ففي ذلك اليوم، قرر سعيد إقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، على أن يتولى بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، بالإضافة إلى تجميد اختصاصات البرلمان لمدة 30 يوما، ورفع الحصانة عن النواب، وترؤسه النيابة العامة، ولاحقا أصدر أوامر بإقالة مسئولين وتعيين آخرين.
ورفضت غالبية الأحزاب التونسية قرارات سعيد الاستثنائية، واعتبرها البعض "انقلاباً على الدستور".
لكن مرّ نحو شهر، ولم يكشف الرئيس سعيد عن اسم الشخصية التي ستقود الحكومة في المرحلة المقبلة، وإن صرح الجمعة بأنه سيتم الإعلان عن الحكومة الجديدة خلال الأيام القليلة القادمة.
وهو ما يزيد الغموض بشأن ما ستحمله الأيام المقبلة من تطورات بخصوص نيّات سعيد السياسية وما يراه مناسبا في سدّ الفراغ السياسي الراهن، جراء تجميد عمل البرلمان ومواصلة التعيينات والقرارات المنفردة، ما يثير قلق قطاع من التونسيين، بالإضافة إلى عواصم إقليمية وغربية.
خريطة الطريق
المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أرجع تأخر سعيّد في الكشف عن خريطة طريق سياسية، إلى أن "الأمر غير مهم بالنسبة له وهو غير ملزمٍ بها، وما يفعله اليوم هو تطبيق لما يعتقد بأنها خريطة طريق".
وقال: "عمليًا وسياسيًا، رئيس الجمهورية مدعوٌ بأي شكل من الأشكال إلى تحديد وتشخيص الوضع الرّاهن، وتعيين رئيس وزراء أو وزيرٍ أول.. في خطة رئيس حكومة، يحدد سعيّد الصفة والمسئولية حسب ما يراه مناسبًا، ووجود هذه الشخصية أمر ضروري لإدارة الشأن العام الداخلي والخارجي".
واعتبر الجورشي أن افتراض ضرورة وجود خريطة الطريق هذه يتطلب حسب ما يُلاحظ "إنهاء التعيينات في قيادة الأجهزة الأمنية أولا، الأمر الذي قد يأخذ وقتًا طويلًا نوعًا ما".
ورأى أن "الجانب الاقتصادي سيكون مهمًا في تحديد الأولويات بالنسبة لرئيس الدّولة في اسم الشخصية التي قد يعينها في منصب رئيس الوزراء، بسبب الوضع الاقتصادي الحساس الذي تمر به البلاد".
وزاد بأن "تونس في مفاوضات معلقةٍ مع صندوق النقد الدولي، وعلى الرئيس ضبط كيفية التّعامل معه، خاصة في وجود شروط ومطالب إصلاحات، والصندوق غير ملزم بمساعدة تونس ما لم تلتزم بالشروط المحددة".
ورجّح أن "فترة الشهر المعلنة سابقًا سيتم التمديد فيها إلى 4 أو 6 أشهر، ليكون الاستثناء هو القاعدة، حيث كشف الرئيس عن نيته بعدم العودة إلى ما كانت عليه الأمور قبل 25 يوليو الماضي، ولعدم ورود استئناف نشاط البرلمان بنفس الطريقة، ولو مؤقتًا".
وعن السيناريوهات المقبلة، اعتبر الجورشي أن "المسألة الدستورية والقانونية واجتهادات الرئيس لن تكون غائبة في الفترة المقبلة، ولا أحد قادر على التّكهن بتنظيم انتخابات سابقة لأوانها من عدمها، الأمر الذي يجب أن يُسبق بتحوير (تعديل) دستوري وإحاطة الرئيس نفسه بجملة من الخبراء".
وأردف: "التكهنات عديدة ويصعب الإجابة عن سؤال موعد كشف خريطة الطريق في الحين، لكن الاحتمالات مفتوحة على أكثر من سيناريو، أغلبها غير واضحة أو هي معلومة فقط لدى الرّئيس دون سواه." (İLKHA)