وصف المواطن السوري إسماعيل مصطفى السنوات الـ13 التي قضاها بسجن تدمر في عهد نظام حافظ الأسد بسنوات الموت والقلق والخوف اليومي.
وإسماعيل (64 عامًا) من أبناء المكون التركماني السوري، ولِد في بلدة "حمام التركمان" بمحافظة الرقة ويقطن حاليًّا في بلدة تل أبيض.
بحسب خبر الجزيرة أمضى إسماعيل مصطفى 13 عامًا في سجن تدمر سيّئ السمعة، بعدما اعتقلته قوات نظام حافظ الأسد عام 1987. وتعرّض للتعذيب يوميًّا في معتقله الذي دخله وهو يبلغ من العمر 29 عامًا، وخرج منه في عمر 42.
وكشف إسماعيل عن تجربته في سجون نظام الأسد بمناسبة "اليوم العالمي للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب"، الموافق 26 يونيو من كل عام.
وذكر إسماعيل أنه قضى بعد الاعتقال 18 يومًا في محافظة دير الزور، ونحو 10 أشهر في فرع التحقيق رقم 248 في العاصمة دمشق، ليُنقل بعدها إلى سجن تدمر حيث قضى باقي المدة.
واعتبر أن سنوات الاعتقال كانت سنوات موت وخوف يومي، يفكر المرء خلالها فقط في "الموعد المحتمل للموت".
حراس العنابر اعتادوا التبول عبر نافذة السقف على السجناء في سجن تدمر
التعذيب من اليوم الأول
روى السجين السوري مأساته في سجن تدمر عندما نُقل إليه رفقة 234 معتقلًا.
وقال: "في اليوم الأول بدأ التعذيب في الباحة الأولى. كان هناك 10 عجلات تعذيب (دولاب) و3 عسكريين يتناوبون على كل عجلة".
وأضاف "تم تعذيب المعتقلين من خلال ضربهم بالسياط حتى فقَدَ بعضهم الوعي".
وأردف "سُجنت في العنبر رقم 21 بالفناء الرابع، وعندما تُفتح أبواب العنبر (المهجع) تُفتح معها أبواب الجحيم. لم نكن نعرف عدد الأشخاص الذين ينهالون علينا بالضرب".
وذكر إسماعيل أن "حراس العنابر اعتادوا التبول عبر نافذة السقف على السجناء أثناء نومهم".
وتابع "كان الطعام قليلًا، ولم يكن هناك رعاية صحية، وتُرك المرضى يموتون. تعرضنا للركل واللكم والضرب بأدوات صلبة وأنواع شتى من التعذيب".
وكشف إسماعيل أن السجناء دفعوا ثمن الخلافات بين حافظ الأسد ودول الجوار مثل لبنان على شكل "حفلات تعذيب" أدت إلى موت مئات السجناء.
ووصف عام 1989، الذي اندلعت فيه اشتباكات بين الجيش السوري وقائد القوات اللبنانية آنذاك ميشال عون، وعام 1994 الذي توفي فيه باسل الابن البكر لحافظ الأسد بـ"عامَي الذروة"، إذ شهدا ذروة عمليات التعذيب وأبشعها، مضيفًا "تمت محاسبتنا كما لو أننا أصحاب العلاقة في هذين الحدثين".
أكلتُ الفأر
وأوضح إسماعيل أن جميع عنابر السجن كانت تعج بالقمل بينما تُرك السجناء يصارعون أمراضًا شتى في مقدمتها الجرب.
وأضاف "أخذونا إلى الباحة عراة لتطهير العنابر وتعقيمنا، وأمر أحد الحراس باغتصاب السجناء".
وتابع "شعرت بالخوف. قلت: ليتني متُّ ولم أعش هذه اللحظة. قبل أن يتبين أنه عندما قال الحارس (اغتصاب) كان يقصد التعذيب".
وروى إسماعيل "في إحدى المرات، قام أحد الحراس بتعليمي (وضع اسم السجين على قائمة التعذيب) من أجل الخضوع للتعذيب الليلي".
وتابع "تعرضت للضرب على صدري وظهري. جعلوني آكل فأرًا ميتًا. لم أكن أعرف ماذا كان في فمي بسبب الخوف. لقد أكلت الفأر. هذه كانت واحدة من اللحظات التي لن أنساها أبدًا".
وقال: "عندما كان أحد الحراس يضع علامة على أحد كبار السن، كان أحد الشباب يتطوع لحضور التعذيب بدلًا منه، لكن الموت قد يكون أيضًا نهاية هذا العمل التطوعي".
ولفت إسماعيل إلى أنهم علموا بوفاة حافظ الأسد بعدما صدر القرار الرئاسي بالعفو عنهم باسم نجله بشار، وقال “توقف التعذيب فجأة في يونيو 2000".
وتابع "لم نتمكن من معرفة ما الذي حدث، لكننا علمنا أن شيئًا كبيرًا وقع في البلاد".
واستطرد "تمت قراءة أسماء المفرج عنهم في أكتوبر 2000، وكان العفو يحمل توقيع بشار حافظ الأسد. وقتها علمنا أن الأسد الأب قد مات".
وأشار إلى أنه عندما وصل إلى منزله علم بوفاة شقيقيه ووالدته في وقت سابق.
واعتبر إسماعيل أن تقليد "التعذيب والموت في السجن" الذي بدأ مع عهد الأسد الأب استمر أيضًا في عهد بشار الابن، مطالبًا المنظمات الدولية لحقوق الإنسان بالدفع نحو محاكمة بشار الأسد أمام المحكمة الجنائية الدولية.
(İLKHA)