإبادة الجماعية في غزة، لكنهم يستهجنون اتخاذ الاحتياطات ضد الكلاب.
جزء كبير منهم متطرفون وعنصريون. ورغم ادّعائهم بالحداثة، إلّا أنهم فقدوا قيمهم الإنسانية الأساسية. وقد تم أيضًا الكشف عن منشور ساخر لأحدهم حول طفل عضه كلب مسعور في بدليس.
جميعهم متعلمون جيدًا، وأوضاعهم الاقتصادية جيدة للغاية. البعض منهم تقدم في السياسة ليصبحوا نوابًا أو رؤساء بلديات.
عندما تنظر إلى الصورة ككل، هناك شيء خاطئ يحدث بحقّ الإنسانية. منذ الماضي، حيث كان هناك العديد من المجتمعات التي تدعم الظالمين. وبتعبير أدق، فإن تاريخ البشرية منسوج بأفعال الظالمين والذين يقفون إلى جانبهم. تذكروا هولاكو كيف ارتكب المجازر ومع ذلك تمكن من الحصول على دعم بعض الناس.
ولكن لأول مرة في تاريخ الإنسانية، يقف مجتمع "إنساني" إلى جانب الكلاب ضد أقرانهم البشر ويعتبرون ذلك "تطورًا إنسانيًا عاليًا"، "ذروة تقدم الإنسانية".
بإمكاننا أن نُقيّم ببساطة: هل هم في حال جيّد؟ ... هؤلاء الأشخاص مختلفون تمامًا عنكم، يرون أنفسهم "أشخاص مستيقظين"، وينظرون إلى الحالة التي يعيشونها باعتبارها "حركة صحوة".
ماذا حدث؟
ليس من الصعب أن نفهم. بدأ كل شيء بـ "الموضة". اعتقد اليهود أن بإمكانهم منح الإنسانية "النمط" الذي يريدونه، بدؤوا بإجبار الناس على ارتداء الملابس التي يريدونها، بغض النظر عن الدين أو العرق أو المنطقة أو الحاجة، باسم الموضة، وفي النهاية حتى قاموا بتجريد الناس من ملابسهم باسم الموضة.
وباسم "الموضة" قاموا بخياطة الملابس التي يريدونها وجعلوا الناس تلبس مثلهم، بل وجعلوا العري يبدو جميلاً، ويظهرونه كدليل على الحرية. أولاً بدؤوا بالملابس فأعطوها "النمط" الذي أرادوه، والآن أعطوا "النمط" الذي يريدونه لجميع الحالات البشرية.
إنهم ينتجون شيئاً ضمن العلاقة بين الاقتصاد والسلوك الإنساني، يقولون هذا هو الوضع الجديد وربما يضحكون في أقبية منازلهم، ومن يستسلم لهم "دون قيد أو شرط" يتبنّى ذلك "الأسلوب" تلقائياً.
من الهراء الحديث عن الإرادة والإنسانية هنا. ما نتحدث عنه ليس كائنًا ذا إرادة، أو حتى حيوانًا، بل آلة.
في العالم الحديث، أصبح الشخص العامل والآلة التي يستخدمها نفس الشيء، والآن نواجه وضعًا حيث أصبح المجتمع بأكمله آليًا. في الماضي، كان المُنتَج آليًا، والآن أصبح المستهلك آليًا. إنه يعمل مثل الآلة التي تتصرف حسب الرغبة عند الضغط على زرها.
وحتى لو لم نرغب في فهمها، فهذه هي الصورة التي أمامنا.
يتم تسويق أعمال الحضارة الحديثة على أنها "تكنولوجيا" دائمًا. لكنها ليست كذلك تمامًا. أكبر إنجاز في هذه الحضارة هو "العبودية الخفية". إنهم يقومون بتعبئة العبودية دون أن يشعروا بها، يعتقدون أنهم حرروا البشرية، ولكنهم في الحقيقة يقومون بعبودتها.
وهؤلاء العبيد عراة مثل عبيد الماضي، ولكن مع إرادة أقل فعبيد الماضي كان يمكن إطلاق سراحهم بدفع فدية، إذا أرادوا أن يكونوا أحراراً. ويمكنهم التخلص سيدهم إذا كان قاسيًا،أمّا عبيد الحضارة الحديثة هؤلاء لا يريدون أن يكونوا أحرارًا، فهم يرون أسيادهم كآلهتهم، ويعتبرونه مصدرًا للبركة، ومصدرًا للحرية، وهم في حالة دائمة من سعيهم لجلب رضاهم.
أسيادهم يريدون أن يضحكوا على وضعهم. يريدون أن يستمتعوا بالنظر إليهم. لقد أعطوهم طريقة ليكونوا عبيداً للكلاب وقد اعجبهم ذلك. تحولوا إلى عبيد للكلاب بما يكفي لإسعاد أسيادهم بالضحك عليهم.
إنه شيء رهيب بالنسبة للبشرية!(İLKHA)