عقد مركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية بإسطنبول مؤتمراً صحفياً بمقره بإسطنبول، تحت عنوان "كارثة الزلزال في تركيا وسوريا والواجب تجاهها".
وقد جمع المؤتمر عدداً من ممثلي العرب المقيمين على أرض تركيا، وكذلك ممثلين عن هيئات إغاثية وجمعيات خيرية تساهم في عمليات الإنقاذ والإغاثة الجارية.
وفي بداية المؤتمر قدم الأستاذ "إسلام الغمري" نائب رئيس مركز حريات التعازي باسم جميع الحضور وأيضاً العرب المقيمين على أرض تركيا للشعبين التركي والسوري والدولة التركية في مصابهم الأليم، وأكد على الرسالة الرئيسة للمؤتمر ألا وهي التأكيد على الواجب المجتمعي وخاصة من الجانب العربي المقيم في تركيا تجاه الكارثة وضرورة التطوع في شتى عمليات الإنقاذ والإغاثة الجارية، مع إلقاء الضوء على النماذج المشرفة التي حدثت وتحدث بالفعل في هذا المجال.
ثم كانت الكلمة للسيد "أوميت بلجين" ممثلاً عن هيئة IHH التركية الإغاثية الذي تناول في كلمته شرحاً لحجم الكارثة والجهود المبذولة لمواجهتها من الدولة التركية وكذلك الجوانب التي تحتاج إلى مزيد من الدعم والجهود التطوعية، كما أجاب على سؤال عن السماح بدخول القوافل الإغاثية للجانب السوري، فأوضح أن المساعي تبذل من أجل تذليل كل الصعاب أمام هذا الأمر بمعرفة الدولة التركية، وأنه بالفعل قد بدأت الشاحنات والمعدات في الدخول منذ أول أمس الجمعة، وأن السيد "بولنت يلدريم" رئيس هيئة IHH منذ اليوم الأول وهو في الداخل السوري لمتابعة عمليات الإنقاذ.
ثم كانت الكلمة للكاتب الصحفي "قطب العربي"، والذي أكد على أن الشعب التركي ليس وحده في هذه المحنة، وأن تركيا لم تتأخر عن إخوانها العرب والمسلمين أبداً، وأن اليوم هو يوم التضامن مع الشعبين التركي والسوري، وأن هناك مشهد مشرف من الوجود العربي في تركيا ومساهماتهم في حملات الإغاثة.
كما أكد على أهمية دور الإعلام العربي في متابعة عمليات الإنقاذ وأيضاً الحث على التبرع والمساهمة لرفع الضرر عن المضارين، وأن هذا الدور الإعلامي لابد وأن يستمر حتى انتهاء الأزمة تماماً.
ثم تحدث الأمين العام لرابطة علماء المسلمين فضيلة الشيخ الدكتور "محمد عبد الكريم"، والذي أوضح أن واجب الوقت هو إغاثة المنكوبين، وخاصة من المقيمين على أرض تركيا، وأن السلبية إزاء مثل هذه الكوارث أمر مذموم شرعاً ويسأل عنها صاحبها يوم الدين، وأكد على أن جميع الروابط الشرعية أصدرت منذ أول يوم بيانات تؤكد فيها على وجوب المساهمة في رفع أضرار هذا الزلزال.
وتناول نائب رئيس جمعية أمة الخيرية بإسطنبول الأستاذ "أيمن خميس" في كلمته، شهادته على واقع المدن التي تعرضت للزلزال، حيث كان ضمن وفد من جمعية أمة تحرك في اليوم الأول لتفقد الأوضاع واحتياجات المنكوبين على أرض الواقع.
وأوضح أنهم لم يكونوا يتخيلون حجم الدمار الذي أصاب هذه المدن والذي شبهه بدمار القنابل الذرية التي ألقيت على هيروشيما وناغازاكي، وعليه فإن الجهود الواجبة لرفع هذه الأضرار هي جهود عظيمة لا يجب أن يتخلف أحد عن المساهمة فيها بالمستطاع.
وتحدثت بعد ذلك مسؤولة قسم المرأة والطفل بمنظمة العدل والإحسان الأستاذة "إيمان الرفاعي"، والتي أكدت على الدور العظيم الذي تقوم به المرأة العربية في تركيا لتضميد جراح المنكوبين، وذكرت العديد من النماذج التي سارع فيها نساء عربيات بالعون والمساندة بالرغم من ضعف إمكانياتهم الشديد ولكنهم لم يدخروا جهداً ولا مالاً، وأن هذا هو المنتظر من المرأة العربية التي تلعب دائماً أهم الأدوار في ملمات الأمة.
وفي كلمته أكد الباحث السياسي الأستاذ "أحمد فهمي" على أن العالم يعيش عصر ما بعد الأزمنة العادية وهو يتسم بكثير من الكوارث الطبيعية والاقتصادية والسياسية، وأن هذه العصر بتوالي أزماته يحتاج إلى فكر جديد استباقي يقوم في الأساس على مفهوم التكافل الأممي، حيث لا توجد دولة بمفردها قادرة على مواجهة هذه الكوارث، وأنه يجب أن يتجه تفكيرنا إلى تفعيل دور الشعوب العربية والإسلامية في مواجهة هذه الكوارث وكيفية تنسيق جهودها، كما أشاد بجهود الحكومة التركية وإدارتها للأزمة، وأشار إلى أن هذا محل تقدير العالم أجمع، كما جاء على لسان نائبة الأمين العام للأمم المتحدة في زيارتها الأخيرة لتركيا.
ثم انتقلت الكلمة لنائب رئيس الجاليات العربية في تركيا، "د. خضر السويطري"، والذي تحدث عن الاحتياج إلى جسور جوية لنقل المساعدات والمعونات للمناطق المنكوبة سواء في تركيا أو في شمال سوريا، بالإضافة إلى مؤتمر مانحين دولي لدعم تركيا والشمال السوري، وأوضح أن اتحاد الجاليات العربية بتركيا قام منذ اليوم الأول بمبادرة التبرع بالدم لصالح مصابي الزلزال، بالإضافة إلى إعداد قوائم بالمتطوعين، وأنهم دائماً ما يوجهون إلى أن التبرعات يجب أن تكون عبر المؤسسات التركية الرسمية، "AFAD" و"IHH" والهلال الأحمر التركي.
وتحدث بعد ذلك د. "يحيى سعد" الكاتب والباحث السياسي، والذي بشر ضحايا الزلزال بمنزلة الشهداء كما جاء في الحديث النبوي.
وأكد على ما أسست له هيئة "IHH" ونصها على أن هذا هو "يوم الوحدة" في مواجهة هذه الكارثة، وأن هذا تمثل في تضافر جهود الدولة التركية مع الجمعيات الخيرية والإغاثية التركية والعربية العاملة على أرض تركيا، والتي لم يدخر أحد منها جهداً، وضرب مثالاً بالجالية المصرية والتي وصلت قوافلها الطبية إلى كهرمان مرعش وغيرها أيضاً من الجاليات العربية.
ثم جاء الدور على الجانب الحقوقي والقانوني لهذه الكارثة والذي تولى شرحه الأستاذ "أشرف توفيق" الأمين العام لمنظمة "إمداد" لحقوق الإنسان، والذي أوضح أن القانون الدولي الخاص بالكوارث هو حديث النشأة ويهتم بتوفير الحماية لضحايا الكوارث، وأنه يقوم على مبادئ الحياد والنزاهة والإنسانية.
وشرح أنه من غير المقبول منع نظام بشار الأسد للمعونات عن المناطق التي لا تقع تحت سيطرته وخاصة أن هذه المناطق هي التي تضررت بالأساس من جراء الزلزال، ومن غير المقبول أن توجد أي معوقات تحول دون وصول المساعدات ومعدات الإغاثة للشمال السوري في الأوقات الحرجة التي تلت وقوع الزلزال، وأن عمليات التبرع والتطوع لابد وألا تتوقف إلا بعد أن يشفى آخر مصاب ويعود آخر منكوب إلى سكن مستقر.
وختم المؤتمر بكلمة للأستاذ "أحمد حسني" نائب رئيس مجلس إدارة اتحاد الجمعيات المصرية العاملة بتركيا، والذي أكد على أنه منذ اليوم الأول بادر الاتحاد بفتح حساباته البنكية لتلقي الإعانات المادية، كما أن جمعيات الاتحاد الخمس وعشرين وخاصة المختصة منها بالعمل الخيري والإغاثي فتحت أبوابها لتلقي التبرعات العينية ونقلها للمدن المتضررة داخل تركيا وفي الشمال السوري.
وأضاف أن الزلزال الذي لم يفرق بين تركي وعربي كان بمثابة رسالة ربانية للأمة جمعاء، بأن قدر هذه الأمة المحتوم والذي لا نجاة لها دونه هو التوحد ونبذ الفرقة، وأن على الأصوات العنصرية البغيضة التي تعمل على التفرقة بين أبناء أمة الإسلام أن تصمت إلى الأبد.
وفي ختام المؤتمر دعا الأستاذ "إسلام الغمري" إلى استمرار مساهمات الجاليات العربية من داخل تركيا وكذلك الشعوب العربية والإسلامية في جهود رفع آثار الزلزال المدمرة حتى تكتمل وتتم بالخير على الشعبين التركي والسوري.
(İLKHA)