كتب الأستاذ أوزقان يامان يحثّ الشباب المسلم إلى التفكير خارج الصندوق:
في حياة موسى عليه السلام، هناك ست رحلات قام بها بإرادته أو بغير إرادته. الرحلة من حجر الأم إلى قصر فرعون. ثم عندما بلغ سن الشباب، رحل من قصر فرعون إلى داخل المدينة، ومن هناك إلى مدينة مدين الآمنة حيث قضى عشر سنوات وأسس عائلته. ثم عاد مع عائلته وأخيه هارون إلى قصر فرعون. بعد ذلك الرحلة مع قومه عبر البحر إلى فلسطين. وأخيراً الرحلة إلى جبل طور لمحادثة الله سبحانه وتعالى.
كان هناك شابّاً يرافق موسى عليه السلام عندما ذهب لرؤية الخضر عليه السلام، والآية الكريمة تذكر كيف وجد موسى والشاب الخضر، هذا الشاب لم يرافق موسى لفترة طويلة مع الخضر، ولكنه بعد ذلك تسلل إلى قوم العدو متسلّحاً بالمعرفة التي جلبها، وهو أحد الأشخاص اللذين أظهروا الشجاعة، وبعد أربعين عاماً كان هو الشخص الذي فتح البلاد المقدسة (فلسطين)، واسمه يوشع بن نون، ورغم أنه لم يذكر اسمه بوضوح إلا أن جميع المصادر متفقة على أن هذا الشاب هو يوشع بن نون.
وبالطبع يمكننا القول أن شرف مرافقة نبي عظيم، مع أسرار كثيرة، مكنته من مقابلة الخضر، وجعلت العدو صغيراً في عينه، ما أدى لانتصاره.
كما أن الشباب الذين ساروا على نهج الأنبياء صلوات الله عليهم لهم الدرجات العالية مثلهم.
ومن الصفات التي تزيد من حماس شباب الإسلام الإبداع، أو ما يقال عنه "إنتاج الفرص" أو "التفكير خارج الصندوق" وذلك إذا استبعدنا تسميتها "بالخَلق" بحيث أنه من غير المناسب إطلاق هذه الصفة على العبد.
و الإبداع يتطلب أولاً وقبل كل شيء ديناميكية العقل الشاب، للعثور على أساليب جديدة من خلال تمزيق ستار الروتين المستمر، ولتحويل العجز المتعارف عليه إلى بحث عن حلول وتَعلّمها وتعليمها، وللتفكير في كيفية تغيير الظروف دون الاستسلام للفقر والصعوبات والضيق والقلة والعجز.
وهذا يتم عن طريق الاستشارة، والاعتماد على الله مع التحليل الصحيح للمخاطر.
يمكن اعتبار الفكر الإبداعي في الواقع مقدمة للنصر أوالغزو، لأن التفكير خارج الصندوق نعمة إلهية.
وقصة الشاب إبراهيم عليه السلام مليئة بالأمثلة على ذلك من أولها إلى آخرها. لقد خلق فرصة و استهدف التفكير التقليدي للمجتمع من خلال حادثة الصنم الكبير والفأس. ولم يرى النبي يوسف عليه السلام الزنزانة مكاناً للاعتقال، بل حوّلها إلى مدرسة.
لقد اقتنص رسول الله صلى الله عليه و سلم الفرص في كل مرحلة من مراحل دعوته، على سبيل المثال، جعل من الأسواق أماكن للدعوة تتجاوز مجرد التسوق، ولأن أصحابه تعلموا منه هذا الدرس، فقد قُبلت فكرة سلمان الفارسي (رضي الله عنه) بحفر خندق حول المدينة المنورة في معركة الخندق.
كما أن قول نبينا صلى الله عليه وسلم أن "الحرب خدعة" يخبرنا أيضًا عن ضرورة التفكير الإبداعي. وبالنظر إلى بيعته للعقبة، وهجرته إلى المدينة المنورة، وجميع حروبه اللاحقة، فقد كانت أيضًا أفكار خارج الصندوق ضللت العدو بالاستراتيجيات والتكتيكات التي تم تنفيذها.
هناك آلاف الأمثلة على كيفية تفكير العلماء والقادة المسلمين خارج الصندوق، إن قيادة السفن على اليابسة في بعض الحروب هو أيضًا نتيجة لهذه الفكرة.
عندما يتم ذكر اسم بديع الزمان سعيد النورسي، يأتي إلى الذهن دائمًا العذاب والتعذيب الذي تعرض له. ومع ذلك، استغل الفرص المتاحة له في ظل هذه الصعوبات بشكل جيد، ونشر أعماله و بذلك أخذ انتقامه من الظالمين، على حدّ قوله.
في منطقة محاطة بالخيانة من كل الجهات، وفي الوقت الذي أصبح فيه القابض على دينه كالقابض على الجمر، ظهر محبو الرسول، الذين قدموا مئات الشهداء وآلاف المجاهدين، من الماضي إلى الحاضر وأقاموا مدرسة تفكّر خارج الصندوق وتخلق الفرص دون الالتفات إلى العقبات.
واليوم فكر المقاومون في غزة بطريقة إبداعية بالأنفاق التي حفروها والصواريخ التي صنعوها، وبذلك لم يقوموا بإرباك القوة الأكثر سادية وخسة ولعنة وغدراً وقسوة وظلم في العالم فقط، بل استطاعوا أن يجعلوها مُدانة عند أصحاب الضمير في كل أنحاء العالم.
عندما يسعى الشاب المسلم، بغض النظر عن مكانه، إلى تغيير الروتين وتقديم خدمة للإيمان والقرآن باستخدام أساليب مُتقنة وجذابة، فإنه سيحصد ثمار جهده في الدنيا بالتأكيد.
قد تكون هذه الأساليب نغمة موسيقية بسيطة، أو صورة أوفيديو، أوعرض مسرحي مصغر، أو قصيدة مؤثرة، أوشعار يترك بصمة، أو زيارات لا تُنسى أبدًا، أومحادثة ممتعة، أوعلاقات جيدة، أوأعمال تنشيطية، وما إلى ذلك. . سوف تحدث، وتسمى ابداعاً، طالما أنها تتضمن نسيجًا رقيقًا من البحث والتفكيرو التميّز.
اليوم، هناك حاجة ملحة للتفكير الإبداعي لإنهاء الهيمنة الصهيونية العالمية. يتعين على الشباب الخروج من الإطارات الضيقة والتحرك بناءً على شعار "إذا كان هناك إيمان، فهناك فرصة".
تحية للشباب المبدعين الذين يفكرون خارج الصندوق..(İLKHA)