تحدّث الأستاذ حسن ساباز عن كيفية تعاطي المجتمع الدولي مع القضية الفلسطينية فكتب:
لقد مر وقت طويل منذ بدأت مسرحية مثيرة للاشمئزاز تجري.
يواصل النظام الإرهابي المحتل ارتكاب جرائمه في غزة رغم كل ردود الفعل الدولية.
وأخيراً، وعلى الرغم من قرارات محكمة العدل الدولية، فقد تمّ ارتكاب مجزرة واسعة النطاق في المناطق المدنية.
في غزة، شمال غرب رفح تحديداً، استهدفت الأسلحة الثقيلة مُخيماً مؤقتاً يقع بالقرب من مستودعات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) كان قد لجأ إليه الفلسطينيون الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم.
وهذا المخيم لا يقع في المنطقة التي طلب جيش الاحتلال إخلائها في مدينة رفح، وبعبارة أخرى، فهي منطقة لم يكن مخطط لأن يستهدفها الإرهابيين الصهاينة...
لقد مات العديد من الأطفال حرقاُ، بسبب القصف العنيف والأسلحة المحظورة المستخدمة.
ووصفت القناة الحكومية الألمانية هذه المذبحة الوحشية بأنها "عملية إرهابية".
والحقيقة أن العصابات الصهيونية والسياسة والإعلام الألماني والإدارة الأمريكية كلهم يعلمون جيداً أن القضية ليست حماس، هم يريدون معاقبة الفلسطينيين بالقتل الجماعي لهم، وتبرير الاحتلال وجعله أمرًا طبيعيًا، على الرغم من أن ما حدث مخالف للمعاهدات الدولية التي تتّبعها الدول .
ولكن كما قلنا، ما يجري هو مسرحية مثيرة للاشمئزاز.
لقد اختارت الدول التي تتظاهر بأنها "رموز حقوق الإنسان" ألّا تقف في الوسط، بل انحازت علناً إلى أحد الجانبين في هذه الأعمال الوحشية، ناهيك عن التزام الصمت اتجاه قتل المدنيين، رغم توقيعها على اتفاقيات مثل اتفاقية جنيف، التي تنص على ضرورة حماية المدنيين في حالات الحرب والاحتلال.
مع تحول العالم إلى قرية صغيرة، كانت الأدوار في هذه المسرحية تتوزع على أساس أن الاشرار هم المظلومين دائماً.
خلف الكواليس، تُعتبر "الفاشيّة" الصفة العامّة لأولئك الذين هم في السلطة حيث تتغيّر القوانين عندما يطلبون، وتُصبح "غير فعالة" عند حاجتهم.
وأولئك الذين لم يستطيعوا حتى مجرد التنديد بجرائم القتل الوحشية التي يرتكبها الاحتلال، و نرى صورها كل يوم، فإنّ سجلاتهم ستبدو قذرة للغاية.
مثلاً أمريكا…خلال غزوها لأفغانستان بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول، شنت هجمات عشوائية، وقصفت المدارس والمستشفيات والمساجد، وارتكبت مجازر كبرى، تعرضت مواكب الزفاف للقصف، وفي معظم الأوقات لم يكلفوا أنفسهم عناء قول "لقد أخطأنا". وعندما تمت مواجهتهم بشأن جرائم الحرب التي ارتكبوها، ادّعوا علناً أنهم لا يعترفون باتفاقيات جنيف وأن هذه الاتفاقيات لم تكن صالحة أثناء الهجوم.
في عالم محكوم بالصهيونية، يكون "قانون الأقوياء" هو المسيطر، وحتى لو اعترضوا على ذلك فإنّ هذا الأمر يُعتبر فاشية.
والآن، فإن الذين يزعمون أن فلسطين لا يمكن أن تكون طرفاً في الاتفاقيات لأنها "ليست دولة" ويرفضون الوفاء بمتطلبات الاتفاقيات، فإن أفغانستان والعراق كانتا دولتين و لهما حكومات، وقلتم علناً "نحن فقط من نستطيع أن نحكم على انفسنا".
ورغم أن مقاومة الاحتلال كانت مقبولة كحق بموجب القانون الدولي، إلا أن أمريكا وأصدقائها وصفوا أولئك الذين قاوموا الاحتلال في العراق بـ "الإرهابيين"، وأعلنوا بوضوح أنهم لن يعترفوا باتفاقيات جنيف.
ورغم أن كل هذا واضح، لكن لا جدوى من النظر إلى المؤسسات الدولية باعتبارها مسؤولة عن تقديم الحل،
فالمؤسسات الدولية القائمة إما تتعامى عن هذه القضية أو تنظر إليها بنظرة أحول.
وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية خان في أحد تصريحاته الأخيرة: "أنا لا أقول إن إسرائيل، بديمقراطيتها ومحكمتها العليا، تشبه حماس، بالطبع لا".
فإلى أي حد يمكن أن يكون فهم المدعي العام للعدالة إنسانياً وأخلاقياً إذا عرّف نظام الفصل العنصري المحتل بأنه "ديمقراطي" واعتبره ذا قيمة، وتجاهل حماس التي تحكم غزة كحكومة منتخبة؟
والحقيقة أن الرئيس الأميركي بايدن قال أمام المدعي العام خان إنه "لا يوجد تكافؤ بين إسرائيل وحماس" ليس أكثر من تأكيد لهذا التصريح.
لا يخدم القانون الدولي الحالي أي وظيفة أخرى سوى كونه جهاز تطبيع الفاشية العالمية.(İLKHA)