برّأت محكمة تابعة للاحتلال الصهيوني ضابطاً من شرطة الاحتلال قتل شاباً فلسطينياً مصاباً بالتوحد في مدينة القدس المحتلة قبل أكثر من 3 سنوات.
وأثار قرار المحكمة استهجان العائلة وترحيب وزير الأمن القومي المتطرف "إيتمار بن غفير"، وأشار القرار إلى أن الضحية قُتل بالخطأ للاشتباه في أنه مسلح خلال ظروف ناشئة عن ضغط استثنائي، في إطار محاولة تأمين القدس.
وكان إياد الحلاق (32 عاماً) في طريقه لمدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة عندما طاردته شرطة الاحتلال وقتلته في حادث أثار احتجاجات وإدانات على نطاق واسع.
وتبنت المحكمة المركزية في القدس ادعاءات الشرطي القاتل بـ"الدفاع عن النفس"، واعتبرت بأنه ارتكب خطًأ فادحاً عندما اعتقد أن الشخص الذي يقف أمامه إرهابي مسلح خلال مواجهات، وأنه لم يكن يعلم أن إياد شخص بريء ومن ذوي الاحتياجات الخاصة، مشيرة إلى أن الضابط أبدى ندمه على هذا الخطأ.
وكانت عائلة حلاق قالت: "إن عمر ابنها إياد العقلي 8 سنوات"، بينما قال شهود عيان: "إنه أصيب بالذعر بعد أن صرخ عليه الضباط".
واتُهم الضابط في حزيران/ يونيو 2021 بجريمة القتل، وكانت وزارة العدل أعلنت قبل ذلك بأشهر أنه لم يتبع قواعد الشرطة لإطلاق النار، وأن إياد حلاق لم يشكل أي خطر على الشرطة أو المدنيين في الموقع.
وقالت القاضية في قرار المحكمة: "إن الشاب المقتول ويدعى إياد هو من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولقي حتفه للأسف في ظروف مروعة، لكن مع كل الاحترام والواجب، يجب على المحكمة أن تقوم بعملها، حتى لو كان صعباً للغاية"؛ في حين هتف والدا الحلاق يطالبان بالعدالة لابنهما، وشددا على ما اعتبراه تحيز القضاء الإسرائيلي.
وعبرت القاضية "ميريام لومب" عن تعاطفها مع أسرة الضحية في أثناء تبرئتها للمتهم على أساس ما وصفته بأنه خطأ وقع فيه الشرطي في تحديد هوية إياد، واعتباره يمثل تهديداً بعد أن انضم إلى شرطي آخر كان يلاحق إياد الحلاق بالفعل.
وجاء في الحكم، المؤلف من 70 صفحة؛ لا تجاهل لأن العمل العسكري يتميز بضغط استثنائي، شعور بعدم اليقين يحيط بكل مسرح عمليات عندما يقع حدث تلو الآخر.
وقال والد إياد، خيري الحلاق: "إن القرار كان تبرئة الشرطي، على مدى 3 سنوات وشهرين كنا نتابع في المحكمة، ولكن دون فائدة".
وعن ظروف مقتل نجله، قال الأب: "بداية أطلق الشرطي الإسرائيلي النار على قدمه وبعد أن وقع على الأرض جاءت معلمته وقالت إنه من ذوي الاحتياجات الخاصة ولم يستمعوا لها وأطلقوا النار عليه".
وقد رحب وزير الأمن القومي الصهيوني المتطرف "إيتمار بن غفير" بقرار المحكمة، وقال في بيان: "الجنود الأبطال الذين يحمون دولة إسرائيل بحياتهم سيحصلون على عناق ودعم كامل مني ومن الحكومة".
وإياد الحلاق هو شاب فلسطيني مصاب بالتوحد ويبلغ من العمر 32 عاما، ويسكن بحي وادي الجوز في القدس.
وقالت عائلة الحلاق إنه كانَ مصابًا بالتوحد، ويعاني من تأخر في النمو العقلي، وأن مستواه في التفكير لا يتجاوز طفل في السابعة من عمره، وهو كان يتردد على مؤسسة للأشخاص ذوي الإعاقة يوميًا.
وكان الشرطي الصهيوني قد أطلق النار على الشاب "إياد الحلاق" في البلدة القديمة بالقدس، أثناء ذهابه إلى مدرسة خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة خلال مطاردة لعدد من الشبان، حيث أصيب في البطن ثم أطلق النار عليه مرة أخرى، وهو مصاب مما أدى إلى استشهاده في مكانه.
في 30 أيار/ مايو 2020، كان الحلاق ومرشدته "وردة" يسيران إلى "مدرسة البكرية" للتعليم الخاص التي تقدم خدمات رعاية لذوي الإعاقة في القدس القديمة، عندما اقتربوا من نقطة تفتيش للشرطة قرب باب الأسباط.
وأصبح إياد الحلاق في موضع شك من جهة ضباط الشرطة المُناوبين عندما وضع الحلاق يده في جيبه لأجل هاتفه المحمول، وبدأ الضباط بالصراخ، ويبدو أن الحلاق لم يفهم أوامرهم بالتوقف، هرب سيرًا على الأقدام واختبأ في غرفة للقُمامة، حاولت معلمته إخبارهم أنه من ذوي الإعاقة وبإمكانهم التحقق من هويته لكن الضباط الثلاثة حافظوا على مسافة وفتحوا النار.
وقد ادعت شرطة الاحتلال، في بيانٍ لها؛ أنَّ الحَلاق كان يُعتقد أنه يحمل سلاحًا، بعد أن رصَد الضباط شيئًا يشبه المُسدس، وأنه عندما لم يطع أوامر الضباط طاردوه.
وذكرت محطة تلفزيون محلية أنه لُوحِقَ في زقاق مسدود، وأمر ضابط كبير بوقف إطلاق النار بعد دخول الزقاق، وبحسب ما ورد تجاهل ضابط ثان الأوامر وأطلق حوالي ست أو سبع طلقات من بندقية إم 16 أودت بحياة الحلاق، وقد اكتشف لاحقًا أنه لم يكن بحوزته سلاح عندما فُتِشَ بعد استشهاده.
من جانبها، دانت حركة "حماس" تبرئة الضابط الصهيوني الذي قتل الشاب إياد، واعتبرت أن ذلك يؤكد لعبة تكامل الأدوار بين مؤسسات الاحتلال الفاشي، وتماهي القضاء مع جرائم الجنود القتلة.
وقال الناطق باسم حركة حماس "عبد اللطيف القانوع"، في تصريحات صحفية: "إن تبرئة القضاء الإسرائيلي للجندي الصهيوني قاتل إياد الحلاق واعتبار جريمة الإعدام الميداني مكتملة الأركان التي نفذّها ضد شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة دفاعاً عن النفس، يؤكد ما وصفه بلعبة تكامل الأدوار التي تلعبها مؤسسات الاحتلال الفاشي وتماهي القضاء الصهيوني مع جرائم الجنود القتلة، رغم كل الشواهد التي أثبتت بأنه أطلق النار على الشهيد الحلاق دون أن يشكل عليه أي تهديد". (İLKHA)