بدأت أعمال المنتدى العالمي للفكر والثقافة، الذي عقد في ولاية إسطنبول وذلك تحت عنوان القضية الفلسطينية من وعد بلفور إلى طوفان الأقصى، بتلاوة عطرة لآيات من القرآن الكريم، ثم تحدثت رئيس المنتدى العالمي للفكر والثافة الدكتورة "منى صبحي"، بكلمة ترحيبية، عبرت خلالها عن التحية الكبيرة لأبطال المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وهنأت الشعب الفلسطيني على اصطفاء الله لهم بالجهاد والرباط، وصبرهم على الشدائد، على الرغم من الأثمان الباهظة التي يقدموها لنصرة الحق.
وقالت: إن جهدكم وجهادكم يا أبطال فلسطين وصناعتكم لهذه الملحمة التاريخية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لهو توفيق الله لكم الذي بدأ منذ عقود، وقد هديتم إلى الطيب من العمل، وتربية أجيال تربية متوازنة، فيها التكوين العقدي والأخلاقي، والفكري والبدني للشباب، هؤلاء الشباب باعوا الأرواح لله سبحانه وتعالى، وفي سبيل الله قاموا، ونحن الآن نشهد هذا الثمر لهذا الغرس الطيب المبارك، الذي يؤتي أكله صبرًا ونصرًا، وعزيمة وإرادة، ووعيًا ونضجًا".
وأضافت: نحن لا نريد فقط الشباب أن يقفوا عند مرحلة الوعي، وإنما النضج الذي يحيي الأمة من غفوتها، ويأحذ بيدها من كبوتها، فكانت 7 تشرين الأول/ أكتوبر مرحلة فاصلة يسطرها التاريخ بأحرف من نور".
وتابعت: "حقيقة، إن عماد الأمة الشباب، الشباب الواعي، وهذا يضع علماءنا الأجلاء والدعاة والقادة والمربين، يضعهم أمام مسؤولية كبيرة في إعداد الشباب لهذا المستوى المتميز، وهي رسالة للشباب أيضًا؛ أن عودوا إلى محاضنكم التربوية، الأمة بحاجة إلى الوعي مع النضج والرشد معًا، على مستوى الفكر والمشاعر والسلوك، وهذا لا يتأتى إلا بتضافر الجهود، وتناغم حكمة الكبار، وحماس الشباب والسعي الدؤوب للوصول إلى الغاية وتحقيق مقاصد هذا الدين".
وأردفت: "لقد جاء 7 أكتوبر لتعيد القصية للصدارة، هذه القضية قضية أمة، وقضية كل مسلم وجوبًا، كما قدمت القضية للعالم بأسره كما لم تعرض من قبل، واستطاع شلال الدم النازف من آلاف الضحايا أن يوقظ ضمير الأحرار، ليمتد التعاطف والتعاضد والتضامن إلى حشد الجهود والإمكانات للعمل على فضح الانتهاكات والممارسات الهمجية للعدو، وتعرية مواقف الخزي للغطرسة الغربية، مع اختلاف درجتها وحدتها من مجتمع إلى آخر، سواء في التحركات المناصرة للقضية على أرض الواقع أو في العالم الافتراضي".
وأضافت: "هذا الحراك النخبوي والشعبي، وأحيانًا الرسمي، يتطلب من الهيئات العلمائية والمؤسسات الفكرية في الأمة، تقديم مضامين وحقائق وشواهد توجه هذا الحراك وترشد مساراته، حتى لا يكون لحظيًا، بحيث تناسب كل اللغات والثقافات، بكافة الأساليب والوسائل، نحن نريد مضامين شارحة للحقائق، داعية للحقيقة، وقادرة على تفكيك المقولات الفاسدة والمزاعم الكاذبة، والعنصرية المتطرفة، والتحيزات غير الأخلاقية، وغير الإنسانية التي تتبناها الحكومات والتيارات الداعمة للكيان الصهيوني".
وختمت: "كما سقطت دعاوي التطبيع، وخطط التهجير، وكما سقطت الأقنعة أيضًا، عن المتاجرين بالقضية، فإن ضربات المقاومة الموجعة تحتاج منا جميعاً مزيد من المآزرة والمناصرة، وباب الجهاد بكل أشكاله؛ بالكلمة بالمال بالنفس بالقتال، أصبح متاحًا أمام الكل، وما النصر إلا صبر ساعة، والحمد لله الذي أحيانا لنشهد زمن الأكف المتوضئة وهي تمسح العار والذل من حقبة مؤلمة من تاريخ أمتنا، (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا)، هذا بحول الله وقوته".
ثم أعطيت الكلمة للدكتور "محمود حسين" أحد قادة جماعة الإخوان المسلمين، حيث قال:
يا أهل غزة العزة، أيها الأبطال العظام، أيها الرجال البواسل، أيتها النساء الصابرات، أيها الأطفال الكبار، أيها المرابطون في أكناف بيت المقدس، هنيئًا لكم جميعًا شرف الجهاد في سبيل الله، هنيئًا لكم جميعًا اصطفاء الله لكم لمواجهة عدو الله وعدوكم، هنيئًا لكم الشهادة في سبيل الله، وبيعكم الذي بايعتم به، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم.
نعم، يعتصر الألم القلوب والأفئدة لما تعانونه من صعاب، وما يلحق بكم من أضرار، وما يقع عليكم من كوارث، آناء الليل وأطراف النهار، ولكم من كان الله غايته والرسول قدوته، والقرآن دستوره والجهاد سبيله والموت في سبيل الله أسمى أمانيه، يستصغر هذه التضحية وتهون أمامه الدنيا، ويستمسك بما معه من الحق، ويصبر على لأواء الطريق، ويستهين بالدنيا، يقول الله تعالى: (وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم)
لقد كان التخطيط لاحتلال فلسطين محكمًا، وكانت الإرادة الاستعمارية لإنفاذ الوعد الآثم واضحة منذ البداية، تلك الإرادة التي عبر عنها وزير الخارجية البريطاني، "آرثر بلفور" في الثاني من تشرين الأول/ نوفمبر عام 1917، والتي استهدفت إفراغ الأرض من أهلها، وإحلال عصابات صهيونية جاؤوا بها من كل حدب وصوب، وليعلنوا كيانًا غاصبًا لا وجود له ولا شرعية، ليكون بديلًا عن فلسطين الوطن الأصيل.
وجاءت الولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك، والتي تسلمت القيادة من بريطانيا، ومعها كل دول الغرب، لتعلن رعايتها لهذا الكيان المصنوع على أعينهم، ويفرضوا حمايةً عمياء له، على حساب أصحاب الحق الأصيل.
ولأن فلسطين قضية حق فقد كانت وما زالت موئل الإخوان في العالم، يدافعون عنها ويذودون عن استقلالها، وهي بذلك شرف لمن يدافع عنها ويضحي في سبيلها، ويبذل الغالي والنفيس من أجلها، باعتبارها قضية الأمة المركزية التي تمثل، لكل مؤمن بالله تعالى، عقيدة لا تنفك، ويقينًا لا يضعف، وهي قضية أرض إسلاميةاغتصبتها عصابة آثمة، برعاية أممية وحماية دولية وتواطئ من عدد من أبناء جلدتنا، ممن يتسمون بأسماءنا وتكلمون بألسنتنا، ولكن قلوبهم تولي شطر عدونا وتتولى غير سبيل المؤمنين.
لقد كانت قضية فلسطين في قلب جماعة الإخوان المسلمين، منذ نشأتها الأولى على يد الإمام الشهيد "حسن البنا" رحمه الله، حتى من قبل أن تعلن دولة الكيان الغاصب، حيث احتشدت كتائب الحق، من مصر وفلسطين والأردن وسوريا، تتلمس الشهادة في سبيل الله، وتحرص على الموت أكثر من حرص الأعداء على الحياة، لقد شعر المعتدون الغاصبون منذ اللحظات الأولى أنهم أمام جيل فريد، ونوع مختلف من الرجال الذين يدركون غايتهم في الحياة، ويحسمون وجهتهم إلى الله تبارك وتعالى، لا يلوون على شيء سوى جنة عرضها السموات والأرض، من أجل ذلك كانت خيانة الأمس كما هي خيانة اليوم سواء بسواء، وتواطئ الأمس كما هو تواطئ اليوم شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع، فحالوا بين المجاهدين والاستمرار بأداء مهمتهم، وألقوا بهم في سجون الظلم والطغيان.
ما أشبه اليوم بالأمس، فمثلما حاصر المستبدون المجاهدين من الإخوان المسلمين الذين عادوا لتوهم من أرض الرباط، ليودعوهم في معتقلات الطور، سعى أحفادهم من مستبدي اليوم، لتجويع المجاهدين في غزة والتواطؤ مع العدو في إحكام الحصار الظالم عليهم، فمنعوا الدواء والغذاء، وظاهروا الأعداء، وهم أنفسهم من تآمروا على أول انتخابات ديمقراطية عبرت عن حقيقة الشعب المصري المحب لفلسطين، فانقلبوا على الرئيس الشهيد "محمد مرسي رحمه الله، ثم قتلوه يوم محاكمته في قضية هزلية سموها التخابر مع حركة حماس، وقد اختاروا يوم هذه القضية تحديداً في إشارة واضحة إلى أن سبب قتله هو رفضه ووقفته كالأسد الهصور، ليعلنها أمام العالم واضحة جلية، لن نترك غزة وحدها.
لقد جاءت معركة طوفان الأقصى كاشفة فاضحة، فكشفت ما كان البعض يحاول تدويله، وفضحت البعض يحاول إخفاءه.
لقد كانت فاضحة لحكام الغرب فيما يدعونه من قيم إنسانية، ومبادئ حقوقية، وكانت كاشفة فاضحة للأنظمة الاستبدادية، التي خذلت قضية فلسطين وأهل غزة، ورفعت يدها عن مد يد العون لهم، أو التحلق الجاد من أجل إنقاذهم، أو اتخاذ أبسط القرارات بطرد سفراء العدو ووقف التطبيع الاقتصادي والسياسي، وإعلان قطع العلاقات معه، أو حتى إدخال الغذاء والدواء والوقود وكافة الاحتياجات الإنسانية له كحد أدنى، تستوجبه النخوة، وتتطلبه النجدة لشعب يعاني العزلة، فكانت ممارسة تلك الأنظمة أقرب للشراكة مع العدو بكونها معبرة عن حالة من الفشل أو الخوف، وهي كما كشفت وفضحت هؤلاء فقد أظهرت المعدن النفيس لهذه الأمة وشعوبها التي قيدها الاستبداد، والذي حال بينها وبين الانضمام إلى كتائب العزة والفخار، فكانت النفرة العامة في كل أرض إسلامية، لتخرج الحشود وتجهر بالدعاء وفي الوقت ذاته يتفطر معه القلوب، وتتحسر الأنفس، على فوات اللحاق بالمجاهدين في سبيل الله.
لقد سجلت المقاومة الباسلة فيلا طوفان الأقصى انتصاراً يكتب بحروف من نور، فجمع بين اليقين في الله وبين التخطيط الدقيق، والعمل الجاد المتواصل، لتحقيق الهدف المنشود ليكون ترجمة حقيقية لقوله سبحانه: (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله).
لقد أرسلت هذه المعركة المباركة حقيقة لا يدركها إلا المؤمنون بصحة طريقهم، وسلامة مقصدهم، ونبل غايتهم، أنهم هم الأقزياء بإيمانهم، فكانوا قلة فهم أصحاب الحق الخالص، وإن اجتمعت قوى الأرض على دعم الباطل وتأييده، أن عدوهم أوهن من بيت العنكبوت يتستر وراء أسلحة الدمار، لكنه يفتقد الصمود أمام جندي من أصحاب الحق.
يارجال غزة البواسل ونساءها الحرائر وأطفالها الكبار، كان صمودكم البطولي حائط صد أمام أكذوبة سوقتها أنظمة العار بأن عدونا يملك جيشًا لا يقهر فكشفتم الغطاء عن الحقيقة الساطعة، أنهم جيش مارق، سرعان ما ينهار أمام رجال مؤمنين ونساء مؤمنات.
وفي الختام، أقول لأهل غزة العزة هنيئاً لكم شرف الجهاد بأرض الرباط، هنيئاً لكم تثبيت الله لكم، يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء.
وأقول للشهداء هنيئًا اصطفاء الله لكم، هنيئاً لكم جنة عرضها السموات والأرض بإذن الله تعالى، ونسأل الله أن يلحقنا بكم شهداء في سبيله، ثابتين على طريقه، مستمسكين بدينه، إلى أن نلقى الأحبة محمدًا وصحبه، ومن سار على هديهم واتبع طريقهم من إخواننا الذين سبقونا بالإيمان.
ثم أعطيت الكلمة للقيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أ."فوزي برهوم"، حيث تحدث قائلًا:
سلام عليكم من فلسطين، سلام عليكم من غزة، سلام عليكم من كتائب المجاهدين كتائب عز الدين.
(قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم وينصركم عليهم، ويشف صدور قلب مؤمنين).
هكذا كانت حماس وهذا هو المنطلق، وهذه معالم المعركة، قتال في سبيل الله عز وجل، قتال من أجل فلسطين، قتال من أجل القدس، قتال من أجل الأسرى، قتال من أجل المقدسات، قتال من الأقصى والحرمات.
ما كان لحماس أن تصمت عندما ترى الأقصى يدنس، ويدوس قطعان المستوطنين ومرتزقة الاحتلال داخل باحات المسجد الأقصى وحتى المصلى، وحتى منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأقدامهم، ما كان لحماس أن تصمت وترى هذا المشهد، من الصعب على حماس وكتائب القسام أن يروا النساء يسحلن ويعتقلن في الشوارع والطرقات، ويقتل العلماء والأطفال والشيوخ، ماكان لحماس أن ترى هذا المشهد وتصمت.
وما كان لحماس أن ترى المصحف يحرق داخل المسجد الأقصى وتصمت أبداً، ليست هذه هي حركة حماس وليست هذه كتائب القسام إن رأت كل ذلك ولا تقول كلمتها بالدم وبالسيف وبالبندقية والعبوة والصاروخ، هذه حماس: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)
ماكان لحماس أن ترى آلاف الأسرى والأسيرات يعذبوا ويحرموا من أبسط حقوق الإنسان وينكل بهم، فقام القسام لينتقم من العدو الصهيوني، ما كان لحماس أن ترى غزة تحاصر 16 عامًا، حصاراً اقتصاديًا وصحياً، إضافة لكل أنواع التضييق والحصار الذي مورس على حماس في غزة، وعلى 2 مليون فلسطيني في القطاع.
17 عاماً ونحن نناشد العالم ونناشد الوسطاء، ونناشد كل من تدخل لصالح القضية الفلسطينية، أو يأتي ليحمل رسائل أو يبلغنا رسائل، ولكن لم يفعلوا شيئًا، فحان الأوان وجاء الطوفان، صوت الحق والقوة، والحرية وقهر الاحتلال.
كل ذلك كان يجري تحت سمع وبصر العالم أجمع، العربدة الإسرائيلية في كل مكان، والعالم يتفرج وحقوق الإنسان تسجل دون حراك، والعالم كله صامت، بل إن العالم كان عندما يقتل يهودي أو مستوطن تأتي التنديدات والحسرات والاستنكارات، ونعت حماس بالإرهاب، أما عندما يقتل مئات من أبناء شعبنا في الضفة والقدس وغزة والداخل المحتل لا نرى إلا بعض الآهات.
هذه صورة الواقع، فكان لحماس أن تقول كلمتها، فقد وضعت الخطط لفرق النخبة على جبهات القتال دون أن يعلم بهم أحد إلا الله وثلة قليلة من قيادة المجاهدين، كان يأتينا الوسطاء ويظنون أننا ضعفاء، لا نستطيع أن نفعل شيئًا أمام إسرائيل، لن نستطيع أن نهزم هذا الكيان، يخوفوننا بكل أدوات الخوف، هذا هو سبيلهم، تخويف المجاهدين وإرهاب حركة حماس، لصالح المحتلين المجرمين، نحن أدرى بأنفسنا من غيرنا، وأدرى بالمجاهدين من غيرنا، وأدرى بكتائب القسام من غيرنا، فقد أعددنا العدة لهذا اليوم، فكنا نقول لكل من يأتينا من الوسطاء، بعزة الواثق بنصر الله عز وجل، (ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها، ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون)، وهكذا فعل الطغيان وهكذا هو طوفان الأقصى بفضل الله عز وجل.
كان يجب على حماس أن تضع حد لكل ما يجري من مذابح ومجازر، ولكن وضع حد لهذا الإجرام الصهيوني لا يحتاج إلى حدث عادي، أو معركة بسيطة، أو معركة سهلة، إنما يحتاج إلى معركة غير تقليدية، وحدثٌ غير تقليدي يقلب الطاولة على الجميع، فتتقدم حماس المنظومة العالمية دفاعًا عن فلسطين بسيفها وبرجالها، وبنخبتها، وببنادقها، وبقياداتها، فكان طوفان الأقصى هي المعركة وهي الحرب الغير تقليدية على هذا الاحتلال الإسرائيلي، نحن واثقون بنصر الله عز وجل، لأن الله عز وجل قال: قاتلوهم، ونحن قاتلنا بني إسرائيل المجرمين في فلسطين، والنتائج كلها عند الله، قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم.
ورأيتم جميعًا كيف عذّب أبناء القسام جنود الاحتلال في الفرقة الرابعة التي كانت تعذب أهلنا بغزة في الليل والنهار، وساقوهم كالخراف في الشوارع وأزقة وحواري غزة، وطردوا أكثر من 250 ألف مستوطن، حيث وقعوا بين قتيل وأسير وطريد.
كان لا بد لحماس أن تحدد معالم الصراع مع هذا الاحتلال، لا يجب علينا أن نبقى صامتين، أو نقاتل في حدود المعركة، أو نناوش الاحتلال أو نشاغل الاحتلال، كما حصل على مدار كل سنوات الصراع، فكان لا بد أن يرى الاحتلال البأس الشديد والبطش الشديد من كتائب القسام، حتى يعلم أننا جئناهم بجنود لا قبل لهم بها، وهكذا كانت معركة طوفان الأقصى، بفضل الله سبحانه وتعالى.
هذه المعركة وضعت معالم متقدمة جداً، لمعالم ومحطات الصراع مع الاحتلال ومستقبل وجود هذا الاحتلال على الأرض الفلسطينية، نحن بهذه المعركة لم نقاتل من أجل فلسطين وحدها ولا من أجل غزة وحدها إطلاقاً، نحن ندرك مدى خطر هذا الاحتلال على الأمة، تركيا في خطر، ومصر في خطر والأردن في خطر، وسوريا في خطر ولبنان في خطر والمنطقة في خطر، فأخذت حماس وكتائب القسام على عاتقها أن تضع حداً لهذا الخطر، بأهداف تواجه هذا الاحتلال الإسرائيلي وجعله يفكر قبل أن يتجرأ على امرأة، عربية أو فلسطينية أو طفل أو شيخ أو رجل أو مسجد أو كنيسة، حمينا الأمة بهذه المعركة فكنا ننوب وما زلنا ننوب عن هذه الأمة في معركة طوفان الأقصى.
أحدثنا في هذه المعركة زلزالاً حقيقياً داخل الكيان الصهيوني، هذا الكيان الذي كان يخوّف العالم بالدبابات والراجمات، والطائرات ومفاعل نووي في ديمونا، 250 قنبلة نووية في مفاعل ديمونا، يخوفون الأمة، والأمة في رعب شديد بقياداتها وزعمائها ورؤساءها وأمراءها، وظيفتهم نشر الرعب في قلب الأمة، وكنا نعلم نحن في حماس أن البيت الإسرائيلي هو أوهن من بيت العنكبوت، فدخلوا عليهم كما رأيتم مشياً وزحفاً وبالسيارات وبالدراجات، ورأيتم بالأمس كيف أن جندي من كتائب القسام كيف يحبو على صدره لا يلبس إلا ثياب خفيفة، حتى يضع العبوة على الدبابة (الميركافا)، ثم يطلق عليها قذيفة ويفجرها.
كان يجب على العالم أن يفهم أن هذا الجيش العرمرم الذي يسمونه جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأن هذا البيت الصهيوني ضعيف، فقط ادخلوا عليهم الباب، ادخلوا بما تملكون من سلاح بأيديكم بعصيكم بخناجركم، (ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون)، تجرؤوا على هذا الكيان، ادخلوا من مصر ومن الأردن ومن لبنان، ومن سوريا، وتعالوا إلينا من تركيا، هذا كيان ضعيف.
فلو رافق ما حصل في يوم السابع من أكتوبر، ودخل المئات من لبنان ومن الأردن ومن سوريا لصلينا العصر في المسجد الأقصى، لو دخلوا فقط بأياديهم وبعصيهم، وبخناجرهم بدون سلاح، لوجدوا آلاف الصهاينة يفرون أمامهم بدباباتهم وحصونهم ومستوطناتهم، ولكن هذه بداية المعركة الحقيقية بإذن الله عز وجل لوضع حد لهذا الكيان الصهيوني.
طوفان الأقصى كشفت كل الأقنعة الزائفة من المتخاذلين ومن المرجفين ومن المنافقين، ومن الكذابين، الذين سوقوا للناس عبر النياشين أنهم حماة الأمة والشعب وحماة فلسطين، ولكن تراهم اليوم كيف ميز الله الخبيث من الطيب، هذا بفضل الله وبفضل طوفان الأقصى وبفضل دماء المجاهدين.
وأخيراً هذه المعركة الحقيقية هي نقلت القتال وطبيعة الصراع مع الاحتلال إلى مراحل متقدمة جداً ووضعتها على مقربة من النصر المؤزر المبين، (يسألونك متى هو)، قل عسى أن يكون قريباً.
هنيئاً لمن تواصل مع حماس، هنيئاً لمن دعم حماس، هنيئًا لمن قال كلمة الخير بحق حماس، هنيئا لمن فدا حماس بماله وبكل ما يملك.
ثم تحدث نائب رئيس حزب الهدى الأستاذ "محمد أشين"، حيث عبر عن تحياته للمجاهدين بغزة وبارك انتصارهم على عدوهم، وقدم التعازي بمن ارتقى من الشهداء.
وقال: "إذا نظرنا من وعد بلفور وحتى سايكس بيكو واحتلال القدس وصفقة القرن، وما يحدث بالأمة الإسلامية فهو بسبب تفرقها وعدم ارتباطها معًا، بعد سقوط الدولة العثمانية وتأسيس عشرات من الدول الإسلامية، واختفاء شعور الأخوة بين الأمة الإسلامية أدى إلى منع ظهور دولة قوية من الدول المسلمة. وهناك سبب رئيسي؛ وهو أن الصهاينة يحاولوا تفرقة الأمة حتى يبقوا على هذه الأرض، إن وجود المهاجرين المصريين والسوريين والسودانيين هنا في تركيا سببه الرئيسي هو بقاء الصهاينة على أرضنا".
وأضاف: الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي لو كان موجوداً كرئيس لمصر لما حدث ما يحدث في غزة، لا تنتظروا من بلاد أوروبا والدول الغربية بعد الآن شيئاً، حقوق الإنسان والديمقراطية هي كلمات مؤلفة لخداعنا، إذا كانت القدس وفلسطين أمر يخص الأمة الإسلامية فأهل غزة وأهل فلسطين لن يستطيعوا تحمل هذه الصعاب التي يواجهونها، كل هذه المشاكل حلها الوحيد في اتحاد الأمة الإسلامية من جديد".
وتابع: "من المفترض بنا أن نقف بجانب إخواننا في فلسطين ونحارب معهم، إن شاء الله سيتحول تاريخ 7 أكتوبر إلى مرحلة يقيم قبلها وما بعدها الاحتلال، فسكوت الأمة والأطفال يقتلون يقهرنا ويحزننا، لكن نؤمن أن الله سينصرنا عليهم، وإن طريق النصر هو الجهاد، وهو طريق صلاح الدين ومقاومته".
وختم بالقول: "إن شاء الله ستتحرر القدس وسنصلي معًا في الأقصى، وتكون فلسطين وبلاد المسلمين جميعًا من سوريا ومصر والسودان وتونس محررة وتنعم بالسلام، ومن هنا نرسل سلامنا للمجاهدين ونقول لهم قلوبنا معهم". (İLKHA)