توجت عملية شارع ديزنكوف في تل أبيب، ذروة الهجمات الفدائية التي شهدتها الجبهة الداخلية للاحتلال في الأسابيع الأخيرة، رغم أنها وقعت في وقت حساس بشكل خاص، عشية الجمعة الأولى من رمضان في المسجد الأقصى، وبعد أيام من الهدوء الحذر، لكن وقوعها يؤكد أن الجهود الصهيونيين المبذولة لوقف موجة العمليات لم تؤت ثمارها، بحسب ما أقرت به وسائل إعلام الاحتلال ذاتها.

وبدا لافتا في الساعات الأخيرة، أن دولة الاحتلال بأكملها جلست أمام التلفزيون، لتشاهد الهجوم على الهواء مباشرة، من خلال مطاردة في الشوارع للمنفذ، وصور القتلى والجرحى، وتزايد الشعور بالقلق والخوف، بسبب المكان والزمان المباشرين للعملية، كون تل أبيب مدينة مزدحمة في أمسيات الخميس بالعادة، وهو أيضا اليوم الأول من عيد الفصح اليهودي.

يوآف ليمور الخبير العسكري، ذكر في مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم" أن "إسرائيل ظهرت وكأنها فعلت كل ما بوسعها لكبح الموجة الحالية من العمليات، وظهرت وكأنها نجحت ولكن مؤقتا، بعد هدوء مضلل استمر أياما عدة".

وأضاف: "لكن عملية تل أبيب في الساعات الأخيرة ضربت إسرائيل مباشرة".

وتابع بأن "الهجمات الأخيرة باتت تمثل خطرا داخليا، مقابل الخوف من أن تقليص سبل عيش الفلسطينيين سيؤدي ببعضهم لأعمال معادية، ورغم أن استخدام اسرائيل لكل الروافع السياسية لتهدئة الساحة الفلسطينية، لكن عملية تل أبيب أكدت أن الأمر لا يستحق الرهان"، وفق قوله.

شكل هجوم تل أبيب فشلا آخر للسياسة الصهيونية

وشكلت عملية تل أبيب الأخيرة عنوانا جديدا للتحدي أمام المؤسستين العسكرية والأمنية لدى الاحتلال لمحاولة التفريق بين ساحات المقاومة المختلفة، بعد أن فشل العام الماضي في القيام بذلك خلال حرب غزة الأخيرة، واليوم يظهر أمامها التحدي مجددا ببذل جهد أكبر بكثير لضمان عدم احتراق جميع الساحات في الوقت ذاته عند تقاطع الفصح ورمضان الحساس، وهذا تحدّ معقد، بعد أن شكل هجوم تل أبيب فشلا آخر للسياسة الصهيونية.

ويعاني الصهيونيون كما يبدو بعد الهجمات المسلحة الأربعة الأخيرة في بئر السبع والخضيرة وبني براك وشارع ديزنكوف من نقص المعلومات؛ لأن التوتر الأمني عاد إلى الشوارع، وأظهرت العملية افتقار الأمن الصهيوني إلى القدرة في التعامل مع العمليات الفدائية، رغم أن عيون الشرطة ومسؤولي الأمن الآخرين ركزت على القدس المحتلة، وتم إرسال ثلاثة آلاف ضابط شرطة لتعزيز أمنها؛ خوفا من المواجهات التي قد تندلع في نهاية صلاة الجمعة في المسجد الأقصى.

في الوقت ذاته، فإن الهجوم الأخير في تل أبيب، مثّل العمليات الثلاث السابقة، كان بمنزلة مفاجأة لأمن الاحتلال، الذي لم يصدق أن عام 2022 سيبدأ مع دعوات الشرطة للجمهور الصهيوني للبقاء في منازلهم، ما أعطى انطباعا بفشل سياسة الاحتلال بالنسبة للصهيونيين.

من جانبه، قال كاتب صهيوني آخر، إن "إسرائيل" عقب سلسلة العمليات الكبيرة التي وقعت مؤخرا، "في حالة حرب"، وهذا يتطلب منها "هجوم ساحق وجذري" ضد المراكز التي يأتي منها من ينفذ العمليات.

وقال الكاتب الصهيوني "أرئيل كهانا"، في مقال بصحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية: "ليس هاما لأي تنظيم ينتمي من قام بتنفيذ العمليات، ولا يغير في الأمر من شيء إذا كانوا من داخل الخط الأخضر أم من خارجه".

وخلال الفترة القريبة الماضية، وقعت 4 عمليات كبيرة في الخضيرة، وبئر السبع وتل أبيب، وكان آخر تلك العملية، عملية إطلاق النار التي وقعت أمس في تل أبيب وأدت لمقتل إسرائيليين اثنين وإصابة نحو 15 إسرائيليا بجراح متفاوتة.

وأضاف: "ما حصل هذه الليلة في تل أبيب، بالضبط مثل الهجمات في "بني براك"، الخضيرة وفي بئر السبع، هدفها طردنا من البلاد، على طريقة فرض الرعب".

ورأى الكاتب، أنه "من قاموا بهذه العمليات "يريدون أن يشوشوا روتين الحياة"، على حد قول وزير كبير في الحكومة".

وقال: "هذا يعني أن نبدأ على الفور في حملة منهاجية وواسعة النطاق لجمع السلاح في كل البلاد، حتى لو كان هذا يعني "حرب استقلال 2" لا مفر منها، لأن العنف يتفشى منذ الآن في كل المنطقة".

وفي سبيل مواجهة العمليات ضد الاحتلال، نبه كهانا إلى وجوب "تحرير بناء كتل ضخمة من البناء اليهودي (الاستيطاني) في الضفة الغربية، وهذه هي الرسالة الوحيدة التي ستنجح"، وفق قوله.

وأشار إلى أن "الهجمات الفتاكة التي نتعرض لها، توجد بلا نهاية، ومع الكثير من الشرعية من المحيط".

(İLKHA)