قال تقرير الأمم المتحدة - أوتشا - فريق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة يوم الخميس: "إن الوضع في قطاع غزة يمكن وصفه بالكارثي بعد 15 عاماً على حصار الاحتلال للقطاع براً وبحراً وجواً، مما رفع نسبة الفقر والبطالة ليكون الأعلى في العالم ودمر الاقتصاد وسحق شريحة واسعة من الفلسطينيين وحولهم إلى الاعتماد على المساعدات الدولية بنسبة تزيد عن 50%".
وأضاف التقرير: "يثير الحصار الإسرائيلي القلق إزاء العقوبات الجماعية وانتهاكات الاحتلال لتعهداته بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وينبغي رفع الحصار عن غزة بالكامل وفقًاً لقرار مجلس الأمن 1860".
وقالت الأمم المتحدة أنه في يونيو 2007 فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قيوداً مشددةً على تنقل الغزيين وعزلت وحاصرت القطاع براً وبحراً وجواً، مما أدى إلى عزل القطاع عزلًا تامًا عن بقية الأرض الفلسطينية المحتلة والعالم.
وأكدت خلال تقريرها أن الحصار البري والبحري والجوي يزيد من حدة القيود السابقة بدرجة كبيرة تحد من عدد الفئات المحددة من الأشخاص والبضائع التي يُسمح بدخولها عبر المعابر التي يسيطر عليها الكيان الصهيوني.
ووفق التقرير الأممي فقد تسبب الحصار في موت المئات من الغزيين وحتى الآن من العام 2022، لم يصادق نظام الاحتلال إلا على 64 بالمائة من الطلبات التي قدمها المرضى لمغادرة غزة من أجل الحصول على العلاج التخصصي أساساً في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، في المواعيد المقررة لعلاجهم.
ولفتت الأمم المتحدة إلى أن السلطات المصرية أغلقت معبر رفح مع غزة لفترات طويلة بعد العام 2014، في أعقاب الاضطرابات السياسية التي شهدتها مصر، ولا يزال المعبر مفتوحاً في معظم الأوقات منذ منتصف العام 2018، وفُتح لمدة 95 يوماً من أصل 151 يوماً خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2022.
كما وقالت المم المتحدة في تقريرها: "إنه بسبب الحصار الاسرائيلي الكارثي والمدمر وغير الإنساني، انخفض عدد الشاحنات التي تغادر غزة محملةً بالبضائع إلى شاحنتين فقط في المتوسط شهريًا في العام 2009، وبعد العدوان الاسرائيلي على غزة في العام 2014، استؤنفت عمليات النقل التجاري من غزة إلى الضفة الغربية، كما استؤنفت الصادرات إلى إسرائيل بدءًا من آذار 2015، وفي أغسطس 2021، استُهل التصدير إلى مصر للمرة الأولى، مما رفع المتوسط الشهري للصادرات إلى 787 شاحنة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2022، وكان المتوسط الشهري يصل إلى 961 شاحنة قبل فرض الحصار.
وكان عدد الشاحنات التي دخلت غزة محملة بالبضائع خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2022، وهو نحو 8000 شاحنة في الشهر، أقل بما نسبته 30%من المتوسط الشهري خلال النصف الأول من العام 2007 قبل فرض الحصار".
ووفق التقرير منذ فرض الحصار قبل 15 عاماً، ازداد عدد السكان قطاع غزة بما يربو على 50%.
وأوضحت أن ما يزيد الحصار ضراوة وتأثير سلبي مدمر فرض سلطات الاحتلال قيوداً جمة على الوصول إلى المناطق الواقعة على مسافة 300 متر على جانب غزة من السياج الحدودي مع الاحتلال، ولا تنعم المناطق التي تبعد عدة مئات من الأمتار عن هذا السياج بالأمان، مما يحرم آلاف المزارعين الفلسطينيين من الاستفادة من أراضيهم ومزاولة الأعمال الزراعية فيها حيث يتعرضون للقنص والاعتداء والاعتقال من قبل جيش الاحتلال.
كما وقالت الأمم المتحدة في تقريرها: "إن بحرية الاحتلال الاسرائيلي تستهدف الصيادين في بحر غزة وتدمر وتحتجز سفنهم وتقيد الوصول قبالة ساحل غزة، ولا تسمح حاليًا للصيادين إلا بالوصول إلى 50% من مناطق الصيد المخصصة لهذه الغاية بموجب اتفاقيات أوسلو".
والجدير بالذكر أن مستويات البطالة في غزة، بحسب التقرير، يعد من بين الأعلى في العالم، حيث وصل معدل العاطلين عن العمل خلال الربع الأول من العام 2022، إلى 46.6% بالمقارنة مع المتوسط الذي كان يبلغ 34.8% في العام 2006.
وأكد التقرير أن معدل البطالة بين الشباب وصل (الفئة العمرية 15 - 29 عاماً) إلى 62.5% خلال الفترة نفسها.
وجاء في التقرير أيضاً: "يواجه نحو 31% من الأسر في غزة صعوبات في الوفاء باحتياجات التعليم الأساسية، كالرسوم المدرسية والكتب، بسبب شح الموارد المالية، ويحتاج 1.3 مليون من أصل 2.1 مليون فلسطيني في غزة (62%) إلى المساعدات الغذائية".
وأوضحت الأمم المتحدة أنه بسبب حصار سلطات الاحتلال ومنع دخول الوقود بحرية وقطع الغيار للمولدات والمحطات لا تستطيع محطة توليد كهرباء غزة، بقدراتها التشغيلية الحالية، إنتاج سوى 80 ميغاواط، بحيث تجبر على شراء 120 ميغاواط من الكهرباء من الكيان ليبقى القطاع تحت رحمته، ويلبي ذلك نحو 50% من الطلب على الكهرباء في غزة (400 - 450 ميغاواط)، وفي العام 2021، بلغ متوسط انقطاع الكهرباء المزمن 11 ساعة في اليوم.
كما واستعرض تقرير الأمم المتحدة وضع قطاع المياه الكارثي صحياً، وقال: "إن ما نسبته 87% من المياه المنقولة بالأنابيب في قطاع غزة غير صالحة للاستهلاك البشري".
وذكرت الأمم المتحدة خلال تقريرها أنه يوجد نحو 2.1 مليون فلسطيني في قطاع غزة «محاصرين»، ولا تملك الغالبية الساحقة منهم القدرة على الوصول إلى بقية أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة والعالم الخارجي، مما يحد من إمكانية الحصول على العلاج الطبي الذي لا يتوفر في غزة ومؤسسات التعليم العالي والتمتع بالحياة الأسرية والاجتماعية والعثور على فرص العمل والفرص الاقتصادية.
وقالت الأمم المتحدة أنه منذ حزيران 2007 خنق وحرم الاحتلال الصهيوني أكثر من 2 مليون فلسطيني بحجة الدواعي الأمنية من كل مقومات الحياة الكريمة، مما أثر عميق على الأحوال المعيشية فيها، وقوضت وحدة الأرض الفلسطينية المحتلة ومزقت النسيج الاقتصادي والاجتماعي فيها، ويشكّل الأشخاص المؤهلون للحصول على تصاريح الخروج أقلية ضئيلة، وهم في معظمهم من العمال ورجال الأعمال والمرضى وموظفي المنظمات الدولية.
كما وأكدت الأمم المتحدة على الآثار المدمرة للحصار الصهيوني على الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة، لافتةً إلى تدمير الكيان لمعظم مصانع القطاع خلال الغارات التي شنتها خلال الحروب الثلاث في العقد الاخير، وقالت: "تسبب الحصار والقيود المفروضة على الوصول منذ أمد بعيد إلى تقويض اقتصاد غزة، مما تسبب في ارتفاع مستويات البطالة وانعدام الأمن الغذائي والاعتماد على المساعدات، وهذه تشمل القيود المفروضة على تسويق البضائع في الضفة الغربية وإسرائيل، وإدخال بضائع معينة إلى غزة ووصول الناس إلى الأراضي الزراعية ومناطق صيد الأسماك في غزة نفسها".
وأضافت: "إن غارات الاحتلال الاسرائيلي المتكررة أسفرت عن ضياع الأصول وإصابة أشخاص بإعاقات طويلة الأمد، وأزمة الطاقة الحادة"، مؤكدةً أن الاحتلال حاول ويحاول استثمار الانقسام الداخلي الفلسطيني بين الضفة الغربية وغزة وعمل على ترسيخه وديمومته.
ومن جانب آخر أكدت على استغلال الاحتلال للقيود والحصار بمنع دخول مئات اصناف البضائع والأدوية والاحتياجات إلى قطاع غزة المحاصرة تحت ذريعة أصنافًا ذات استخدام مزدوج بحجة المخاوف الأمنية تقوّض جودة الخدمات الأساسية وتعوق الجهود المبذولة لمعالجة احتياجات المواطنين الفلسطينيين.
وختمت الأمم المتحدة تقريرها قائلة: "إن الحصار وقيود الاحتلال منذ العام 2007 تسببت في تأخير بناء المنازل التي دمرها الاحتلال والبنية التحتية اللازمة لمعالجة النمو السكاني المرتفع والدمار الناجم عن قصف الاحتلال المتكررة والتأخر في إصلاحها وترميمها، وأفضى هذا الأمر إلى تراجع نوعية الخدمات الصحية والتعليمية وخدمات المياه والصرف الصحي المتاحة في غزة وإطالة أمد تهجير أولئك الذين فقدوا منازلهم، وخاصة تلك التي تلزم مشاريع المياه والصرف الصحي، يشكّل تحدياً رئيسياً.(İLKHA)