تصادف اليوم ذكرى الثلاثون لاستشهاد الأستاذ البطل إبراهيم قزماز على يد عصابات حزب العمال الكردستاني (PKK) الشيوعي. ولا يزال طلابه يسيرون على نهجه.
ولد الشهيد الأستاذ إبراهيم قزماز في قرية آقبورج (كَلَهْ) التابعة لمحافظة باطمان عام 01.01.1956 . بعد إنتهاء مراحل دراسته بدأ بوظيفة تدريس في قرية تب أوستو (تلمنار) التابعة لمدينة نصيبين في محافظة ماردين. درس في هذه القرية سبع سنوات، وفي عام 1984 إنتقل إلى مدينة نصيبين وأقام فيها حتى استشهاده في 06 يناير 1992
بدأ الأستاذ إبراهيم نشاطه ودعوته الإسلامية حين مارس عمله التدريسي في قرية تلمينار. آنذاك كان يعمل في تلك المنطقة بعض المنظمات الإشتراكية اليسارية. ولنشاطه وإهتمامه ودفاعه عن الفكر الإسلامي فقد عرف بتوجهه الإسلامي قبل عام 1980. كانت علاقته مع القرويين جيدة جدا وكان يجادل المنظمات الشيوعية دفاعا عن الفكر الإسلامي. وقد أثمر نشاط الأستاذ إبراهيم وتجمع حوله بعض الشباب. لذلك هدد وقطع طريقه وأرادوا منعه من نشاطاته. ولكن الأستاذ إبراهيم كان أستاذا شجاعا لم يخف من لومة لائم ولم يتنازل عن فكره.
كان الأستاذ إبراهيم يقرأ الكتب. وكان يعطي الشباب كتبا لقرآتها. وكان دائما ما يغلب الشيوعيين في المناقشات الجدالية الفكرية. وكان يوصي الشباب بالذهاب إلى المساجد وقراءة القرأن الكريم والكتب الدينية. ويساعدهم في هذا المجال. وكان الأستاذ يعرف الكتب المعاصرة ككتب حسن البنا وسيد قطب و الإمام الغزالي و بديع زمان سعيد النورسي ويقرؤهم.
بعد أن ازداد الشباب المتدين وشكلوا قوة حول الأستاذ إبراهيم لقي بعض المقاطعات. فكان كثير من الأهالي لا يسلمون على هؤلاء الشباب ولايردوا على سلامهم خوفا على أنفسهم من حزب العمال الكردستاني. وبسبب هذه المقاطعة كانوا لايجدون محرثا لحرث مزارعهم. و لا يجدون سيارات ليذهبوا بها لشراء حوائجهم. ورغم كل هذا لم يكن الأستاذ إبراهيم يريد أن يقطع علاقاته مع الناس وكان يقول للشباب: "دعوانا تحتم علينا أن نبادرهم بالسلام ونغطي إحتياجاتهم وعسى أن نتألف قلوبهم"
حمل الأستاذ إبراهيم دعوته وتبليغه إلى القرى المجاورة أيضا. وبدأ يصرف راتبه الذي يكسبه من المدرسة في طريق الدعوة. ويذهب إلى القرى المجاورة لأجل تبليغ دين الله تعالى. وكانت خطاباته قوية ومؤثرة وفوق هذا كان شاعرا مؤثرا جدا.
وبعد إحتلال العسكر في 12 سبتمبر1980 الذي في تركيا رشح الأستاذ إبراهيم نفسه في أول إنتخابات لرئاسة بلدية مدينة نصيبين ولكن لم يفز. وبعد هذا نقل بيته إلى نصيبين وبدأ عمله التدريسي في إحدى المدارس الإبتدائية.
بعد انتقاله إلى نصيبين فتح مكتبة بإسم "مكتبة الفكر" لخدمة الإسلام وبهذه الطريقة أعطى الشباب كتبا فكرية وأعطاهم الفكر والوعي الإسلامي القوي.
ذهب مرارا إلى باب العلماء وإمام المنطقة ليحفزهم على نصرة الدين.
كان الأستاذ إبراهيم يحب الأطفال بشكل كبير. وكان يشتري لهم الهدايا ويحمل معه دائماً شيئا في جيبه للأطفال. ويشتري للأطفال العديد من الحاجات كأحذية وما شابه ذلك.
كان حليماً وسلمياً مع المسلمين ولا يغضب إذا أساء إليه أحد إخوانه، ولكن لا يتنازل ولا ينكسر للعدو. كان الأستاذ شاعراً يكتب الأشعارا الجميلة باللغة الكردية، وكان شعره عن الإسلام والمظلومين.
كان الأستاذ إبراهيم يسلم على الناس في الطرق ويستمع الى مشاكلهم، ويهتم بأمرهم لذلك كان يقضي أكثر أوقاته في الشوارع ويستمع الى مشاكل الناس الذين كانوا يحبونه لأخلاقه الحسنة.
وكان يقول لإخوانه: "قوموا.. قوموا.. أنتم تنامون ولكن الكفر يعمل في الليل والنهار، ما هذه الحال التي أنتم عليها.. أفيقوا من غفلتكم"
وكان بكّاءً عند قراءته للقرآن الكريم، فقد كان يقضي يومه بالقراءة و العبادة عندما يكون في البيت، كما كان يعتني بالشباب الذين يأتون إلى بيته ويحدثهم عن الإسلام.
كان الأستاذ إبراهيم يحضر بيوت العزاء، ويخاطب الناس عن الإسلام.
وعندما عرضت له رئاسة شركة تساهمية لم يقبل ذلك. وتابع عمله التدرسي مع الأطفال وكان يعلمهم قرآءة القرآن الكريم أيضا. وقال في أحد مرة: " عندما يتخرج الشاب من عندي أعطيه شهادتين: الشهادة الإبتدائية وشهادة قراءة القرآن الكريم، فأنا أتيت إلى الدنيا مرة واحدة؛ لذلك أريد أن أفني عمري في خدمة الإسلام. لا أريد مناصب الدنيا أريد مناصب الآخرة فقط"
وكثيرا ما كان يتردد في فمه هذا الدعاء: "يا ربي أكرمني بالشهادة مقترنة بالعز والشرف"
عندما استشهد الأستاذ كان الجو باردا جدا ولم يكن في بيته شيء ليحرقه، وعندما سئل كيف تقضي أيام الشتاء قال: "أنا لا أفكر بهذا، كل همي هو الدعوة إلى الله تعالى، وأنا جاهز أن أفدي دين لله تعالى بكل ما أملك.. نعم نحن نضيق في هذه الدينا ولكن في الآخرة نرى الفرح والسعة بإذن الله."
كانت مدينة نصيبين آنذاك مضطربة، وأفراد حزب العمال الكردستاني الشيوعي يقولون أن شباب جماعة حزب الله يريدون الشريعة، ولذلك يتعدون على الشباب المسلمين، فبينما كان الأستاذ جالسا في بيته ضرب حزب العمال الكردستاني صاروخا إلى بيته وهذا الصاروح ثقب سقفه ولكن لم ينفجر بعون الله تعالى.
ولكن في 06 يناير 1992 عندما خرج الأستاذ من المدرسة نصبت عصابة من الحزب المرتد كمينا له في طريقه وأطلقوا عليه النار، فاستشهد الأستاذ إبراهيم رحمه الله، بعد أن أصاب جسده 18 رصاصة.
نسأل الله أن يتقبل شهادته (İLKHA)