من المهم جدًا الإجابة على السؤال "ما هو جدول أعمالنا؟" إنه يتعين علينا أن ننظر إلى ما نقضي حياتنا فيه، لقد أتينا إلى هذه الدنيا بلا شيء، وأمضينا حياتنا نسعى وراء شيء ما ونبحث عنه حتى ننتقل إلى الحياة الآخرة. لا يهم إذا وجدنا ما كنا نبحث عنه أم لا، فمع مرور الوقت، وفقدان القوة، نبدأ في التفكير في أن الصحة هي الشيء الأهم، ثم نبدأ بالبحث عن أصدقائنا القدامى، ونتذكر الأيام القديمة ونقول"لم نكن هكذا من قبل، العالم قد تغيّر". في الحقيقة العالم لم يتغير، نحن من تغيرنا، نحن نتغير مثل الفصول، أليس كذلك؟ بغضّ النظر إن تحققت أحلامنا أم لا، فنحن دائمًا نريد العودة إلى الماضي.
سمعت ذلك من أحد العلماء القدامى، كان يقول إن روحنا تبحث دائمًا عن شيء ما منذ الولادة، ولكن نحن نوجهها إلى اتجاهات مختلفة، كان يقول إن الشيء الذي تبحث عنه روحنا هو الله الذي خلقها. إذا فكرنا بعمق، ندرك أننا مهما فعلنا دائمًا فإن هناك شيئًا نفتقده. لذلك، جدول أعمالنا مهم للغاية، يجب أن نعرف مانفكر فيه؟ وماذا نفعل في حياتنا وبماذا نشغل أوقاتنا ؟ علينا أن ننظر إلى من نؤمن به، ومن نحب، ومن ندعم. يجب علينا أن نسيطر على جدول أعمالنا قبل أن يمر العمر دون أن نحدده. هل فكرت يومًا في من سيضع لنا جدول أعمالنا اليوم؟ من الواضح أننا لم نفكر في ذلك. إذاً دعونا نضع جدول أعمالنا بأنفسنا بدلاً من أن نحاول الالتزام بجدول أعمال تمليه علينا الحياة التي تجري مسرعة كجريان الماء .
نحن بحاجة إلى أن نفعل شيئاً لنقوله لله تعالى عند مثولنا بين يديه، أعتقد أنه لن يسألك إذا اشتريت منزلاً أو سيارة أو عن نجاحك المهني، سيسألك ماذا فعلت لله، ماذا فعلت لعباده، وما الأشياء النافعة التي تركتها بعد وفاتك؟ بغض النظر عن حجم الميراث الذي تتركه وراءك، سيقوم الباقون بتوزيعه واستخدامه، دعونا نفكر مليًا ما هو جدول أعمال تركيا.
جدول أعمال تركيا هو الاقتصاد والسياسة. نحن نرى ما يفعلونه لنا، لكن لا يمكننا التدخل بأي شكل من الأشكال، ليس لدينا خيار سوى أن نأمل أن يكون الأمر كما نتمنى، فنحن نأمل أن تنخفض الإيجارات، وغيرنا يأمل أن ترتفع، عندما نقول أن الحياة أصبحت باهظة الثمن، فنحن من نجعلها باهظة الثمن، وليس الأجانب.
إذا نظرنا إلى جدول الأعمال في السعودية نجد الأولوية هي الاغتيال الذي تعرض له الأمير والمدينة الجديدة التي تم إنشاؤها، وبداية موسم السياحة، أما في قطر، الموضوع مرة أخرى هو الاقتصاد والمواقع السياحية الجديدة المقرر افتتاحها، وفي الإمارات العربية الاولوية لانتعاش الاقتصاد وتعافي الأضرار الناجمة عن الفيضانات وإعادة فتح مراكز التسوق أمام السياح، كما أن الاقتصاد والسياحة مدرجان على جدول أعمال الكويت والبحرين ودول الخليج الأخرى.
لقد تصفحت وفحصت كل هذه البلدان و غيرها، ومن المؤسف أن جدول الأعمال في العالم الإسلامي هو الاقتصاد والسياحة دائماً.
هناك منطقة واحدة فقط تعتبر استثناءً، وهي غزة. في غزة جدول الأعمال مختلف تماماً. الناس لا يفكرون في الاقتصاد على الإطلاق، فهم قلقون على حياتهم، فإن وجد اليوم ما يأكله فيحمد الله ويستمر.
لقد حضرت جنازة اليوم، كانت جنازة مزدحمة، وبينما كان المعلمون يشهدون كم كان الفقيد طيباً، تبادرت إلى الأذهان مراسم التشييع في غزة، إنهم فقط يحفرون ويدفنون، لا يوجد من يقرأ سورة ياسين، أو يوزع الطعام، أو يقرأ ختمة، كل يوم يدفنون أطفالهم وأمهاتهم وأجدادهم وإخوتهم. إن الأولوية القصوى لهم هي الحصول على الغذاء والماء والدواء والسكن، فإن الاستقرار الاقتصادي والتنمية والسياحة تبدو وكأنها في طي النسيان. ومع ذلك، فإنهم يظلون قويين ومصممين على المقاومة. هل يتشابه (İLKHA)جدول أعمالهم مع جدول اعمالنا؟ يبدو أن الإجابة على هذا السؤال هي "لا". لذلك، نحياتنا لغزة ... واصلوا المقاومة