ترأس الرئيس أردوغان اجتماع مجلس الحكومة الرئاسية في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، وعقب الاجتماع ألقى خطابا موجها للشعب تطرق فيه إلى القضايا التي تم تناولها خلال الاجتماع.

قال الرئيس أردوغان، "سنفرض إغلاقًا تاما اعتبارا من السابعة مساء الخميس 29 أبريل/نيسان الجاري حتى الخامسة صباح الإثنين 17 مايو/أيار المقبل. وسيتم تطبيق حظر التجول المستمر بين هذه التواريخ.  كافة المحلات ستوقف أنشطتها باستثناء الجهات المستثناة في مجالات مثل الإنتاج والتصنيع والغذاء والنظافة والصحة المحددة في تعميم وزارة الداخلية".

وأشار الرئيس أردوغان، إلى أنه استضاف قبل اجتماع مجلس الحكومة الرئاسية رئيس جمهورية قبرص التركية، أرسين تتار، وأنه تناول معه العلاقات الثنائية إلى جانب الاجتماع غير الرسمي لمجموعة 5+1 المزمع عقده في جينيف غدا، مضيفا " سيطرح السيد تتار في جنيف رؤية حل الدولتين على أساس المساواة في السيادة بدعم من الشعب القبرصي التركي. ونحن في تركيا سنقدم الدعم الكامل لهذه الرؤية. ولن نتهاون حيال العقلية التي تسعى لتركيع أشقائنا القبارصة الأتراك عبر الحصار وعرقلة الحل في قبرص. وبغض النظر عن نتيجة الاجتماع، سنواصل الوقوف إلى جانب أشقائنا القبارصة الأتراك".

وأفاد الرئيس أردوغان، أن القوات المسلحة التركية شنت مؤخرا عملية شاملة بمشاركة عناصر برية وجوية ضد أوكار تنظيم  بي كي كي / واي بي جي الإرهابية في شمال العراق،  وأردف قائلا: " مثلما خلّصنا حدودنا مع العراق وسوريا من تحرشات التنظيمات الإرهابية لن نسمح بتشكيل كيان إرهابي وراء حدودنا أيضا. على الرغم من أنه لا يزال هناك من لا يفهم حساسيتنا وتصميمنا في هذا الأمر، إلّا أننا سنجعل الجميع يقبل الحقائق من خلال النضال الذي نخوضه في الميدان وعلى الطاولة".

"الرئيس الأمريكي بايدن استخدم عبارات غير محقة لا أساس لها وتخالف الحقائق"

وقال الرئيس أردوغان " لقد استخدم الرئيس الأمريكي بايدن في رسالة نُشرت في 24 أبريل، عبارات غير محقة لا أساس لها وتخالف الحقائق بشأن أحداث أليمة وقعت في منطقتنا قبل أكثر من قرن. عن هذه العبارات التي ليس لها أساس تاريخي أو قانوني، تزعجنا كثيرا مثلما تزعج كل فرد من أفراد أمتنا. نعتقد أن استخدامه لهذا الوصف جاء نتيجة لضغوط الجماعات الأرمنية المتطرفة والمعادية لتركيا. لكن هذا الوضع لا يلغي الآثار المدمرة على العلاقات بين البلدين".

ونوه إلى أن تركيا لا ترى أن جعل آلام الشعوب في الماضي محل منافسة أمرا إنسانيا، لكن إن كان ولا بد فإن تركيا الدولة الوحيدة التي ستخرج من هكذا منافسة مرتاحة الضمير، مشددا على أن كافة الجهات التي تتهمنا بالإبادة الجماعية وخاصة أمريكا وأوروبا ستصبح بعد هكذا منافسة غير قادرة على مواجه العالم.

وقال "في الواقع، حدثت أكبر الخسائر في صفوف المدنيين وتحركات السكان ذات الصلة في القرنين الماضيين في الجغرافيا العثمانية، أي في وطننا. إن نصف السكان في الأراضي العثمانية الممتدة من البلقان على القوقاز البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، عانى نصفهم من الموت ونصفهم الأخر من آلام المنفى. علاوة على ذلك، نحن لا نقول هذا، بل المؤرخون الغربيون هم من يقولون ذلك".

وتابع "يجب ترك مهمة تقصي الأحداث التاريخية وكشف الحقائق للمؤرخين وليس الساسة. لم نتلق لغاية الآن ردا على اقتراحها بإنشاء لجنة مشتركة للتاريخ بشأن المزاعم الأرمنية التي تم التعبير عنها على مدى سنوات".

"قرار النقل والإسكان المؤقت لم يشمل كافة المواطنين الأرمن في الدولة العثمانية وإنما اقتصر فقط على الحاضنة الشعبية للعصابات الأرمنية التي ترتكب المجازر في مناطق محددة"

لفت الرئيس أردوغان، إلى أن ما حدث في يوم 24 نيسان/أبريل 1915 هو أن الحكومة العثمانية أغلقت منظمات تعاونت مع البلدان المعادية أثناء الحرب وأوقفت 235 من قياداتها. منوها إلى أنه لم يحدث أي خسائر في الأرواح بعد ذلك لعدم وجود قرار النقل والإسكان ولا تطبيق له حتى ذلك الحين.

وتابع " لقد اعتمدت الجالية الأرمنية في بلادنا هذا التاريخ كيوم لإحياء ذكرى معاناتهم، تماشيا مع الممارسة العامة في العالم. على الرغم من أننا نعرف ما حدث بالفعل في هذا التاريخ، إلا أننا نحترم اختيار الجالية الأرمنية ونرسل لهم رسالة نشاطر فيها آلامهم".

كما قال الرئيس أردوغان في سياق متصل " بعد هذه الاعتقالات التي قامت بها الدولة العثمانية في 24 أبريل / نيسان، اتخذت قرار نقل وإسكان الأرمن في 27 مايو/أيار 1915 وجرى تنفيذه اعتبارا من 1 حزيران/يونيو من ذلك العام. إن الإجراءات التي تم اتخاذها كانت بمثابة تدبير ضد تمرد قائم ومجازر متصاعدة وليس ضد تهديد محتمل".

كما أشار إلى أن قرار النقل والإسكان المؤقت لم يشمل كافة المواطنين الأرمن في الدولة العثمانية وإنما اقتصر فقط على الحاضنة الشعبية للعصابات الأرمنية التي ترتكب المجازر في مناطق محددة، وأردف قائلا: " انتقل ما يقرب من 350 ألفًا من هؤلاء السكان إلى الأراضي الروسية خلال فترة الحرب. هذا الرقم يصل إلى 500 ألف مع أولئك الذين سافروا إلى إيران. وعليه فان عدد الذين شملهم قرار النقل والإسكان لا يتعدى 600 ألف على أقصى تقدير بحسب التقارير الأمريكية والرقم الحقيقي أقل في الواقع. عدد الذين فقدوا حياتهم من الأرمن خلال عملية تبديل أماكنهم بالكاد يصل إلى 150 ألف شخص وذلك جراء الأوبئة والحوادث الأمنية أو الاشتباكات مع قوات الأمن وبالطبع كل واحد منهم روح بشرية ورقم هام والمؤرخون والساسة الأرمن يعترفون أيضا بتضخيم الأرقام الحقيقية عبر إضافة صفر إليها".

" لا يوجد أي مكان تجدون فيه مقبرة جماعية للأرمن لأنها لم تقع أصلا"

شدد الرئيس أردوغان، على أن الدولة العثمانية لم ترسل السكان الأرمن إلى أي بلد آخر بل انتقلوا داخل أراضي البلاد، واستطرد بالقول " لقد تم منح الأشخاص الخاضعين لهذا القانون أسبوعا للاستعداد، وإعفاء من لديهم عذر من النقل. كما تم اتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة أثناء عملية النقل، وتم إرسال المخصصات اللازمة للوحدات المحلية لهذا الغرض. يا أيها السيد بايدن إن الدولة العثمانية أقامت دور أيتام للأطفال الأرمن الذين لم يتبق لهم معيل، ولم تضع أي عراقيل أمام تقديم مساعدات خارجية للمتضررين. هناك مقابر جماعية للأتراك قتلهم الأرمن في أماكن كثيرة لكن لا يوجد أي مكان تجدون فيه مقبرة جماعية للأرمن لأنها لم تقع أصلا".

وتابع " خلال فترة الحرب، واصل 300 ألف أرمني إدامة حياته في بلدنا، معظمهم في اسطنبول ومدننا الغربية. حاليا، لا يزال هناك 100 ألف أرمني يعيشون في اسطنبول. نحن لم نكن ابدا من أولئك الذين يمارسون الاقصاء في هذه المواضيع. إن عدد السكان الأرمن في إسطنبول بلغ في فترة من الفترات نحو 650 ألف نسمة مع احتساب العائدين عقب الحرب. يا سيد بايدن، من المؤكد أن الناس لا يعودون طواعية إلى مكان تعرضوا فيه لإبادة جماعية".

من جهة أخرى لفت الرئيس اردوغان، إلى انه قبل قرن كان أكثر من 80 بالمائة من السكان في المنطقة الجغرافية التي تقع فيها أرمينيا اليوم مسلمين، أما اليوم لم يتبق أحد تقريبا من المسلمين الأتراك والشركس في نفس المنطقة، مضيفا "ما حدث في قرة باغ ومدن أذربيجان المحتلة منذ حوالي 30 عاما واضح أيضا للعيان".

"لا يمكنكم إلصاق تهمة الإبادة الجماعية بالأمة التركية"

ذكّر الرئيس أردوغان، بتهجير نحو مليون شخص من إقليم قره باغ في فترة الاحتلال الأرميني، وفشل مجموعة مينسك بقيادة روسيا وفرنسا وأمريكا من حل قضية الإقليم المحتل على مدار 3 عقود.

كما أشار إلى أن ما تعرض له الهنود الحمر في أمريكا أمر معلوم ولا داعي للخوض في هذا الموضوع بشكل مفصل، وأضاف "بينما كل هذه الحقائق ماثلة للعيان، لا يمكنكم إلصاق تهمة الإبادة الجماعية بالإنسان التركي والأمة التركية".

وجدد الرئيس أردوغان دعوته إلى كل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية لفتح أرشيفاتها فيما يتعلق بأحداث 1915 إن كانت تمتلك الشجاعة لذلك، وأضاف بالقول "أمريكا والدول الأوروبية تقف إلى جانب مغالطات وافتراءات وأكاذيب من يتهربون من الحديث بوثائق أرشيفية تاريخية، وبذلك لا يظهرون العداء لنا فحسب، بل يخونون العلم أيضًا".

"ليس لدينا مشكلة مع المجتمع الأرميني"

قال الرئيس أردوغان، "ليس لدينا مشكلة مع الجالية الأرمنية. لقد عشنا مع هؤلاء الناس منذ ألف عام، وما زلنا نعيش في سلام مع بعضهم. نود أن نبني علاقات مع أرمينيا على أساس حسن الجوار بغض النظر عن الطريقة التي أقيمت بها. وتحقيقا لهذه الغاية، اتخذنا خطوات قدمنا ​​فيها دائما التضحيات خلال الـ 16 عاما الماضية. ومع ذلك، للأسف الشديد لم تلاقي خطواتنا هذه ردا صادقا من الطرف المقابل".

وأعرب عن أمله في أن تعود الولايات المتحدة بأسرع وقت عن هذه الخطوة الخاطئة، مؤكدا أن الاتهامات كالإبادة الجماعية هي مواضيع حساسة للغاية ولا يمكن أن تكون موضوعا للسياسة.

"نحن على استعداد للحوار مع الجميع في كل مكان"

قال الرئيس أردوغان، إن "كل ما نريده هو ألا تتعرض بلادنا لممارسات وسلوكيات وقرارات غير عادلة ومزدوجة المعايير تتخذ تحت تأثير الفئات المهمشة. نحن على استعداد للحوار والتوصل إلى اتفاق والتعاون مع الجميع على كل الأصعدة طالما يتم احترام موقفنا كدولة تقدر حريتها ومستقبلها فوق كل شيء".

وتابع "أعتقد أننا سنناقش كل هذه الأمور وجها لوجه مع الرئيس الأمريكي بايدن خلال اجتماعنا في يونيو / حزيران المقبل ونفتح الأبواب لعصر جديد. أود أن أذكر السيد بايدن أننا لسنا غرباء. كانت لدينا علاقات متميزة. حتى أنه تفضل بزيارتي في منزلي أثناء مرضي".

وجدد تأكيده على رغبة تركيا الصادقة في العمل سوية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في ظروف عادلة وعلى قدم المساواة، مؤكدا أن هذا التعاون المنشود سيكتسب أهمية أكبر وسيكون لمصلحة الجميع لا سيما في مرحلة إعادة هيكلة النظام العالمي السياسي والاقتصادي. (İLKHA)