جاء في مقالة للأستاذ ناشد توتار تحدث فيها عن المجاهدين في غزة:
إن ملحمة النضال والمقاومة والحرب التي تخوضها كتائب القسام وسرايا القدس منذ 7 أكتوبر لا تزال مستمرة بكل مجدها، وعلى الرغم من الهجمات الوحشية التي يقوم بها النظام الإرهابي الصهيوني لتدمير جماعات المقاومة مثل حماس والجهاد الإسلامي بعد طوفان الأقصى، إلا أنه لم يحدث أي تراجع في مسار ونيران الجهاد، بل على العكس من ذلك، النار تزداد اشتعالاً، والمجاهدون مستمرون في إرسال المتوحشين الصهاينة إلى الجحيم في كل الجبهات، وكما قال نبينا صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين: "هذا حين حمي الوطيس"، فإن المجاهدين يحافظون استمرار نار الحرب مشتعلة في كل لحظة.
ولا شك أن المجاهدين يخوضون جهاداً طاهراً رغم مواردهم المحدودة، يرفع الغربيون راية الاستسلام في وجه القيم الأخلاقية للمجاهدين لأنهم لم يروا من قبل أشخاصاً ملتزمون بالقواعد والمبادئ والقيم الأخلاقية حتى أثناء الحرب ، منذ العصور القديمة التي كان الإسلام فيها هو المهيمن. علاوة على ذلك، فبينما البرابرة الصهاينة، الذين هم أحد طرفي الحرب، لا يترددون في قتل الأطفال والنساء والرضّع والشيوخ، بل ويستمتعون بذلك، بينما يقلبون المدن رأسا على عقب، ويحوّلون المدارس والمستشفيات والمساجد إلى ركام، فإن حرب المجاهدين ضد الجنود فقط . وهذا أكثر مما يمكن أن يستوعبه عقل العلمانيين والماديين اليوم، الذين تمّ غسل أدمغتهم.
كان كل شيء يسير على ما يرام بالنسبة للعلمانيين اليوم إلى أن حدث طوفان الأقصى. فقد كان دائماً المقياس الوحيد للناس هو المادة، وحتى ميزان القوى في الحروب كان يقاس بالمادة، بمعنى آخر، كان ميزان القوة هو الأسلحة والطائرات والدبابات والمدافع والمدرعات وغيرها التي تمتلكها الجيوش، وكلما كانوا أكثر، كلما كانت الجيوش أقوى، وكانت هناك العوامل الجانبية مثل التفوق التكنولوجي، والذكاء، والمساعدة من القوى الأجنبية، والمعايير الاقتصادية كلها من العوامل التي تزيد من قوة الجيوش. وعليه، اُعتبِرت العصابة الإرهابية الصهيونية من أقوى جيوش العالم، وبسبب هذه القوة، فإن كل ما فعلته أو ستفعله هذه الشبكة الإرهابية يعتبر مشروعاً وينظر إليه على أنه حق لها في حماية نفسها.
لكن عملية طوفان الأقصى أحدثت ثورة في تصورات الناس ومعايير التقييم، لقد غيّر طوفان الأقصى والجهاد الخالص للمجاهدين ضد الهجمات القذرة والدنيئة للشبكة الإرهابية، من نظرة العالم الذي يرى كل شيء مادياً ويقيم القوة أو الضعف من خلال المعايير المادية ، ما أدى إلى التشكيك في كل قيم الغرب. على سبيل المثال، لم يكن من الواضح أكثر من قبل أن المنظمة المسماة الأمم المتحدة قد أُنشئت لحماية مصالح البلدان الإمبريالية، وبشكل أكثر تحديداً، الولايات المتحدة، حقيقةً، إن كل الخطابات التي بدأت بحقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الأطفال دُفنت في الأرض مع الأطفال في غزة، وعدم سماع أي صوت من المنظمات التي تدافع عن هذه الحقوق، جعل الناس يستيقظون.
رغم أن الحرب بين قوتين غير متكافئتين، فإن حقيقةَ أن الشبكة الإرهابية الصهيونية لم تجرؤ على مواجهة المجاهدين وصبت غضبها على أضعف جزء من السكان المدنيين، كان له تأثير عميق على ضمير الشعب الغربي، حيث بدأ الغربيون يشعرون بالدافع الأخلاقي للمجاهدين ويتأكدون من فكرتهم في حب الموت أكثر من الحياة، بدأ الغربيون يحاولون فهم سبب شجاعة المجاهدين، التي جعلتهم يكتبون ملحمة بأقدامهم العارية، وأسلحتهم اليدوية، وضعفهم التكنولوجي وشح إمكانياتهم المالية في مواجهة قوة يُعتقد أنها لا تُقهر. إن جهود التساؤل والبحث والفهم هذه قادت الشعب الغربي أولاً إلى الله ثم إلى الإسلام. منذ 7 أكتوبر، استنار الناس في مختلف أنحاء العالم، وخاصة في الدول الأوروبية وأمريكا، بنور الإسلام، بفضل الجهاد الطاهر للمجاهدين، الذين أعادوا كتابة شريعة الحرب وأخلاقها وفقاً للإسلام.
فبينما تحترق غزة، فإنها تنير العالم. وبينما تدفع حماس الثمن، فإنها تساعد في توجيه الناس.(İLKHA)