بين اقتحامات واعتداءات الاحتلال والمستوطنين، وصمود الأهالي، بقي حي الشيخ جراح في مدينة القدس المحتلة نقطة اشتعال ساخنة تنذر بانفجار أوسع.
ومع حلول مساء الأربعاء، هاجمت شرطة الاحتلال المواطنين والمتضامنين في حي الشيخ جراح، وأجبرت السكان على الدخول لمنازلهم وعدم الخروج منها.
واقتحم أعضاء كنيست من اليمين ومما تسمى مجموعة “لوبي أرض إسرائيل”، الحي، برفقة أعضاء يمينيين من بلدية القدس منهم المتطرف جوناثان يوسف الذي هاجم السكان.
وسبق ذلك أن اقتحم عضو الكنيست اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، الحي برفقة عدد من المستوطنين، وحماية شرطة الاحتلال.
واعتقلت قوات الاحتلال، مساء اليوم، الشاب بلال الجعبري، وتكررت الاعتداءات على المواطنين من الاحتلال والمستوطنين.
يأتي ذلك في وقت تواصل فيه قوات الاحتلال "الإسرائيلي"، لليوم الرابع تواليًا، حصارها للحي، وتمنع المواطنين المقدسيين من الوصول للحي سواء للتضامن مع سكانه، أو بهدف الزيارات العائلية مع أقربائهم، في حين تسمح للمستوطنين وأعضاء الكنيست الإسرائيلي باقتحام الحي باستمرار وتوفير الحماية لهم.
وبالرغم من هذه التضييقات إلا أن بعض المتضامنين نجحوا في الوصول للحي قبل تفريق تجمعاتهم أكثر من مرة.
ماذا تعرف عن حي الشيخ جراح؟
وحي "الشيخ جراح" من أوائل الأحياء الفلسطينية التي تقام خارج أسوار البلدة القديمة، وتزيد مساحته على 800 دونم، بتعداد سكاني يزيد على 38 ألف نسمة.
و"سُمي هذا الحي بهذا الاسم نسبة إلى الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجرّاحي، وهو أحد أمراء الملك صلاح الدين الأيوبي الذي توفي ودُفن في زاويته الكائنة في الحي عام 1201، وفق المؤرخ عارف العارف، في كتابه "النكبة الفلسطينية والفردوس المفقود".
ويشير العارف إلى الأهمية الإستراتيجية لهذا الحي، باعتباره يقع على طريق نابلس في شمال المدينة.
ويضيف أن الصهاينة صبّوا جلّ اهتمامهم عام 1947 على الحي، مضيفا: "متى استولوا عليه سيطروا على طريق القدس- نابلس، وقطعوا كل اتصال بين الجزء العربي من المدينة والجزء الشمالي من فلسطين".
ويضم العديد من المعالم الحيوية، وهو المفضل للدبلوماسيين والبعثات الدبلوماسية الغربية.
فإلى جانب "مسجد الشيخ جراح"، يقع فندق الأمريكان كولوني الشهير، الذي يعود تاريخه إلى أواخر القرن التاسع عشر.
وليس ببعيد عنه، تقع العديد من القنصليات الدبلوماسية منها البريطانية والإسبانية والتركية والسويدية والبلجيكية والإيطالية والفرنسية وغيرها.
وحتى العام 1990 كان "بيت الشرق" على بعد مئات الأمتار من المسجد، وهو المقر شبه الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي كان القيادي فيصل الحسيني يدير من خلاله شؤون القدس.
وعلى أحد جوانبه، يقع قصر مفتي القدس، الراحل الحاج أمين الحسيني، الذي يقيم الاحتلال مستوطنة على الأرض المحيطة به، كما أن فيه فندق "الامبسادور" الشهير في المدينة.
التطورات الأخيرة
فيما يلي أبرز التطورات التي شهدها الحي في الأيام الماضية:
- مساء السبت 12 فبراير، العشرات من المستوطنين يحتشدون في الجزء الغربي من الحي الشيخ جراح، واقتحموا تحت حماية شرطة الاحتلال أرض عائلة سالم المهددة بالإخلاء من أرضها ومنزلها، بالتزامن مع إعلان عضو الكنيست الإسرائيلي المتطرف ايتمار بن غفير عن نيته نقل مكتبه في اليوم التالي إلى الأرض المذكورة.
- بعد وصول مجموعات من المستوطنين إلى المكان، انتشروا عند مداخل الحي، وشرعوا في الهجوم بالحجارة ورشّ غاز الفلفل مباشرة تجاه وجوه المواطنين الفلسطينيين، واعتدوا على ممتلكاتهم وعلى المركبات المتوقفة في شوارع الحي، تحت مرأى قوات الاحتلال التي أمّنت اعتداءاتهم، وقمعت سكان الحي بالضرب، وأطلقت قنابل الصوت تجاههم، واعتقلت 6 مواطنين منهم.
- صباح الأحد 13 فبراير، وصل عضو الكنيست بن غفير إلى أرض عائلة سالم في الحي، برفقة العديد من المستوطنين تحت حماية الاحتلال، ونفذوا اعتداءات متكررة على مدار اليوم، وأسفر ذلك عن إصابة 31 شخصًا واعتقال 9 آخرين. وأقدمت قوات الاحتلال على فرض حصار مشدد على المنطقة، ومنعت قوات الاحتلال العشرات من المواطنين والنشطاء المتضامنين من الوصول إلى الحي، وأوقفت حركة السير والمرور عبره، ونصبت السواتر الحديدية بكثافة في محيط أرض عائلة سالم، ومنعت السكان من الوصول إليها، في حين سمحت للمستوطنين بالوصول للمكان.
- بعد قيام عضو الكنيست بن غفير بجولة في الحي، أعلن عن بدء متابعته أعماله البرلمانية داخل الخيمة التي أقامها المستوطنون لاستقباله في أرض عائلة سالم، واستقبل المستوطن المتطرف باروخ مارزل، ونائب رئيس البلدية أرييه كينج، وعشرات المستوطنين في الخيمة، ثم أدوا الصلوات والرقصات وعلقوا اليافطات والأعلام الإسرائيلية في المكان. خلال ذلك اعتدوا على عائلة سالم الموجودة أمام منزلها، بالضرب بالأيدي والكراسي ورشّ غاز الفلفل، فاقتحمت قوات الاحتلال المكان، واعتدت هي الأخرى على أفراد عائلة سالم لإجبارها على الدخول إلى منزلها، واعتقلت نجلها خليل، وأمّنت الحماية الكاملة للمستوطنين وبن غفير.
- الاثنين والثلاثاء تكررت اعتداءات الاحتلال والمستوطنين، وسجلت عدة إصابات واعتقالات. (İLKHA)