اعتمدت الحكومة اليمنية على مدى سنوات على عائدات النفط كأهم مصدر للنفقات العامة، ونظراً لصعوبات ظروف الحرب الأهلية، فإنها تواجه مشاكل في دفع رواتب الموظفين العموميين المشمولين بعائدات النفط، وضمان استقرار العملة المحلية.
وقبل اندلاع الحرب الأهلية في اليمن عام 2015، كان إنتاج النفط 150 ألف برميل يوميًا، وبعد الحرب وعلى الرغم من جهود الحكومة، فإن إنتاج النفط اليوم يقف عند حد 60 ألف برميل يوميًا.
وكان قد شنّ الحوثيون هجمات على ثلاثة موانئ نفطية في مدينتي حضرموت وشبوة في تشرين الأول/ أكتوبر 2022، بعد فشل الحكومة في التوصل لاتفاق لتمديد وقف إطلاق النار، مما حرم الحكومة من أهم مصادر دخلها وهو النفط.
دعوة للعرب للعمل معًا
وقد اتّهم رئيس مجلس الرئاسة اليمني "رشاد العليمي" في بيان قبل القمة الثانية والثلاثين لجامعة الدول العربية المنعقدة في جدة في 19 أيار/ مايو، الحوثيين بمواصلة منع السفن والناقلات من الوصول إلى موانئ تصدير النفط.
وحثّ "العليمي" التحالف العربي على "العمل الجماعي" لدعم جهود الحكومة اليمنية لتحفيز الاقتصاد وتحسين الخدمات الأساسية والاستجابة الإنسانية.
كما كان قد أعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن "هانز جروندبرج" في خطابه أمام مجلس الأمن الدولي في 18 أيار/ مايو، عن مخاوفه بشأن تدهور الوضع الاقتصادي في اليمن، وتقييد الحراك الاقتصادي وتأثيره على الاقتصاد.
وفي إشارة إلى أن أكثر من نصف إجمالي عائدات الحكومة اليمنية مستمدة من صادرات النفط، أشار "جروندبرج" إلى أن وقف الصادرات النفطية أثر سلباً على وفاء الحكومة بالتزاماتها تجاه الشعب اليمني.
التهديد بالاستهداف المباشر للموانئ
وكان قد نفذ الحوثيون هجومهم الأول على الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022.
وقد قال رئيس وزراء ما يسمى بالحكومة اليمنية "عبد العزيز حبتور" لقناة المسيرة التي كانت مملوكة للحوثيين في ذلك الوقت: "إذا لم يتم الاتفاق معنا على تحويل عائدات النفط إلى البنك المركزي في صنعاء فإن التجارة تتم بالحديد والنار".
وكانت القضية أيضًا على جدول أعمال دول أخرى إلى جانب اليمن، حيث دانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في بيان مشترك صدر منتصف شباط/ فبراير الماضي هجمات الحوثيين على البنية التحتية وغيرها من الممارسات التي تهدد عملية السلام وتلحق أضرارًا اقتصادية بكل اليمنيين.
وأكد البيان على أهمية توفير فرص العمل والمعيشة للشعب اليمني باقتصاد مزدهر في اليمن.
تحركات العمل في حالات الطوارئ
ومن ناحية أخرى، فقد قررت الحكومة اليمنية خفض الإنفاق في 10 شباط / فبراير لمواجهة تداعيات وقف إنتاج وتصدير النفط، وأعلنت أنها ستتخذ إجراءات جديدة تتنبأ بتنويع الإيرادات المتوقعة لعام 2023.
وتأتي الخطوة بعد شهر من موافقة الحكومة على زيادة الرسوم الجمركية بنسبة 50 بالمئة إلى 750 ريالاً، إلا أن المجلس تعامل مع هذه الخطوة بتحفظات على أساس أنه لم يأخذ في الاعتبار البدائل الضرورية للعمال وفئات الدخل المنخفض، وكذلك الظروف المعيشية للمواطنين.
"الحكومة تفقد أهم مصدر للنقد الأجنبي "
وقد قال الاقتصادي اليمني "فائق صالح" في بيان: "مع توقف صادرات النفط الخام، فقدت الحكومة الآن أهم مصدر لها من العملات الأجنبية، وتأثرت المالية العامة للدولة بشكل كبير".
وفي إشارة إلى تراجع الموارد العامة، قال صالح: "إن ذلك يشكل تهديدًا لقدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها المالية، مثل الإنفاق على الخدمات العامة، وخاصة الكهرباء، ودفع رواتب الموظفين".
كما أشار "صالح" إلى أن تأثير خفض الصادرات النفطية لا يقتصر فقط على المزيد من فقدان الموارد المالية للحكومة، بل يضعف أيضًا القدرة على التدخل في أسواق الصرف الأجنبي، وتوفير الأموال اللازمة لاستيراد السلع، وخاصة المنتجات الأساسية التي تتطلب التدخل الرسمي.
وفي اليمن حيث تدور فيها الحرب الأهلية، تراجعت العملة المحلية أيضًا إلى مستوى قياسي منخفض مقابل العملة الأجنبية في السنوات الأخيرة. (İLKHA)