جاء في المقال الأسبوعي للكاتب عبد الله أصلان:
ما تزال عناوين الأحداث في تُركيا مستمرة مع اللاجئين، حيث يهاجر الملايين من الناس إلى بلاد أخرى بعد معاناتهم جراء الظروف المعيشية في بلادهم، بغض النظر عما إذا كانوا لاجئين أو مهاجرين فحسب.
ومن المؤسف موت الآلاف من الأشخاص على طرق الهجرة، فامتلأت طرق البحار والغابات والجبال بحكايات وقصص مؤلمة للاجئين.
ومع تميز الذين يلجؤون لذلك لكسب المزيد من المال، لكن على العالم أن يجد حلولاً لإيقاف هذه الفواجع المؤلمة للأشخاص الذين يهاجرون مواجهين الموت، بسبب ما يجري في بلادهم من انتهاك حقوق الإنسان أو استمرار الحروب أو عدم عثورهم على ما يسد رمق جوعهم.
لكن نرى أن هذه الفواجع والمعاناة تزداد مع إجراءات الشرطة والأمن، ومن الضروري التخلي عن الأساليب التي لا تفيد إلا لمزيد من النهايات المؤلمة.
وبغض النظر عن عدم حصول اللاجئ على تصريح للعمل أو أي أسباب أخرى يمكن أن تعد إشكالاً، إلا أن ترحيلهم من البلاد أو إبعادهم حتى إلى مدن أخرى، يجعل حياتهم، الخالية في الأصل من أي خيارات، شاقةً لا تُطاق.
فتكون الأسرة والأطفال في مدينة، ويكون رب الأسرة أو أفراد منها في مدن أخرى، فيجعل هذا الإجراء الظروف المعيشية للأسر والعائلات التي تواجه بالفعل التشتت والتفرق أشد صعوبة.
بالتأكيد، ينبغي وجود سياسة حول اللاجئين والمهاجرين وغيرهم، لكن يجب أن لا تكون بشكل يزيد من معاناة من التجؤوا إلى بلادنا هربًا من الظروف غير المناسبة للعيش في بلادهم.
وإن معالجة هموم ضحايا الظلم والاضطهاد في بلاد لم تنعم بالاستقرار لعقود بسبب احتلالات وتدخلات القوى الإمبريالية، هي فضيلة لا يراها كل متحضر.
الشعوب المضطهدة التي دمر الغرب بلادها بقنابله وأسلحته وعملائه المحليين، واستولى على كل ثرواتها، وجردها من كل شيء، تبحث في الغرب أيضاً عن ملجأ ومخيم لها للخلاص من مصيبتها، وهذا كاف ليكون عيباً وعاراً على جميع الدول الإسلامية التي تملك الإمكانيات اليوم.
من الخطأ الكبير أن يتم تقييم مسألة الأجانب بأكملهم بناءً على بضعة أفراد محتاجين، فلا يأتي هذه البلاد فقط المحتاجون للمساعدة، بل يأتي أيضاً الكثير ممن ساهم باستثمارات ليست بقليلة في اقتصاد البلاد.
والسياسات الخاطئة ستمهد الطريق لهروبها من البلاد؛ لأن حد ومدى العنصرية ومعاداة الأجانب، وبالأصح الكراهية والحقد ضد العرب المسلمين، كان موضوعاً رئيساً في كثير من الصحف ونشرات الأخبار في البلاد.
مشاهد تلك الفئة، المعدومة الإنسانية، التي لا تعرف حداً لها، فقامت بإنزال الأطفال والنساء قسراً من المواصلات العامة صارخةً فيهم، انتشرت في جميع وسائل الإعلام العربية.
ولأجل التقليل من الآثار السلبية لهذه الفئة، يجب أن توجد سياسة صحيحة حول اللاجئين والمهاجرين، ومحاسبة من فعل ذلك، ومحاسبة المأجورين الذين لأشهر ظلوا يبثون الفتنة والفساد الذي أدى إلى ذلك.
لن ينكر أي صناعي، رجل أعمال أو تاجر منصف جهود وأداء هؤلاء الضحايا في جميع المجالات رغم ظروفهم، والموقف العدائي المستمر اتجاههم.
من يرتكب جرماً سينال جزاءه المستحق مهما كان، لا فرق إن كان أجنبياً أو لا، لكن الإجراءات المسيئة لهم بمجرد مغادرة المساجد لمجرد كونهم أجانب، هي أسلوب آخر لطردهم ومضايقاتهم.
تقوم الوحدات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، بتطبيق "نقاط الهجرة المتنقلة"، بدأت به سابقاً في إسطنبول، وستبدأ به في بداية تشرين الأول في بورصة، أضنة، إزمير وأنقرة، ثم في بداية تشرين الثاني في 30 مدينة كبرى بـ153 مركبة، ثم في بداية كانون الأول في عموم تُركيا.
نأمل أن تطبيق "مكافحة الهجرة غير النظامية" لن يزيد من المظلومين والضحايا، وأن هذه العملية لن تتحول لمطاردة الأجانب بل العرب والأفغان أمام المساجد والمشفيات.
في الواقع، هذا ما يجب أن يكون الحل الأمثل: إذا كنتم سترحلون وترسلون أحداً، فأرسلوا هؤلاء الذين تحولوا إلى آلات إجرامية معتادة، وظيفتهم إثارة الفتن والفساد، المعتقدين أن واجبهم إثارة الفوضى في البلاد، الذين يفسدون في الأرض يقطعون طرق الناس في المدن مثل الوحوش في الغابات، الذين لا يعاملون بني جنسهم معاملة الإنسان، بل بتمييز وعنصرية؛ بسبب اختلاف اللغة أو لون البشرة، فتكونوا قد فعلتم الصواب.
وإلا، فإن فتنتهم لن تنتهي، لأن سعيهم هو إثارة الفتن والمشكلات في الشوارع، بالأمس مع الأكراد، واليوم مع العرب، وغداً مع آخرين.
ولا تنسوا في هذا الخصوص، لا دعوة المظلوم ولا لعنته.
والسلام. (İLKHA)