تتسابق السلطات الجزائرية مع الزمن لاتخاذ إجراءات مختلفة، لا سيما لإنقاذ المناطق الزراعية في البلاد وتنقية مياه البحر كبديل لمياه الأمطار ، حيث يتناقص هطول الأمطار ويقرع الجفاف الباب مرة أخرى.
على الرغم من أن الجزائر تشهد فترة واعدة بكميات كبيرة من الأمطار وتساقط الثلوج في المناطق الشمالية مع بداية فصل الشتاء، إلا أنها منذ بداية شهر أذار تمر بأيام صعبة حيث انخفض هطول الأمطار بشكل كبير، مما أثر على السدود والمياه الجوفية والاحتياطيات المائية للزراعة والمحاصيل على حد سواء.
ووفقا للمسؤولين، فإن الأجزاء الغربية والوسطى من البلاد هي أكثر المناطق تضررا من الجفاف، في حين أن الأجزاء الشمالية تعمل بشكل أفضل إلى حد ما.
3 سنوات من الجفاف في البلاد
يعتبر وضع هذا العام استمرارًا لظاهرة الجفاف التي تعيشها البلاد منذ 3 سنوات، مما تسبب في انخفاض منسوب المياه في السدود والمياه الجوفية وحتى الينابيع.
ويذكر أن الجزائر تعتمد بشكل كبير على مياه الأمطار في قطاعها الزراعي، وخاصة في زراعة الحبوب في المناطق الشمالية من البلاد.
وعلى الرغم من أن السلطات لم تدل بأي بيان حول مدى انتشار الجفاف في البلاد في الموسم الحالي، إلا أن منظمات المزارعين ووسائل الإعلام المحلية تطرح قضية أن أهم المحاصيل، وخاصة الحبوب، تتأثر بشكل خطير بقلة هطول الأمطار في البلاد خلال الفترة الأخيرة.
كما أقيمت صلاة الاستسقاء في 19 ألف مسجد بالدولة نهاية الأسبوع وبسبب تأخير هطول أمطار الربيع.
وبعد أداء الصلاة في المساجد بدعوة من وزارة المؤسسات والشؤون الدينية الجزائرية، أُقيمت صلاة الاستسقاء.
وخرج أهل البلاد للصلاة من أجل هطول الأمطار في أشهر الشتاء والخريف العام الماضي بدعوة من الوزارة.
19 مدينة تعاني من شح شديد في المياه
أدلى وزير الري الجزائري طه دربال ببيان لتلفزيون "النهار" مساء أمس، قال فيه إن أجراس الجفاف في البلاد بدأت تدق مرة أخرى، وقال إنه يبلغ نصيب الفرد الواحد من المياه خلال الوضع الراهن 440 متراً مكعباً من المياه.
وأشار دربال إلى أن 19 مدينة في البلاد تعاني من نقص المياه وأن 10 من هذه المدن تتأثر بشدة بهذا الوضع، ويستمر البحث عن حل لنقص المياه في 7 مدن بشكل سريع.
وأشار دربال إلى أن السدود تلبي 22 بالمئة فقط من احتياجات مياه الشرب، وإلى أن آبار المياه تلبي 60 بالمئة من هذه الاحتياجات وأن محطات المعالجة 18 بالمئة.
وأشار دربال إلى أن حاجة البلاد إلى المياه النظيفة تتم تجربتها عن طريق تحلية المياه على الساحل حتى عمق 150 كيلومترًا، وقال دربال أن الاحتياجات السنوية من مياه الشرب تبلغ 3.6 مليار متر مكعب وأن الاحتياجات المائية للبلاد بأكملها هي. 11.3 مليار متر مكعب.
وأوضح دربال أن الجزائر أنتجت 3.4 مليار متر مكعب من المياه عام 2022، فيما بلغت الاحتياجات المائية للقطاع الزراعي 7.4 مليار متر مكعب هذا العام.
وأشار دربال إلى أنه تم منح 26 ألف رخصة لحفر آبار المياه النظيفة في عموم البلاد العام الماضي، وأوضح دربال أن طاقة تنقية مياه البحر قد تمت زيادتها إلى 42 في المائة وكان الهدف زيادتها إلى 60 في المائة في وقت قصير.
وأوضح دربال أن 821 مليون متر مكعب من المياه تمت معالجتها بـ 25 محطة معالجة على طول الساحل، ويبلغ حجم مياه الصرف الصحي المعالجة حاليًا 500 مليون متر مكعب، وتتسبب شبكات التوزيع القديمة في هدر 30٪ من المياه.
الحكومة تتخذ إجراءات لإنقاذ موسم الزراعة
وأعلنت الحكومة الجزائرية، في اجتماع مجلس الوزراء يوم 26 نيسان، عن سلسلة إجراءات لمواجهة هذا الوضع المناخي، الذي وصفته بـ "ندرة المياه".
وجاء في البيان المكتوب الذي صدر عقب اجتماع مجلس الوزراء أن وزير الزراعة عبد الحفيظ هني ووزير الري دربال قدما عرضاً مشتركاً لحل مشكلة ندرة المياه في المناطق الزراعية وموارد مياه الشرب.
وأعلن أنه تقرر اتخاذ إجراءات عاجلة لصالح المزارعين، مثل استخدام أنظمة الري التي توفر ما يصل إلى 70 في المائة وفتح آبار المياه.
كما أدرجت الحكومة برنامج طارئ لإمداد مياه الشرب، إلى جانب الإجراءات المتخذة لمعالجة آثار ندرة المياه في عدة مدن، مؤكدة أنه تم فحص مسار المشاريع المنفذة لضمان الأمن المائي على المدى القصير والمتوسط.
تحلية مياه البحر كحل دائم
أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الحكومة بزيادة عدد محطات معالجة المياه على طول ساحل البلاد البالغ طوله 1200 كيلومتر كجزء من مكافحة الجفاف في بداية عام 2023.
كما حشد الرئيس تبون مختلف القطاعات لسن سياسة جديدة للاقتصاد المائي على المستوى الوطني ولإنشاء خطة طوارئ تهدف إلى حماية المياه الجوفية.
وعلى الرغم من أن الجزائر لديها 85 سداً بالإضافة إلى 25 محطة لتحلية مياه البحر تستخدم لتوفير مياه الشرب للجمهور في المدن الساحلية، إلا أن كل هذه المرافق غير كافية للوضع المناخي الحالي، وذلك بحسب الخبراء.
مخاوف من انخفاض إنتاج الحبوب والأعلاف
أكد الخبير الزراعي أحمد مليحة أن محصول الحبوب والأعلاف سينخفض هذا العام بسبب الجفاف الذي بدأ يؤثر على أجزاء كبيرة من البلاد.
وأشار مليحة إلى أن هذا العام لم يكن له هطول أمطار حتى الآن ولم تحدث الأمطار المتوقعة، مضيفًا أن ذلك سيؤثر بشكل مباشر على المحاصيل الزراعية، وخاصة إنتاج الحبوب، التي تغذيها الأمطار وليس الري، إلى حد كبير.
وشدد على أن الجزائر يجب أن تتخذ إجراءات لمعالجة المياه العادمة لاستخدامها في الزراعة وبناء سدود جديدة، بالإضافة إلى محطات معالجة مياه البحر، وهي إجراء استراتيجي ضد الجفاف وندرة المياه، وقال مليحة إن المياه الجوفية الضخمة في الصحراء الكبرى، التي تعتبر من أكبر مصادر المياه في العالم، بحاجة إلى اتخاذ إجراءات، وأشار إلى أهمية استخراج احتياطيات المياه.
وأشار مليحة إلى أن المياه الجوفية في المنطقة المعنية قد تكفي لآلاف السنين، وإلى أنه حتى استخدام جزء فقط من هذه المياه الجوفية للزراعة وتربية الحيوانات قد يكون كافياً لتلبية احتياجات البلاد. (İLKHA)