في الأيام الأخيرة قام بعض الكاتبين والرسامين والسياسيين في تعليقهم على المجازر الصهيونية المتزايدة بانتقاد عملية فيضان الأقصى التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية 'حماس' يوم 7 تشرين الأول.
فيقولون: "يا سيدي، لو لم تبدأ كتائب القسام بطوفان الأقصى، لما قامت إسرائيل بهذه الهجمات". ورغم عدم وجود أي وثيقة أو دليل لديهم، يدّعي قسم منهم أيضاً : "إن حماس أيضاً ارتكبت مجازر بحق المدنيين، كما قتلت أطفالاً ومسنين". هكذا تكون تعليقاتهم وانتقاداتهم. إن هذا الأسلوب متحيز وخبيث للغاية. فتقييم الأحداث بهذا المنظور يعني التصرف والتحرك من خلال عيون الدول الغربية ونظرتها. ومن يقوم بهذه التعليقات هم من محبي الصهيونية.

  بدايةً، من المفيد التأكيد على هذه النقطة: إن هجمات الاحتلال الإسرائيلي لم تبدأ بطوفان الأقصى. فالاحتلال يقوم بمهاجمة وقتل إخواننا الفلسطينيين منذ 75 عاماً. لكن محبو الاحتلال والصهيونية يصرون على إقناع أنفسهم بأن الهجمات بدأت بعد 7 تشرين الأول ويريدون أن تنخدع بذلك الدنيا. وهذه الجماعات الموالية للصهيونية؛ من خلال قولها بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، فهي تهدف إلى تشريع جرائم إسرائيل الحربية في غَزَّة.

  لا يا سيدي، لا. لن يصدق أحد أكاذيبكم، ولن ينخدع أحد بتضليلاتكم. من لم يفقد ضميره ومشاعره الإنسانية لن ينسى أن الاحتلال المجرم قتل آلافاً من الأبرياء والمظلومين في غَزَّة!

  وأيضاً، التاريخ لن ينسى نفاق العالم الغربي -وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية- وحساباته الشيطانية واحتيالاته، الذي أعلن دعمه كل أنواعه للقتلة أثناء المذبحة الصهيونية في غَزَّة. نعم، فحالياً العالم الغربي لا يريد أن يوقف نظام الاحتلال هجومه، بل على العكس، يقدم أسلحةً ودعماً لوجستياً لأجل استمرار الإبادة الجماعية ولتطبيع المجازر العامة. أي ضمير هذا؟، ما هذه الإنسانية؟ أمام أعينهم يتمزق الأطفال الرضع إلى أشلاء، وبالبث الحي المباشر تدمر الطائرات الحربية المباني خلال ثوان، وتسقط أطنان القنابل على الناس المحتمين بالمستشفيات ويتعالجون بها، وهم بلا أي ردة فعل على ذلك! باختصار، إنه فجور وانعدام ضمير وشراكة في المجزرة. فليكن معلوماً أن العالم الغربي شريكٌ في مجزرة غَزَّة، وأن الدول الرافضة لوقف إطلاق النار الإنساني الذي تم التصويت عليه في الجمعية العامة للأمم المتحدة مسؤولة عن إراقة الدماء والإبادات الجماعية والهمجيات المستمرة.

  نعم، إن ما يحدث في فلسطين اليوم صعب على العالم الإسلامي، ومحزن بشدة لكل من لديه وجدان ورحمة في قلبه من الأفراد والجماعات. ويتطلب دفع أثمان باهظة بسبب جبهة المقاومة. ولكن ﴿إِنَّ مَعَ ٱلۡعُسۡرِ یُسۡرࣰا﴾. فما يحدث خلال طوفان الأقصى مهم لتتميز الصفوف. لأن طوفان الأقصى أسقط الأقنعة المظلمة عن عالم الغرب الدعي، وعن المثقفين الذين لا يتركون رماداً في المجمر عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان، وعن المدافعين الدوليين عن الحقوق الذين يحتجون لعدة أيام عندما تنتهك حقوق المرأة والطفل.

  ورغم أن كل الدول القوية متحدة لتدعم القتلة الصهاينة، وأن زعماء الدول الإسلامية لا يتخذون خطوات جادة لإيقاف الهجمات، وأن القانون الدولي صار يلعب الدور الأعمى والأصم والأبكم، لكن لدينا أملٌ. فنحن نؤمن أن جبهة المقاومة، التي تكافح ببطولة من أجل تحرير الأراضي المحتلة وحرية المسجد الأقصى الذي لا غنى عنه للعالم الإسلامي، ستنتصر عاجلاً أم آجلاً. وهؤلاء الطغاة الذين أجروا الإبادة الجماعية وارتكبوا جرائم الحرب، قريباً جداً، ثورةً تطيح بهم سوف يرون، و ذلاً يتذوقون ، وفي الدماء التي سفكوها يغرقون.

  لأجل هذا، يجب على جميع الحكام ذوي الإيمان والوجدان، والقادة المسلمين ذوي الجسارة والشجاعة، والشعوب التي تحمل في قلوبها مشاعر إنسانية، الوفاء بجميع مسؤولياتهم المادية والمعنوية بصورة مطلقة.

#İLKHA