استُشهد الأسير وليد دقة، عن عمر ناهز (62 عاماً)، داخل مستشفى "أساف هروفيه" الصهيوني، مساء أمس الأحد، ليتوج نضالاً دام نحو 4 عقود في سجون الاحتلال، تعرّض فيها لسلسلة طويلة من الجرائم، ولاسيما الإهمال الطبي، بحسب ما أكد كلٌ من هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين ونادي الأسير الفلسطيني.
وأكدت عائلة الشهيد دقة، أنّ سلطات الاحتلال لم تسلّمها جثمانه، موضحةً أنّ القرار بشأن ذلك هو عند وزير الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية "إيتمار بن غفير"، الذي علّق وزير الأمن القوميّ الإسرائيليّ، المتطرّف إيتمار بن غفير، على استشهاده، في بيان مقتضب، قال فيه: "للأسف، انتهت حياة وليد دقة بميتة طبيعية، وليس وفقًا لتصوّري؛ حيث كان من المفترض أن ينهي حياته في إطار عقوبة الإعدام للمخرّبين"، على حدّ قوله.
وكانت منظمة العفو الدولية، طالبت الاحتلال الصهيوني، السبت، بالإفراج عن الأسير الشهيد لدواعٍ إنسانية"، مؤكدةً أنّه تعرّض للتعذيب والإهانة، والحرمان من زيارات العائلة، والإهمال الطبي، خصوصاً منذ الـ7 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وقالت الهيئة والنادي في بيانهما: "إنّنا ننعى قائدًا وطنيًا، ومفكرًا صلبًا أمضى حياته من أجل قضيته الأولى فلسطين، وترك إرثًا وطنيًا وفكريًا خاصًا حمل هويته، واجه دقة سياسات التعذيب والتنكيل والحرمان والعزل، بالإضافة إلى الجرائم الطبيّة المتتالية (عملية القتل البطيء) إلى أن أُعلن عن استشهاده، الأحد".
والأسير الشهيد هو من قرية باقة المحتلة في منطقة المثلث، شمالي فلسطين المحتلة، وُلد في 18 تموز/ يوليو 1961، وكان أحد أبرز أعلام الحركة الفلسطينية الأسيرة.
والتحق الشهيد دقة بصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1983، وانضم إلى خلية عسكرية تابعة لها، ونفّذ مع رفاقه ضمن الخلية العسكرية سلسلةً من العمليات، بينها اختطاف الجندي الصهيوني "موشي تمام" وقتله.
اعتُقل الشهيد دقة بعد عامين، وحُكم عليه بالإعدام في البداية، ثمّ بالسجن مدة 37 عاماً قضاها في السجون، ثمّ أضاف الاحتلال عليها حكماً بسنتين، بسبب اتهام الأسير الشهيد بإدخال الهواتف للأسرى، كي يساعدهم في الاتصال بعائلاتهم.
والأسير الشهيد هو أحد رموز الأسرى وأيقوناتهم وعمدائهم، إذ قضى هذه السنوات الطويلة في السجون الصهيونية، كما أنّه قاد العديد من نضالات الأسرى ضدّ مصلحة سجون الاحتلال.
كذلك، كان ضمن 23 أسيراً رفض الاحتلال الإفراج عنهم في كل صفقات التبادل، وتراجع الاحتلال عن وضعه في قائمة المحررين من الأسرى القدامى، عامي 2013 - 2014.
وعلى الرغم من ظروف الاعتقال، أصرّ الأسير الشهيد على مواصلة الدراسة، حيث حاز على الماجستير في العلوم السياسية، وتحديداً بالدراسات الإقليمية من جامعة القدس.
ويُعدّ من أبرز مفكّري الحركة الأسيرة، حيث كتب العديد من المقالات والكتب منها "يوميات المقاومة في جنين"، "الزمن الموازي"، "صهر الوعي" و"حكاية سرّ الزيت"، وهي رواية لليافعين، إضافةً إلى حكاية "سر السيف" في عام 2022.
إلى جانب ذلك، لم يمنع السجن الأسير الشهيد من أن يُرزق بطفلته ميلاد، في 3 شباط/ فبراير 2020، التي لطالما حضرت في الفعاليات التي تُقام دعماً لأبيها المناضل، عبر تهريبه نطفةً إلى زوجته سناء.
وفي عام 2015، أُعلن عن إصابته بسرطان الدم، وفي عام 2022، تم تشخيص إصابته بمرض التليف النقوي، وهو سرطان نادر يصيب نخاع العظم، ويحتاج إلى زراعة نخاع في ظروف مناسبة، وفي نيسان/ أبريل من العام الماضي، خضع لعملية جراحية لاستئصال جزء من الرئة اليمنى. (İLKHA)