وقال سعيّد إن "وزارة الداخلية توجهت نحو النيابة لإصدار بطاقة قضائية ضد إرهابي، إلا أن ممثل النيابة رفض ذلك وطلبت من الوزارة توجيه استدعاء للمعني بالأمر".
كما حث الرئيس "القضاة الشرفاء على أن يكونوا قوة مبادرة واقتراح"، قائلا إن "القضاء ليس دولة داخل الدولة، عليه أن يطبق القانون، وسيحاسب إن خرج على القانون".
كما شدّد رئيس البلاد على "رفض كل المحاولات المشبوهة للتدخل في الشأن الداخلي"، مؤكدا على أن "الدولة التونسية واحدة وشعبها واحد وقوانينها واحدة، وعلى أنه لن يتم التسامح مع كلّ من يحاول إسقاط الدولة أو توظيف مرافقها التي يجب أن تظل عمومية ومحايدة".
أثارت تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيّد الأخيرة بخصوص القضاة، موجة استنكار واسعة لدى المعارضة، التي دعت للدفاع عن استقلالية القضاء في ظل محاولة إخضاعه من قبل السلطة التنفيذية.
وقال سعيّد في خطاب إنه "لا وجود لدولة قضاة بل هم قضاة الدولة".
وأضاف: "ما أسمعه وما أقرأه وما أحتقره وأزدريه هو أن يتحدث قاض عن الانقلاب. ما دخله في مسألة الانقلابات أو غيرها فواجب التحفظ والحياد يقتضي أن يلازم الصمت ويطبق القانون بكل أمانة".
وبدأ الجدل بين القضاة ورئيس البلاد منذ أن أعلنت وزيرة العدل ليلى جفال، في أكتوبر الماضي، إعداد مشروع قانون يتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء بطلب من سعيّد، ما أثار حفيظة العديد من القضاة.
ولم تخل خطابات قيس سعيّد، طوال الفترة الماضية من التطرق إلى مجال القضاء، إذ عادة ما يشير إلى أن القضاء "قضاء الدولة"، وأنه "مستقل لا سلطان عليه غير القانون"، و"لا طريق إلى تطهير البلاد إلا بقضاء عادل"، و"قضاة فوق كل الشبهات"، وأن "قضاء مستقلا أفضل من ألف دستور".
وفي كل مرة، تصدر هيئات قضائية بيانات للتنديد بأي تدخل في القضاء، مشددة على ضرورة عدم المساس بالسلطة القضائية والبناء الدستوري.
ومؤخرا، أصدر المجلس الأعلى للقضاء بيانا، جدد من خلاله موقفه الرافض لمشروع قيس سعيّد إصلاح المنظومة القضائية في ظل التدابير الاستثنائية، التي أعلنها في 25 يوليو الماضي.
وحذر المجلس من خطورة تواصل عمليات التشويه والضغط التي تطال القضاة ومن تبعات زعزعة الثقة في القضاء، ويرى مراقبون أن الجدل بين المجلس والرئاسة سيؤثر بنهاية المطاف على مؤسسات الدولة والقانون.
وجاء هذا البيان في وقت تتداول فيه أنباء بتونس بخصوص مزاعم سعيّد إعلان حل مجلس القضاء، المنتخب من قبل القضاة، وتعويضه بلجنة أخرى يختار الرئيس أعضاءها.
والمجلس الأعلى للقضاء هو مؤسسة دستورية تونسية، أقرها دستور 2014، تضمن في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية، طبق أحكام الدستور والمعاهدات الدولية المصادق عليها، فيما دارت أول انتخابات للمجلس في 23 أكتوبر 2016.
وبدأ الرئيس التونسي قيس سعيّد، سلسلة من التدابير الاستثنائية منذ 25 يوليو الماضي، حيث إنه أعلن تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين،
وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وعزل الحكومة وتعويضها بأخرى غير مصادق عليها من قبل البرلمان.
وفي 22 سبتمبر، قرر سعيّد تعليق العمل بأغلب فصول الدستور، فضلا عن مواصلة تعليق أعمال البرلمان وإلغاء الامتيازات الخاصة بأعضائه، وتعطيل عمل بعض الهيئات الدستورية.
وتعمقت الأزمة السياسية بتونس بعد إعلان الرئيس، في 13 ديسمبر الماضي، عن تنظيم انتخابات تشريعية وفق قانون انتخابي جديد يوم 17 ديسمبر 2022، وعرض مشاريع تعديلات دستورية لصياغة دستور جديد على الاستفتاء في يوليو القادم. (İLKHA)